تنتعش جميع مظاهر الجشع والخداع والغش في مثل هذا الشهر الفضيل الذي جعله الله شهرا للتوبة و المودة والرحمة بين الناس ،كما تعرف حالات السرقة إرتفاعاً كبيراً يمس جميع مناحي الحياة فمن الأسواق إلى الحافلات ووسائل النقل وصولًا إلى السيارات، التي تشهد تركيزاً كبيراً من قبل عصابات وشبكات السرقة التي تستغل حالة الصائمين التي ينقصها الكثير من التركيز والفوضى لتنجح في تحقيق أهدافها الإجرامية التي تستعين فيها بتقنيات خاصة ما تلبث أن تتطور يوما بعد يوم...وأمام هذه المظاهر المخيبة ما على المواطن إلا أن "يصوم و يحرص على جيوبه أو على سيارته " و تشير تقارير أمنية إلى إرتفاع حالات سرقة السيارات خلال شهر رمضان بمعدل يتراوح ما بين الخمسة إلى العشر سيارات بالمحيط الأمني الحضري الولائي ،وتتماشى هذه الظاهرة مع الإرتفاع الكبير في إستهلاك المخدرات من قبل الشباب المتعاطي بما يبقيهم ساهرين طول الليل أو مركزين خلال النهار مخالفين بذلك النمط المعيشي المتعامل به من قبل باقي المواطنين ،وتتورط العديد من محطات غسل وتشحيم السيارات في عمليات سرقة متعددة إلى جانب التنسيق المحكم بينها وبين محلات صنع المفاتيح المتورطة هي الأخرى في صناعة وتقليد مفاتيح السيارات دون ترخيص قانوني الأمر الذي ساهم وبشكل سريع في إنتشار سرقة السيارات...ولعل التعامل بمنطق "الثقة" مع محطات الغسل والتشحيم فخ آخر يقع فيه غالبية الجزائريين. وحسب التحقيقات والإحصائيات التي قامت بها مصالح الأمن ، فقد إتضح أن لمحطات غسل وتشحيم السيارات نصيب كبير من هذه السرقات خاصة خلال هذه الفترة، حيث يقوم عمالها بتواطؤ أو خفية عن صاحب المحطة بتزوير مفاتيح السيارات محل السرقة وغالبا ما تكون السيارات من علامة معينة على غرار سيارات "أتوس" التابعة لشركة هيونداي أو "سمبول" للعلامة رونو والتي تعد من أكثر السيارات تعرضاً للسرقات لسهولة تقليد مفاتيحها ، كما أن غالبية الضحايا معروفون لدى الأعوان العاملين بالمحطة وبالتالي فهم فريسة سهلة لدى شبكات سرقة السيارات. وغالبا ما يطالب عمال محطات غسيل السيارات أصحاب السيارات بترك مفاتيحهم ليتكفلوا هم بتنظيف وصيانة السيارة عوض البقاء وإنتظار دورهم في طوابير طويلة... وخلال هذا الوقت يتسنى للعامل تقليد مفاتيح السيارة المعنية سواء بورشات غالبا ما تكون مخبأة وراء المحطة أو لدى محلات صنع المفاتيح السريعة المتواطئة معهم والتي لا تستغرق سوى دقيقة واحدة أو خمسة دقائق على أقصى تقدير في صناعة أي مفتاح . ولم تستثني التحقيقات محلات صنع المفاتيح المتورطين هم أيضا في عمليات السرقة التي تتم ضمن شبكات مصغرة تقودها عصابات متخصصة ، علما أن القانون لا يرخص لمحلات صنع المفاتيح إستخراج أية نسخة عن مفاتيح السيارات إلا بعد إبراز صاحب السيارة للبطاقة الرمادية للسيارة مرفوقة برخصة السياقة للتأكد من هوية صاحب السيارة ومن السيارة ذاتها. وتعرف ظاهرة سرقة السيارات تنامياً و إنتشاراً كبيرين وخطيرين من خلال إحتراف شبكات متعددة في سرقة السيارات التي تتبع مناهج وإبتكارات جديدة يتبعها اللصوص في سرقة السيارات لاسيما خلال شهر رمضان الذي يفضله الكثير من الجزائريين لقضاء عطلهم السنوية وما يتبعها من تذبذب في ساعات النوم والإستيقاظ بالإضافة إلى السيولة التي تعرفها حركة المرور خلال أوقات محددة مما يشجع على الهروب بالسيارات المسروقة بعيداً قبل أن يتفطن إليها أصحابها والمصالح الأمنية. وكانت السيارات الكلاسيكية من نوع الشوفرولي مثلا أو هيونداي وغيرها من العلامات من أهم السيارات التي إحتلت صدارة الترتيب من حيث السرقات في بلادنا بسبب سهولة تشغيلها عن طريق أسلاك كهربائية أو عن طريق تقليد مفاتيحها بالإستعانة بسدادات الوقود غير أن تطور سرقة السيارات دفع بالعصابات إلى البحث عن وسائل وطرق أخرى للوصول إلى سرقة السيارات الفخمة وتلك المزودة ببطاقات وشرائح الكترونية والتي كانت تشكل صعوبة لدى سرقتها . وباتت عصابات سرقة السيارات مؤخراً تعتمد على جهاز أشعة قرصان المعروف ب«سكانار بيرات" والذي يمكنه من الولوج إلى النظام الإلكتروني لأي سيارة وفك شفرتها في أقل من خمس دقائق ،ويتراوح سعر هذا الجهاز ما بين 20 و30 مليون سنتيم حسب بلد منشأه مما يجعل إمكانية الحصول عليه سهلة... ومن ميزاته أنه صغير الحجم وخفيف الوزن وله القدرة على فك شفرة أي سيارة مهما كان نظام أمانها معقداً علماً أن غالبية السيارات غالية الثمن تسرق عن طريق هذه الجهاز الذي يزداد تداوله من طرف عصابات سرقة السيارات التي تتواطأ في الكثير من الأحيان مع شباب يعملون في محلات غسل السيارات ومستودعات خدمات ما بعد البيع ومحلات و الميكانيك. وأمام إتساع رقعة هذه الجريمة تدق جميع المصالح الأمنية ناقوس الخطر حيال إنتشار ظاهرة سرقة السيارات وخاصة في المناسبات كشهر رمضان ،علما أن سرقة السيارات تعد ثاني أخطر الجرائم ببلادنا، وقد أوعز المختصون إنتشار هذه الظاهرة إلى رمزية العقوبات المطبقة في هذا الشأن و عدم تشديدها على العصابات المختصة في سرقة السيارات بحيث لا يستفيد المجرمون سوى من عقوبات تصل أقصاها إلى خمس سنوات سجناً نافذاً و يعمل رجال القانون على الرفع من العقوبة على هذا النوع من الجرائم والسرقات على غرار تلك المطبقة على عصابات المتاجرة بالمخدرات .