عاد الجمهور القسنطيني إلى وطن الفن، إلى الزمن الجميل، زمن أبي الحسن علي بن نافع المكنى بزرياب، زمن الحب والعشق والأحلام، من خلال أولى سهرات الدورة السادسة من المهرجان الوطني للمالوف بمشاركة 13 ولاية من محتلف أنحاء الوطن. شهد حفل الافتتاح بالمسرح الجهوي حظورا مميّزا لعميد موسيقى المالوف الشيخ محمد الطاهر الفرقاني، الذي ورغم المرض وتعب الشيخوخة إلاّ أنّه أصرّ على أن يكون من بين الحالمين في هذه السهرة وحظي بتكريم رمزي من محافظة المهرجان وكان مرفقا طيلة السهرة بأحد ركائز المالوف الفنان العنابي ذيب العياشي. وكانت السهرة التي تزامنت مع احتفالات خمسينية الاستقلال، مزيجا فنيا بين 3 ولايات هي قسنطينة، عنابة وسكيكدة التي تقتسم هذا الموروث الثقافي، حيث تداول على ركح المسرح كلّ من مبارك دخلة، توفيق تواتي وفاتح روانة وختمها المتألّق أحمد عوابدية ضمن الجوق الجهوي للشرق بقيادة سمير بوكريدة الذي أمتع الجمهور الحاضر بمقطع "باشراف حسين" وسط ديكور مميّز صنعته جمعيتا "البهاء" و«أصدقاء المسرح"، من خلال رسم صورة القعدة القسنطينة التقليدية واستحضار اللباس التقليدي القديم للرجال والنساء على غرار سروال الجلسة، الطربوش وقندورة القطيفة أو ما يعرف بقندورة الفرقاني كما تمّ إكرام الضيوف بأشهر الحلويات القسنطينة على غرار "المقروض" و«الغريبية". وأكّد السيد لحول سمير الذي ناب عن وزيرة الثقافة على حرص الوزارة الوصية وتشجيعها لاستمرار مثل هذه التظاهرات التي تدخل في إطار الحفاظ على الموروث الثقافي الجزائري، وكذا المساهمة في إنشاء أطر لتبادل الخبرات بين الفنانين والمبدعين من أجل خلق فضاء للرقي بهذه اللفتة ونقلها إلى الأجيال القادمة. من جهته، اعتبر محافظ المهرجان السيد رابح عيسو أنّ التظاهرة وصلت إلى هدفها من خلال نشر المالوف عبر مختلف أنحاء الوطن، وقد تجسّد هذا الأمر من خلال مشاركة 13 فرقة وجمعية من 12 ولاية جزائرية على غرار تلمسان بفرقة "ندرومة"، سيدي بلعباس، "المغديرية من معسكر، "الثعالبية" من البويرة، جمعية "الفن والأدب" من البليدة، "ليالي الأندلس" من سطيف"، "النادي العلمي والثقافي" لسكيكدة، وكذا فرقة "رافس سليم" من عنابة، جمعية "الشهاب" لسوق أهراس، "الأندلس" لقالمة و«النور" من ميلة، بالإضافة إلى ولاية قسنطينة التي ستشارك في هذه الدورة بفرقتين، ليضيف أنّ التظاهرة جاءت في إطار الاحتفال بخمسينية الاستقلال ورفعت شعار "حتى لا ننسى..." في التفاتة لشيوخ الملوف الذين رحلوا، حيث سيتم تسمية كلّ ليلة باسم شيخ من الشيوخ. كما ستنظم حسب المحافظ على هامش التظاهرة الممتدة إلى غاية 14 جويلية الجاري، محاضرات أكاديمية تتطرّق من خلالها ثلّة من الدكاترة والأساتذة الجامعيين المختصين في دراسة هذا النوع الموسيقي على غرار الدكتور عبد الله حمادي من جامعة قسنطينة، فيصل بلقفاط من جامعة تلمسان، نور الدين سعودي من جامعة الجزائر العاصمة، وكذا السيدة مايا سعيداني من جامعة الجزائر، زيادة على البروفيسور فيصل بن خلفات المختص في الموسيقي من تلمسان بمساعدة محمد العلمي مدير ديوان مؤسسات الشباب لولاية قسنطينة. وقد نشطت السهرة الموسومة باسم الشيخ المرحوم حمو الفرقاني والد الشيخ محمد الطاهر الفرقاني، كلّ من جمعتي "الأندلس" من قالمة و«التراث" من قسنطينة، ليبدأ التنافس الرسمي حول المراتب المؤهلة للمشاركة في المهرجان الدولي للمالوف. للإشارة، قرّرت محافظة المهرجان بثّ فعاليات هذه الدورة عبر الانترنت من موقع محافظة المهرجان ليتمكّن من متابعتها أكبر عدد من الجماهير عبر مختلف نقاط العالم، في خطوة لنشر هذه الموسيقى المالوف العريقة والحفاظ عليها للأجيال المقبلة.