دعا وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي الدول العربية إلى إيلاء العناية اللازمة للاستثمارات الصينية المتصلة بنقل المعارف والتكنولوجيا عبر تجسيد المزيد من برامج التكوين والشراكة والتسيير المشترك، وأبرز أهمية إنشاء آلية مرنة لضمان تنسيق أكبر وأنجع لميادين التعاون، مجددا دعم الجزائر لمنتدى التعاون الصيني- العربي الذي بلغ مستويات متقدمة في تطوير التعاون بين الجانبين على أساس التضامن والمنفعة المتبادلة. وأكد السيد مدلسي خلال تدخله في أشغال الدورة الخامسة للمنتدى الصيني الذي احتضنته مدينة الحمامات التونسية أول أمس أهمية أن تركز البلدان العربية اهتمامها على الاستثمارات الصينية المتصلة بتحويل التكنولوجيا وتحويل المعارف، من خلال تسطير وتجسيد المزيد من برامج التكوين والتسيير المشترك، مبرزا في نفس الصدد أهمية توسيع المشاريع المشتركة لتأخذ طابع المشاريع المتعددة الأطراف بين الدول العربية والصين، فضلا عن ترقية التعاون الثنائي. كما شدد الوزير على أهمية إنشاء آلية مرنة لتأمين التنسيق الضروري والفعال لمجالات التعاون بين الدول العربية والصين في الفترة التي تفصل الدورتين الوزاريتين للمنتدى العربي-الصيني، منوها بالعلاقات التجارية بين الطرفين والتي بلغت -كماقال- مستويات استثنائية فاقت كل التوقعات وتجاوزت كل الأهداف المسطرة لها، بوصول حجم المبادلات إلى ما يقارب 200 مليار دولار. غير ان المتحدث أشار في المقابل إلى ان حجم الاستثمارات الصينية بالبلدان العربية ما يزال ضعيفا، لا يتجاوز 7 مليارات دولار، وهو رقم لا يعكس مستوى العلاقات العربية الصينية على حد قوله، مذكرا في هذا الصدد بتبني المنتدى العربي الصيني الخامس توصية ترمي إلى دفع الاستثمارات قدما، لاسيما في الميادين التي تعتبر تكاملية مثل الطاقة والطاقة المتجددة والزراعة والسياحة ليصل حجم الاستثمارات الصينية بالبلدان العربية مع آفاق سنة 2014 إلى حدود 20 مليار دولار. وبخصوص التعاون في مجال السياحة ذكر المتحدث بأن هذا القطاع قد يسمح للطرفين بإعطاء دفعة جديدة للسياحة الوطنية لكل دولة على حدة ويسهم في التقارب ما بين الثقافات الصينية والعربية، داعيا إلى خلق مناخ بالدول العربية يشجع أكثر على جلب الاستثمارات الخارجية بصفة عامة والاستثمار الصيني بشكل خاص. وعلى الصعيد السياسي أشار الوزير إلى ان المنتدى العربي الصيني سمح بتبني تصريح نهائي حول سوريا يمثل قاسما مشتركا بين الدول العربية والصين، يؤكد عدم التدخل الأجنبي في هذا البلد وان يكون حل هذه المعضلة حلا سوريا وسياسيا مع تفادي أعمال العنف المرتكبة من أي طرف كان. كما أبرز الجانبان ضرورة تمسك الأطراف السورية المعنية بتنفيذ خطة المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية السيد كوفي عنان وكذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين سوريا وجامعة الدول العربية. وبخصوص القضايا الإقليمية والدولية تطرق السيد مراد مدلسي للقضية الفلسطينية التي تعد جوهر الصراع في الشرق الأوسط منوها بالدعم والتأييد الصيني لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. مع الإشارة إلى أن المشاركين في المنتدى جددوا في البيان الختامي للقاء التأكيد على وحدة المواقف إزاء كافة القضايا العادلة في العالم وأدانوا الإرهاب بكافة أشكاله، معبرين عن رفضهم القاطع لربط الآفة بدولة أو بشعب أو دين بعينه، ودعا البيان الختامي إلى ضرورة مكافحة آفة الإرهاب على أساس ميثاق الأممالمتحدة وقواعد القانون الدولي ودعم تطبيق إستراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الارهاب. وفي حوار أدلى به لوكالة الأنباء الصينية ''شينخوا'' عشية انعقاد منتدى التعاون الصيني-العربي الخامس، أكد السيد مراد مدلسي أهمية هذا المنتدى الذي بلغ مستوى متقدما، وأصبح يمثل فضاء هاما للحوار والتشاور وإطارا للتفكير من أجل تطوير وتوسيع التعاون بين الصين والعالم العربي على أساس التضامن والمنفعة المتبادلة، مجددا دعم الجزائر لهذا المنتدى. وفي حين أبرز أهمية إنشاء مثل هذا الفضاء الذي يستجيب لإرادة مشتركة للمضي نحو عالم متعدد الأقطاب يكون أكثر تفتحا على الحوار والتشاور الدولي على غرار ''طريق الحرير'' التي كانت في القديم بمثابة جسر بين الحضارتين الصينية والعربية، أوضح الوزير أنه منذ إنشاء المنتدى عام 2004 مكن التشاور بين الصين والبلدان العربية من ملاحظة تقارب وجهات النظر حول عدة مسائل سياسية دولية بما في ذلك التمسك المشترك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وترقية السلم والأمن الدوليين بالخصوص في منطقة الشرق الأوسط. أما على الصعيد الاقتصادي فقد مكن المنتدى من مضاعفة المبادلات التجارية بين الجانبين مقارنة مع الهدف المسطر خلال المنتدى الأول (100 مليار دولار). وأعرب المتحدث عن ارتياحه لآلية ترقية الموارد البشرية التي يشارك في إطارها قرابة ثلاثين إطارا جزائريا سنويا في ملتقيات مختصة في مجالات السياحة والمالية والطاقة والصيد البحري والاتصال والبيئة والفلاحة، مشيدا بتضامن الصين مع البلدان العربية وكذا مشاركتها من أجل مرافقة جهودها في إطار الإستراتيجية الخاصة بالتنمية الاقتصادية. ولدى تطرقه لشعار المنتدى الخامس والمتعلق بالوسائل الكفيلة بتعميق التعاون الاستراتيجي وترقية التنمية المشتركة، أكد رئيس الديبلوماسية الجزائرية أهمية التحويل التكنولوجي الذي يمثل عاملا أساسيا للتنمية، كما أبرز أهمية التعاون في قطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال الذي حققت فيه الصين خبرة وتحكما كبيرين. وقد أجرى السيد مدلسي على هامش المنتدى الذي احتضنته مدينة الحمامات وحضره وزراء الشؤون الخارجية ل17 بلدا عربيا، محادثات مع رئيس الحكومة التونسية المؤقتة السيد حمادي الجبالي، تمحورت حول دعم العلاقات الثنائية بين البلدين ولاسيما في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. وحسب مصدر من الوفد الجزائري فإن المحادثات تناولت التحضيرات الجارية من اجل عقد اجتماع اللجنة الجزائرية التونسية المشتركة في الأشهر القادمة ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة وتعزيز المشاريع التنموية بين البلدين، لا سيما في المناطق الحدودية. كما تطرق الجانبان إلى القضايا المتصلة باستكمال البناء المغاربي والاستعداد الرامية إلى عقد القمة المغاربية المقبلة خلال شهر أكتوبر المقبل بتونس، وتطرقا أيضا إلى الوضع السائد في منطقة الساحل بشكل عام وعبرا عن انشغالهما إزاء الأحداث التي تعرفها مالي، مؤكدين الأهمية القصوى للحوار بين كل الأطراف المكونة للمجتمع المالي وجلوسها على طاولة المفاوضات لمناقشة الوضعية السائدة وتجسيد الوحدة الوطنية. كما تحادث السيد مدلسي مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني السيد حمادي ولد حمادي، وتطرق الجانبان إلى السبل الكفيلة بترقية وتعميق علاقات التعاون الثنائية بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية وميادين الاستثمار، كما تناولا القضايا الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك.