مع حلول شهر رمضان المبارك، يكثر الصائمون من تداول بعض العبارات التي تحمل مدلولات التلاحم والتسامح الذي يأتي به هذا الشهر الفضيل، على غرار رمضانك مبارك، أو “صحا رمضانك”، وعبارة “صحا فطورك” الخ ... غير أن هناك بعض العبارات التي اعتاد الجزائري على تداولها، وتحمل في طياتها الكثير من المغالطات، ونقصد تحديدا تلك التي تُقال عادة عند وقوع الشجارات وشاع استعمالها خطأ، وتحديدا عبارة “اللهم أني صائم”. في استطلاع للرأي قامت به “المساء” في بعض شوارع العاصمة حول عبارة “اللهم إني صائم”، طرحنا السؤال التالي: كيف ومتى تقال؟ فكانت إجابة كل المستجوبين واحدة، وهي أن العبارة تقال على النحو التالي: “اللهم أني صائم”، وتلفظ عادة عند الغضب أو عدم الرغبة في الدخول في نقاش قد يؤدي لوقوع شجار، أو عند الوقوف على بعض المظاهر التي تخدش حرمة رمضان .غير أن العارفين بأمور الدين يؤكدون وجود مغالطة في العبارة بحد ذاتها، والتي تعد من أكثر العبارات التي يعتمدها الصائم ليذكر نفسه وغيره أنه صائم، وهو ما حدثنا به الأستاذ قندوزي، إمام بمسجد القدس بحيدرة، حيث قال؛ روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال؛ “الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين”. غير أن ما شاع بين أفراد المجتمع - يضيف المتحدث- “ربط عبارة أني صائم بعبارة اللهم التي تفيد الدعاء، والتي لا يقصد بها الصائم عند استعمالها في رمضان الدعاء، وإنما يستعملها كنوع من الحصانة التي تفيد أنه في حال عبادة، وبالتالي يتحاشى ما من شأنه أن ينقص من عبادته، ومن ثم يدخل استعمالها من باب الإخبار، وهي الأولى والأصح وليس من باب الدعاء. وجاء على لسان محدثنا أن من بين المغالطات أيضا التي ترافق استعمال هذه العبارة، لجوء البعض إلى المبالغة في ذكرها لسبب وبدون سبب، وكأنه بذلك يفاخر بصيامه ما يدخله باب الرياء، وفي قول المصطفى عليه الصلاة والسلام “كُلُّ عَمَل ابن آدم لَهُ إلاَّ الصومَ فإِنَّه لي وأنا أجزي بهِ”(حديث نبوي شريف). وهذا يعني أن الصيام هو العبادة الوحيدة التي لا يمكن لأي كان أن يتأكد من صحتها إلا الله، فقد يدعي البعض أنهم صائمون غير أنهم غير ذلك، لذا يقول الإمام قندوزي إنه ينبغي للصائم أن يعتدل في استخدام عبارة “أني صائم”، وأن يعتبرها وسيلة لكبح النفس البشرية وحمايتها، منبها في السياق إلى أنها لا تعد بدعة كما يعتقد البعض، لأنها لا تدخل في العبادة، ومن ثمة فالأصح أن يتم استعمالها كما كان يستعملها رسول الله بالقول: إني صائم مرتين وكفا. من بين النقاط الأخرى التي أبى الإمام قندوزي إثارتها لما يترتب عليها من مفاسد، ما اصطلح على تسميته بالطريقة الصحيحة لاستقبال رمضان، حيث قال؛ “من المفروض أن المجتمعات العربية المسلمة تستقبل رمضان بالفرح والسرور، على اعتبار أنه من أركان الإسلام، ومن أنكره فهو كافر، وهو شهر القرآن أيضا والعبادة، ويكفينا شرفا أن نعرف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- كان يستعد له رفقة الصحابة -رضوان الله عليهم- ستة أشهر قبل دخوله، ويودعونه ستة أشهر أخرى. ولكن ما نشهده اليوم ويعد من المظاهر التي تدل على سوء استقبال هذا الشهر الكريم، أننا بتنا اليوم نستقبله بالترهيب، أي “بالخلايع” إن صح التعبير، فقد بلغني مؤخرا أن الكثيرين يردون عبارة أن رمضان هذه السنة تزامن وشهر جويلية، حيث نشهد صيام أطول الأيام وأشقها، ما دفع بالكثيرين إلى التخوف منه والتفكير في الإفطار خوفا من العطش والتعب، كما بتنا نسمع أيضا عبارة تخصيص مبالغ مالية ضخمة للإنفاق في رمضان، وكأن هذا الشهر موجه للأكل فحسب، وإلى غير ذلك من الأمور التي تحبط من عزيمة المسلم وتجعله لا يعرف كيف يستقبل هذا الشهر الفضيل، لذا يضيف المتحدث؛ ينبغي أن ننبه الصائمين إلى ضرورة احترام حرمة رمضان كشهر للتوبة والغفران، وأن يشغل الصائم يومه بالإكثار من عمل الخيرات التي لا حصر لها، وليس هنالك ماهو أفضل من عمل الخير بهذا الشهر الفضيل الذي يعد من أندر الفرص التي يحبذ فيها محاربة مختلف الآفات الاجتماعية، على غرار التدخين.