أعطى محافظ المهرجان الوطني لأغنية الشعبي عبد القادر بن دعماش سهرة أول أمس إشارة الانطلاق الرسمي للدورة السابعة للفعالية بمسرح الهواء الطلق "فضيلة دزيرية" الواقع بالمعهد العالي للموسيقى. وبدأت المنافسة الفنية بين واحد وثلاثين مترشحا للفوز بالمراكز الخمسة الأولى، تفصل فيهم لجنة التحكيم التي تتكون من أساتذة وباحثين في الطابع الشعبي ويترأسها الشيخ بوجمعة العنقيس. في سهرة "شاخ" (بمعنى انتشى بالمصطلح الشعبي) فيها الجمهور مع أداء أجمل قصائد الملحون في مدح الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتداول على المنصة خمسة متنافسين وهم تواتي فاتح من عنابة، مزاري زهير من الجزائر العاصمة، علال حورية من الشلف، معمر بلحسن من الولاية نفسها وأخيرا سايح سيد أحمد من عين الدفلى، وقد منح شرف إحياء السهرة الأولى للمطربين المحترفين للشيخ كمال بورديب. استهل الحفل بمعزوفات لفرقة "الزرنة"، ولأن الدورة السابعة من المهرجان يصادف احتفال الجزائر بالذكرى الخمسين للاستقلال، ارتأى منظمو التظاهرة دعوة كل المترشحين للوقوف على المسرح لتأدية الأغنية الشعبية المعروفة "الحمد لله مابقاش استعمار في بلادنا" للكاردينال محمد العنقا، التي كانت حاضرة في الذكرى الأولى للاستقلال، وفي الذكرى الخمسين صدحت بها الحناجر المشاركة في المنافسة في إطار الدورة السابعة لمهرجان أغنية الشعبي. وبحضور وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي وإطارات من الوزارة ومحافظة المهرجان، افتتح بن دعماش الفعالية، حيث كشف في كلمته أن دورة 2012 خصصت لتكريم أمير شعراء الملحون والصوفي الزاهد، المجاهد الشجاع والعالم المفكر الشاعر الفصيح والولي الصالح سيدي لخضر بن خلوف، الذي ازدانت به الأرض في أواخر القرن الثامن الهجري الموافق للقرن السادس عشر ميلادي، وقد عاش 120 سنة سخر 85 سنة منها في العطاء الإيجابي من أجل الدين الإسلامي الحنيف وفي مدح خير الأنام. يذكر التاريخ الثقافي للقرن السادس عشر ميلادي ظهور شكل جديد من الشعر الشعبي أطلق عليه "الشعر الملحون" من طرف رواده الممثلين في بن خلوف، سعيد بن عبد الله المنداسي، إلى جانب القاضي أبو فارس عبد العزيز المغرواي والشاعر الناصح عبد الرحمان المجدوب بمدينتي فاس ومكناس في المغرب، ويستلهم هذا الشكل من الشعر الذي اعتمد على السرد، الوصف، المقارنة والمديح، أصوله من الأدب العربي في العصر الجاهلي، وبالتحديد أشعار ذي الأصبع العدواني الذي كان مشهورا بتلك الغزوات والمعارك التي شارك فيها. وبالعودة إلى بن خلوف فإن تحليلا عميقا لأشعاره يعكس المستوى الرفيع من الروحانية التي اكتسبها من تلك الرحلة الكبرى إلى تلمسان لزيارة ضريح سيدي بومدين الغوثي، ومنها تشبع بالنزعة الدينية الصوفية السائدة وقتئذ، ويذكر أن إدارة المهرجان أصدرت بالمناسبة علبة ألبومات تضم مختارات من أهم القصائد التي نظمها بن خلوف وغناها أعمدة أغنية الشعبي أمثال عبد الله قطاف، عمر العشاب، الحاج منور، محمد العنقا، معزوز بوعجاج وغيرهم، إضافة إلى الخمسة الفائزين في الدورة السابقة. وبخصوص معايير تقييم المترشحين، تعتمد لجنة التحكيم على قاعدة تتضمن مجموعة من الضوابط هي الصوت (3 نقاط)، الحفظ (4 نقاط)، التحكم في الأداء (3 نقاط)، التحكم في الإيقاع (3 نقاط)، أصالة النص والموسيقى (نقطتان)، شخصية الأداء (نقطتان) واللباس والهيئة (نقطتان للباس التقليدي ونقطة واحدة للباس العادي).تجدر الإشارة إلى أن المهرجان سطر برنامجا تكوينيا لفائدة المترشحين، وهي على شكل أيام دراسية، تدور محاورها حول منهجية الأداء الموسيقي في أغنية الشعبي، النظريات الموسيقية وموسيقى الشعبي، أصول أغنية الشعبي وآفاقها، الشعر الملحون في الجزائر وقراءات شعرية، منهجية أداء الاستخبارات، قراءة اجتماعية لقصائد الشعبي في الجزائر، قراءة تحليلية لقصيدة "الأمانة" لسيدي لخضر بن خلوف، وأخيرا محور سيدي لخضر بن خلوف والذاكرة الجماعية الوطنية.