عهد السيد عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، أمس، بمواصلة هيئته العمل إلى جانب نواب المجلس الشعبي الوطني لخدمة المصلحة العليا للوطن، لا سيما من خلال تزويد البلاد بالقوانين التي من شأنها إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة في الساحة الوطنية، واستكمال استصدار نصوص الإصلاح التي شرعت البلاد في انتهاجها، مشيرا -في سياق متصل- إلى أن سنة 2012 ستكون سنة الانتخابات وسنة التغيير أيضا. واعتبر السيد بن صالح في خطابه في جلسة اختتام الدورة الربيعية لمجلس الأمة، والتي حضرها الوزير الأول، السيد أحمد أويحيى وعدد من الطاقم الحكومي، الأداء السياسي للبرلمانيين خلال دورة الربيع "متميزا رغم تواضع العمل التشريعي"، مرجعا ذلك إلى تزامن هذه الدورة مع الاستحقاق الانتخابي الذي شهدته البلاد في ال 10 ماي الماضي ونهاية عهدة نواب المجلس الشعبي الوطني. وقال المتحدث -في هذا الصدد- "لن نكون مجانبين للحقيقية إذا ما وصفنا الفترة الربيعية للمجلس بكل ما تخللها من نشاطات بأنها كانت استثنائية في جانبها السياسي أو آثارها في النطاق البرلماني"، مشيرا إلى أن النشاطات العادية والمعتادة لمجلس الأمة جرت في ظرف سياسي خاص وحساس، حيث ساهم تطبيق مضمون قوانين الإصلاح التي صادق عليها البرلمان في الدورة الماضية -حسبه- "في رسم الطريق الذي اعتمدته الدولة في إنجاح الاستحقاق الأخير وتجذير الممارسة الديمقراطية وترجمة فحوى سياسة الإصلاح". وفي حين اعتبر العمل التشريعي متواضعا نظرا للعدد المحدود للنصوص المصادق عليها، قدر السيد بن صالح أن الأداء البرلماني المتعلق بالنشاط الرقابي والنشاط الخاص بترقية الثقافة البرلمانية والدبلوماسية البرلمانية كان محترما، مؤكدا -في هذا السياق- أن "الجزائر لم تكن غائبة عن المواعيد البرلمانية التي جرت خلال هذه الفترة"، كما تم في هذا المجال التعريف بمواقف الجزائر والدفاع عنها من قبل أعضاء مجلس الأمة من خلال مختلف نشاطاتهم وخرجاتهم الميدانية داخل وخارج الوطن، مشددا -في هذا السياق- على أن أعضاء المجلس "كرسوا مبدأ عدم ترك موقع الجزائر شاغرا". وأشار المتحدث إلى أن الشعب الجزائري سيكون خلال الفترة القادمة على موعد مع الانتخابات المحلية، إضافة إلى تغيير نصف أعضاء مجلس الأمة، معتبرا سنة 2012 ستكون سنة الانتخابات وسنة التغيير أيضا باعتبار أن هذا الأخير يشمل التغيير البشري ضمن الهيئات المنتخبة. وأوضح -بالمناسبة- أن انتخابات المجلس الشعبي الوطني التي تمت في ظل مناخ هادئ وشفاف، جاءت لتؤكد واقعا جديدا تكون الجزائر قد دخلته بعد ال 10 ماي الفارط، مشيرا إلى أن هذا الواقع تأكدت فيه الممارسة الديمقراطية والمنافسة الهادئة وأعطى فيه الشعب الجزائري المثل والقدوة في مجال التعبير عن الموقف المسؤول والخيار العاقل، كانت نتيجته أن استطاعت الجزائر اختيار مجلسا تعدديا متنوع الانتماءات الحزبية، يبرز فيه عنصر التشبيب والعنصر النسوي. كما أكد رئيس مجلس الأمة أن الجزائر عاشت بمناسبة الانتخابات التشريعية الأخيرة حراكا سياسيا واسعا أدى إلى تقوية الشعور الوطني والإحساس بالمسؤولية وأضفى على الانتخابات خصوصية واضحة، معتبرا موعد ال 10 ماي "لم يكن مجرد موعد انتخابي، بل امتحانا وطنيا بارز المعالم إذا ما تم إدراجه ضمن منظور السياق العام الذي جرى فيه على المستويين الإقليمي والدولي". ودعا السيد بن صالح -بالمناسبة- القوى السياسية إلى العمل بالشكل الذي يوفر مناخ الانسجام بين كافة التيارات، وصولا إلى تجسيد المصلحة العليا للبلاد، "لا سيما وأن البرلمان مقبل على التعاطي مع ملفات هامة وحساسة"، مشيرا -في هذا الإطار- إلى أن "الجميع يدرك أن التعامل مع مضامين هذه الملفات ينبغي أن لا يكون بمنطق الانتماء الحزبي فقط، بل يستوجب استحضار مقتضيات بناء الدولة وتحقيق عوامل الانسجام الوطني حول القضايا المصيرية الكبرى". وفي حين اعتبر الحالات التي تفرزها المواعيد الانتخابية هي ردود أفعال طبيعية؛ دعا السيد بن صالح كل الأطراف السياسية إلى تجاوز هذه الحالات، حيث يتم خلق أجواء تكفل للبرلمانيين مناخا مناسبا للعمل البرلماني الحقيقي. واغتنم السيد بن صالح في الأخير المناسبة ليجدد الثناء على رئيس الجمهورية نظير "جهوده وحكمته الكبيرة وتوجيهاته السديدة التي جنبت البلاد الوقوع في المطبات التي أرادت جهات معروفة إيقاع الوطن فيها، مؤكدا أنه بفضل هذه الجهود استطاعت الجزائر أن تقيم دولة قوية مزدهرة ومتصالحة مع نفسها، كما دعا الجميع إلى اغتنام فرصة الاحتفال بخمسينية الاستقلال الوطني لتقييم مستوى الإنجازات التي تحققت للبلاد.