تشهد ولاية قسنطينة خلال هذه الأيام تفاقما في حجم الاعتداءات بشكل بات يهدد الحياة اليومية للمواطن ويستدعي دق ناقوس الخطر، ويضع مصالح الأمن في مواجهة ظاهرة جديدة أصبحت تشكل خطرا ما فتئ يتزايد طارحا العديد من التساؤلات حول أسباب هذه الظاهرة وطرق القضاء عليها. وكانت أول بوادر هذه الظاهرة المتمثلة في الاعتداءات على الأشخاص بشكل جماعي والشجارات الكبيرة التي حولت قسنطينة إلى فضاء حرب الشوارع وعدم الاكتراث لحظور رجال الأمن، بعد أيام قليلة من عيد الفطر، حيث تحول شجار بالوحدة الجوارية رقم 13 بالمدينة الجديدة علي منجلي بين شابين من المرحلين مؤخرا من حيي سوطراكو ورومانيا إلى عراك كبير بين حوالي 200 شخص استعملت فيه مختلف الأسلحة البيضاء من عصي وسكاكين وسيوف، كما أدى استعمال الحجارة إلى إتلاف ممتلكات بعض المواطنين وإجهاض إمرأة حامل بسب حالة الذعر التي أصابتها بعد محاولة مجموعة من الشباب والمراهقين المتخاصمين اقتحام إحدى العمارات بالقوة والاعتداء على شاب كان طرفا في الخصومة، كما سبب هذا العراك جرح حوالي 6 أفراد قبل أن تتدخل مصالح الأمن وتضع حدا لهذه الفوضى التي خلقت جوا من الرعب والخوف بالمدينة الجديدة علي منجلي. مظهر آخر من مظاهر الانفلات الأمني شهده حي واد الحد (الإخوة عباس) مع بداية هذا الأسبوع، حيث تحول احتجاج على السكن الاجتماعي من طرف سكان الحي القصديري جاب الله، إلى قطع الطريق المؤدي إلى الزيادية وجبل الوحش وبعدها في الليل إلى بلطجة واعتداءات على المواطنين وسلب ممتلكاتهم، حيث تعرض العديد من مستعملي هذا الطريق في غياب رجال الأمن إلى ابتزاز حقيقي من طرف بعض المنحرفين المسلحين بالعصي والسيوف والذين كانوا ينتزعون منهم أموالهم قبل السماح لهم بالمرور في أجواء مشحونة أسمع فيها المارة من العائلات والأشخاص القاصدين الأحياء سالفة الذكر أعلاه مختلف أنواع السب والشتم والكلام البذيء. كما تحولت محاولة القبض على أحد المتهمين الخطرين بحي بن تليس ليلة الإثنين إلى معركة بين رجال الأمن وبعض الشباب الذين أرادوا منع رجال الأمن من تأدية واجبهم، حيث اعترضوا عناصر الشرطة لتتطور الأمور إلى تحطيم سيارات الأمن حسب تأكيد شهود عيان مما أدى برجال الأمن إلى الاستنجاد بقوة إضافية من المديرية الولائية وعرف حي القماص في نفس الليلة عملية استعراضية بعدما حاول حوالي 16 شخصا مدججين بالأسلحة البيضاء الدخول بالقوة إلى منزل أحد السكان بأرض بوزحزح بسبب خلاف بين الجيران تطور إلى استنجاد أحد الجيران بمجموعة من شباب الحي القصديري الذين حاولوا الاعتداء على رب عائلة يبلغ من العمر 29 سنة. وترجع مصالح الأمن كثرة هذه العمليات التي أخذت طابعا استعراضيا وتزايد حجمها إلى قلة التغطية الأمنية، خاصة بالأحياء الشعبية، حيث أكدت لنا بعض المصادر من قطاع الأمن أن حوالي 2000 شرطي لا يستطيعون التأمين الكلي لولاية كبيرة مثل قسنطينة بها أزيد من مليون نسمة. كما أن نقص تعداد عناصر الأمن جعل الأمور تأخذ منحى آخرا، حسب تأكيد ضابط في الأمن رفض الكشف عن هويته، والذي أكد لنا أن وجود عناصر الأمن ببعض النقاط الحساسة أصبح عاملا لإثارة الغضب والشغب لدى بعض الأشخاص، ليضيف أن عمليات قطع الطرق التي شهدتها الولاية في الأيام الفارطة من طرف بعض الشباب والمراهقين بسبب أزمة الكهرباء عرفت العديد من عمليات الابتزاز لعناصر الشرطة، حيث كان التجمهر يزداد كلما حضر رجال الأمن وبمجرد ذهاب سيارات الشرطة ينفض التجمهر وكأن الأمر مقصود للدخول في مناوشات مع رجال الأمن. وحتى أن التعامل السلمي لرجال الأمن مع الاحتجاجات وبعض المتهمين في مختلف الأحداث، ساهم هو الآخر في تطور هذه الظواهر التي من المفروض أن تعالج بطريقة أخرى من خلال إظهار الجانب الردعي لرجال الشرطة، الأمر الذي يجب على المديرية العامة للأمن الوطني أن تأخده بعين الاعتبار لوضع حد للإنزلاقات الأمنية في مختلف جهات الوطن، حسب تأكيد المصدر.