حذر رئيس مجلس الأمة، السيد عبد القادر بن صالح، أمس الجمعة، بطهران (إيران) من التهديدات المحدقة بالاستقرار والتوازن الجيوسياسي على المستويين الجهوي والدولي. قائلا في هذا الصدد "هناك تحديات كبرى ومعقدة تستوقفنا اليوم وفي مقدمتها انسداد مسار السلام في الشرق الأوسط والتغيرات الجارية في العالم العربي والتي أثرت سلبا على التوازن الجيوسياسي على المستويين الجهوي والدولي". وأعرب السيد بن صالح لدى تدخله في القمة ال16 لحركة عدم الانحياز عن انشغالات الجزائر حيال التطورات الأخيرة المسجلة في منطقة الساحل و«ما ينجر عن ذلك من مخاطر وتهديدات على الأمن والاستقرار في المنطقة". واعتبر السيد بن صالح أن الإرهاب وتهريب الأسلحة والتخلف والفقر التي تميز المنطقة "قد زادت من هشاشة" الوضع السائد. وذكر على سبيل المثال الأزمة في مالي التي أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في هذا البلد، متأسفا لتدمير جزء من "التراث القيم" لمدينة تومبوكتو المالية. وأكد رئيس مجلس الأمة أن الجزائر تسعى بالتعاون مع كل الأطراف المالية والمجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا والإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوربي إلى تحقيق هدفين. ويتعلق الأمر -يضيف السيد بن صالح- بالتوصل إلى "إجماع سياسي" بين الماليين لاسترجاع النظام الدستوري والوحدة الترابية لمالي هذا من جهة ولمواصلة الكفاح ضد المجموعات الإرهابية التي "تشكل تهديدا دائما في المنطقة برمتها" و«بعث التنمية" كبديل للنشاطات غير القانونية من جهة أخرى. كما تطرق السيد بن صالح في مداخلته إلى الوضع في الشرق الأوسط الذي يشهد اضطرابات وانعدام الاستقرار مما -كما قال- "يذكرنا بأن القضية الفلسطينية التي لم تتم تسويتها بعد هي مصدر المأساة". وأشار إلى أن "حلا عادلا ودائما للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني يعد حاسما لتهدئة العلاقات المتوترة في هذه المنطقة". مضيفا في هذا الصدد أن الخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي "قبول طلب السلطة الفلسطينية بشأن انضمام فلسطين إلى منظمة الأممالمتحدة". من جهة أخرى، أشار السيد بن صالح إلى دعم حركة عدم الانحياز المستمر لقضية الشعب الصحراوي ولحقه في تقرير مصيره. وأشاد في هذا الصدد بالجهود المبذولة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومبعوثه الخاص كريستوفر روس من اجل حل "عادل" و«دائم" لنزاع الصحراء الغربية. وبشأن الأزمة السورية ذكر السيد بن صالح بدعم الجزائر للجهود الحميدة للمبعوث الدولي الأسبق كوفي عنان، مؤكدا بأنها (الجزائر) ستقدم نفس الدعم للسيد الأخضر الإبراهيمي بصفته الممثل الخاص الجديد للأمم المتحدة والجامعة العربية في سوريا. وأضاف أن "الجزائر تدعو جميع الأطراف السورية إلى بذل المزيد من الجهود للتوصل إلى إجماع" من شأنه تسوية الأزمة التي تمزق هذا البلد. وعلى الصعيد الاقتصادي، أشار السيد بن صالح إلى أن ترقية التعاون جنوب-جنوب بالتنسيق مع مجموعة ال77 + الصين تكتسي أهمية حاسمة بالنسبة "لبلداننا في مجال التنمية من خلال توسيع التضامن الدولي". وكان رئيس مجلس الامة قد دعا أول أمس بطهران الى ضرورة تعزيز وتكثيف التعاون بين البلدان الاعضاء في حركة عدم الانحياز وبلدان مجموعة ال77 مشددا في ذات الوقت على أهمية التنمية المستدامة ونقل التكنولوجيا للمساعدة على تقدم البلدان النامية التي تواجه عدة تحديات. وأوضح السيد بن صالح في كلمة ألقاها في مداخلته باسم مجموعة ال77 + الصين خلال القمة ان هذه القمة "تاتي في سياق يميزه استمرار أزمة متعددة الابعاد هي بصدد تقويض اسس النظام الاقتصادي العالمي والزج بعالمنا في غياهب حالة من اللااستقرارمثقلة بالريبة والتوجس". وقال "إن أهمية الرهانات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية تشكل بالنسبة لنا تحديات مضاعفة ومعقدة يجدر بنا مواجهتها جماعيا". وأضاف "لقد اتاحت الدورة الثالثة عشرة لندوة الاممالمتحدة حول التجارة والتنمية التي انعقدت بالدوحة شهر افريل المنصرم مناسبة مثلى لمجموعة ال77 والصين لتاكيد تضامنها من اجل الدفاع عن مصالحهما المشروعة فيما يتصل بمسائل مثل التجارة والاستثمار ونقل التكنولوجيا". من جهة اخرى، قال السيد بن صالح ان تغيير المناخ يشكل "احد ابرز التحديات" التي تواجهها المجموعة الدولية وبوجه اخص البلدان النامية "وهذا انما يدل على الاهمية التي تكتسبها الندوة الثامنة عشرة للدول الاطراف في اتفاقية الاممالمتحدة حول التغيرات المناخية التي ستنعقد بالدوحة في نوفمبر المقبل". وأكد السيد بن صالح ان تفعيل الصندوق الاخضر من اجل المناخ وتشغيل لجنة التكييف واطلاق المفاوضات من اجل الاداة الجديدة المتعددة الاطراف التي ستحل محل بروتوكول كيوتو ستكون "مسائل تستدعي منا التعبئة واليقظة". وأشار إلى أن الدورة الحادية عشرة للاطراف في الاتفاقية حول التنوع البيئي التي ستعقد في حيدر اباد في اكتوبر 2012 ستكون "حدثا هاما بالنسبة لمجموعتنا من حيث يتعين علينا تعزيز التقدم المحرز منذ الدورة الاخيرة في سبيل تأمين الحفاظ على التنوع البيئي والاستعمال المستدام لهذه الموارد والتوزيع المنصف للايرادات التي يوفرها استغلال الموارد الوراثية".