شددت الحكومة إجراءات مراقبة جرائم تهريب العملة وحركة تنقل رؤوس الأموال من وإلى الخارج بإنشاء بطاقية وطنية للمخالفين للتشريع المعمول به في هذا المجال، تدون فيها المعطيات الخاصة بكل المؤسسات والمتعاملين المخالفين، وذلك بغرض دعم سياسة الوقاية من المخالفات المتعلقة بالصرف ومكافحة جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، علاوة على مراقبة سوابق المخالفين. وجاء المرسوم التنفيذي الجديد 279- 12 المؤرخ في 9 جويلية الماضي، والمنشور في آخر عدد من الجريدة الرسمية ليحدد كيفيات تنفيذ تدابير المرسوم الصادر في جويلية 1996 والمتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، حيث يحدد هذا النص الجديد من جهته كيفيات تنظيم وسير البطاقية الوطنية للمخالفين. فبموجب هذا المرسوم التنفيذي تتولى كل من وزارة المالية وبنك الجزائر مهمة إنشاء بطاقية تتضمن أسماء الأشخاص والشركات المتورطة في مخالفات في مجال تحويل الأموال، تكون بمثابة بنك معطيات تدون فيه معلومات حول كل شخص طبيعي أو معنوي مقيم أو غير مقيم، يكون محل محضر معاينة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج. وتستفيد من هذه البطاقية عدة مصالح وهيئات متخصصة في مجال المراقبة وقمع المخالفات تم تحديدها في النص القانوني، ضمن خانة المؤسسات المسموح لها الإطلاع على هذه البطاقية، حيث توضع المعلومات التي توفرها البطاقية تحت تصرف 10 هيئات عمومية لها صلة بمكافحة تهريب الأموال، منها المفتشية العامة للمالية ومديرية الصرف ببنك الجزائر والمديريات العامة للجمارك والضرائب والمحاسبة وخلية معالجة الاستعلام المالي والمديرية العامة للرقابة الاقتصادية وقمع الغش التابعة لوزارة التجارة، علاوة على اللجنتين الوطنية والمحلية للمصالحة، وهما هيئتان تنصبان للنظر في طلبات المخالفين الاستفادة من المصالحة والشطب من البطاقية. كما يتيح النص القانوني للقضاء إمكانية الحصول على معطيات حول المخالفين لأحكام وتشريعات صرف العملة الصعبة وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، حيث تنص المادة السادسة من المرسوم التنفيذي أنه "يمكن للجهات القضائية المختصة أن تطلب من مسير البطاقية معلومات حول سوابق الأشخاص والشركات المسجلين في بنك المعلومات، كما يمكن للشرطة القضائية التدخل بناء على تقديم تسخيرة مسلمة من الجهة القضائية المختصة". وتستغل البطاقية لأغراض عديدة حددتها المادة الثالثة من المرسوم، منها وضع سياسة الوقاية والمكافحة في مجال مخالفة الصرف، الوقاية والمكافحة في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مراقبة سوابق المخالفين في مجال المصالحة، اتخاذ الإجراءات التحفظية تجاه اﻟﻤخالفين وإعداد الإحصائيات، كما تستغل لإعداد التقرير السنوي حول كل هذه الجهود والإجراءات الرامية إلى مراقبة حركة تنقل رؤوس الأموال من وإلى الخارج، والذي يرفع إلى رئيس الجمهورية. وتتضمن بطاقية المخالفين التي تحاط بالسرية التامة المعطيات المتأتية من محاضر معاينة اﻟﻤﺨالفات التي يعدها الأعوان المؤهلون التابعون لوزارة المالية والأعوان المحلفون التابعون لبنك الجزائر، وكذا من الإجراءات التحفظية المتخذة ضد مخالفي التشريع الخاص بتنقل الأموال، ومن مقررات المصالحة المتخذة من طرف اللجنة الوطنية واللجان المحلية للمصالحة، حيث تسجل في البطاقية المعلومات الخاصة بتحديد المصلحة التي قامت بمعاينة المخالفة وتاريخ المعاينة ومكانها وظروف المعاينة وهوية مرتكب المخالفة وهوية المعني، وتدابير حجز الوثائق والوسائل المستعملة في الغش. كما تسجل في البطاقية أيضا إجراءات الشطب التي تتم بطلب من المخالفين، حيث يتيح القانون لكل شخص أو شركة من الجزائر أو من الخارج الحق في سحب اسمه من بطاقية المخالفين بعد تقديم طلب لدى وزير المالية، شريطة أن يكون المعني قد استفاد من حكم البراءة النهائي، على أن يسبق طلب الاستفادة من الشطب من البطاقية، تقديم مرتكب مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج طلب مصالحة، يعرض أمام اللجنة المحلية للمصالحة ثم أمام اللجنة الوطنية المنصبة لذات الغرض مع إعلام وكيل الجمهورية المختص إقليميا. وتجدر الإشارة إلى أن قرار الحكومة وضع بطاقية المخالفين للتشريع والتنظيم الخاص بالصرف وحركة تحويل رؤوس الأموال يأتي في إطار جهود التصدي لعمليات تحويل العملة إلى الخارج بطرق غير قانونية، حيث سيمكن النص الجديد من تسيير عمليات الوقاية ومكافحة تهريب الأموال بشكل أفضل والحد بالتالي من هذه المخالفات التي اتخذت في الفترة الأخيرة شكل فضائح أسالت الكثير من الحبر وأثارت التساؤلات حول مدى صرامة القوانين الجزائرية من جهة وصدق نوايا بعض الشركات الأجنبية العاملة بالجزائر من جهة أخرى. وكانت أبرز قضية قد أثيرت في هذا المجال تلك التي تخص شركة "جازي" التي أدين مسؤولها السابق لتورطه في ارتكاب مخالفات أدت إلى تهريب ما قيمته 189 مليون دولار إلى الخارج، وهو ما ألزم الشركة دفع غرامة مالية قدرها 93 مليار دينار.