التراث الموسيقي الجزائري الذي يستمد أصوله من عمق الحضارة العربية الإسلامية والذي ينحدر من الأندلس بصفة خاصة ومن الثراء الموسيقي العربي الإسلامي المغاربي على العموم، هو ذا الذي عملت وزارة الثقافة على تبيانه والعمل على تدوينه وتقديمه حفاظا له وعليه، وفي هذا الإطار صدرت سلسلة من المختارات منها «مختارات من الموسيقى الكلاسيكية لمدينة الجزائر» مع مجموعة من الفرق الموسيقية منها: جوق رضوان تلمسان، جوق الجزائر العاصمة وجوق الفن الأصيل للقليعة. ويندرج هذا الإصدار بمناسبة «تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011». امن خلال التقديم الذي خص به هذه المختارات فيصل بن قلفاط، يمكن أن يلاحظ المتتبع لهذا الإنتاج الفني، أن الجزائر العاصمة وتلمسان كانتا تتميزان بعائلات فنية، حيث كان يترعرع الفنان في وسط أسري فني موروث عن الآباء والأجداد ثم ينتقل لوسط آخر وهو الوسط الذي توفره المدن العتيقة مثل قصبة الجزائر ومدينة تلمسان القديمة، وعليه يبرز الفنان بصوته وبالخبرة التي يكتسبها من خلال احتكاكه بالوسط الفني، ومن المشايخ الذي يأخذ عنهم هذا الفن الأصيل ويتتلمذ على أيديهم حتى يستقيم عوده وتنضج مواهبه الفنية في التعامل مع الجمل الموسيقية والكلمات، وكذا العزف على مختلف الآلات. ثلاثة أجواق ضمتها هذه المختارات وهي على التوالي جوق رضوان لتلمسان، جوق الجزائر العاصمة ثم جوق الفن الأصيل للقليعة مع ذكر رواد ورؤساء هذه الأجواق، ومنهم محمد فخارجي المولود سنة 1896 والمتوفي سنة 1956، والذي كان عازفا على الرباب والكمان والكويترة، وكان شيخا للحضرة، ثم أصبح مدرسا للموسيقى بالجمعية الأندلسية ثم أسس الجمعية الجزائرية 1930 ثم انسحب منها سنة 1934 ليؤسس «جمعية غرناطة» ثم تم ادماج سنة 1935 الجمعية الجزائرية والغرناطية لتتحولا الى «جمعية الجزائرية الغرناطية» ثم عين كأستاذ في معهد الجزائر العاصمة وتوفي الى رحمة الله سنة 1956. كما ضمت هذه المختارات من الموسيقى الكلاسيكية عبد الرزاق فخارجي المولود سنة 1911 بالجزائر العاصمة والمتوفي 1984، وكذا ضمت الى هذه المجموعة المختارة شخصية بارزة في هذه الموسيقى ألا وهو عبد الكريم دالي، وذلك من خلال نوبة الزيدان تكريما له، وكذا تكريم الأستاذ سيد أحمد سري في نوبتي الحسين والمزموم. كما تناولت المجموعة بالدراسة مختلف أجزاء نوبة مدينة الجزائر، ومن هذه النوبات الدائرة، المتشالية، التوشية، المصدر، البطايحي، الدرج، الانصراف، الخلاص، الانقلابات، الاستخبار، وأخيرا القدرية. كما تم في هذه المجموعة المختارة عرض بعض النصوص تدليلا على ما سبق مثل نوبة الحسين، مصدر»يا قامة قضيب البان» بطايحي «بشرى هنية» درج «الاندخال تحت ظلال الياسمين»، انصراف «أي طبي على الأسد» وفيه ثلاثة انصرافات، وخلاص «غزالي غزال الغير». كما تضمن الكتاب نوبة الماية ونوبة الزيدان ونوبة المزموم. وتتميز هذه المختارات من الألبومات بالطبعة الأنيقة وهي مقدمة باللغتين العربية والفرنسية من تقديم وانتاج فيصل بن قلفاط ومن اصدارات وزارة الثقافة «تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011م».