تركزت مناقشات نواب المجلس الشعبي الوطني لمخطط الحكومة، أول أمس، على الوضع الاقتصادي، واقع المرأة، المعوقين في المجتمع ومشاكل الجالية الجزائرية بالخارج، داعين الى اتخاذ اجراءات لايجاد الحلول الكفيلة إزاء هذه القضايا الحساسة، فيما ثمنوا ما جاء في هذا المخطط لا سيما بخصوص تفعيل دور الادارة في الاستجابة للانشغالات الاجتماعية. وفي هذا الصدد، دعا النواب إلى استثناء الجزائريين القاطنين بالخارج والراغبين في في الاستثمار بالجزائر من قاعدة 49/51 بالمائة، مشيرين إلى أن التعامل مع المواطن الجزائري الذي يحمل جنسية أخرى بنفس الطريقة التي يعامل بها الاجنبي غير عادل. وطالبت شافية منتلشتة نائب عن حزب اتحاد القوى الديمقراطية الإجتماعية وممثلة عن الجالية الجزائريةبفرنسا بفتح الاستثمار في البلاد للجزائريين المهاجرين دون فرض هذه القاعدة التي تفرض على كل مستثمر اجنبي يرغب في الاستثمار بالجزائر التي تقضي بأن يدخل في شراكة مع مستثمر او عدة مستثمرين محليين بحيث تكون حصة المستثمرين الجزائريين تساوي او اكبر من 51 بالمائة. أما النائب جمال بوراس عن جبهة التحرير الوطني-فرنسا فقد اقترح رفع سقف الاعفاءات الجمركية لصالح المهاجرين الجزائريين الذين يعودون بصفة نهائية الى الوطن، مشيرا إلى أن هذه الجالية عادة ما تحوز اضافة إلى الامكانيات المادية على كفاءات تقنية معترف بها وانه من صالح الجزائر أن يسمح لها بالحصول على الملكية التامة لهذه الاستثمارات بالجزائر. ومن جهة أخرى، اشتكى النائب من غلاء تسعيرة النقل الجوي للخط الجزائر-باريس، مقترحا انشاء شركة طيران عمومية-خاصة نوع أقل تكلفة (لو كوست) لتغطية هذا الخط باقل من 250 اورو. وفي رده على هذا المقترح، أوضح وزير النقل السيد عمار تو للصحافة على هامش المناقشات أن إنشاء مثل هذه الشركة لن يكون مربحا للجزائر إلا بضمان حد ادنى من نقل العملة الصعبة الى البلاد. وأضاف أن الجالية الجزائرية بالخارج تسمح بدخول حوالي 1 مليار دولار فقط في السنة وهو غير كاف، مما يحول دون جعل إنشاء شركة طيران “اقل تكلفة” مشروعا مربحا. كما طرح النواب موضوع فتح فروع للبنوك الجزائرية بالخارج والتكفل باجلاء جثث الجزائريين الذي يتوفوا خارج الوطن، اذ تطرق النائب عن جبهة المستقبل سمير شعابنة الى الاوضاع المزرية التي تعيشها الجالية، مشيرا الى ان الجزائريين الاوائل الذين ساهموا في بناء المنشآت القاعدية لفرنسا تم رميهم في نواد تفتقد للظروف الانسانية وهم يصارعون الموت. ودعا في هذا الصدد الحكومة للتكفل بنقل الجثامين تفاديا لحرقها من قبل السلطات الفرنسية. كما انتقد اداء القنصليات ال18 بفرنسا التي اضحى دورها يقتصر على استخراج جوازات السفر وبطاقات التعريف الوطنية في حين تطالب الجمعيات الناشطة بالمهجر من هذه القنصليات تحسين الخدمات واستغلال البنايات القديمة في النشاطات العلمية والثقافية. من جهة أخرى، ثمن نواب المجلس الاجراءات الرامية لإيجاد حلول بديلة للاستيراد غير أن بعضهم اعتبر أن ذلك لا يتماشى مع رغبة الحكومة في دفع المفاوضات مع منظمة التجارة العالمية. وفي هذا الصدد، أشار النائب عن التجمع الديمقراطي الوطني عمر تليلات إلى ضرورة أن تدعم الحكومة مخططها ببرنامج عملي يرتكز على تحرير المبادرات الاقتصادية لدعم الاستثمار وإطلاق الابداع مع “رفع كل الكوابح وأشكال المعوقات مثل البيروقراطية والفساد”، مضيفا أن ذلك يتطلب “مقاربة كلية تستدعي مشاورة كل الأطراف”. ولانجاح هذا المسعى أكد على ضرورة تكثيف النسيج الصناعي ودعم الصناعات الجديدة وتنظيم العقار الصناعي وتشكيل خريطة للاقتصاد والتنمية. فيما قال النائب عن حزب العمال اسماعيل قوادرية إن المخطط الجديد يكرس الأفضلية الوطنية ويسعى لإيجاد حلول بديلة للاستيراد وفق ما اسماه ب«ثنائي المقاربة” من خلال تركيز الحكومة على مواصلة مفاوضات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، بينما تعمل على حماية الانتاج الوطني من خلال دعم النشاطات المنتجة وتأجيل رزنامة التفكيك الجمركي مع الاتحاد الأوربي من جهة أخرى. مضيفا أن ذلك يعد تناقضا في الطرح، داعيا في الوقت ذاته إلى تقييم رسمي لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي التي اعتبرها شراكة غير مربحة للطرف الجزائري. وفي هذا السياق، دعت النائب عن نفس الحزب نورة بلعشب إلى إلغاء اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي ووقف مسار الانضمام لمنظمة التجارة الدولية. مطالبة باتخاذ التدابير الجديرة بالقضاء على الفوضى التي تعيشها الأسواق في الجزائر واصفة التجارة الموازية ب«الغول” الذي ينهش الاقتصاد الوطني. وفي تقييمه للمخطط الحكومي، اوضح النائب عن جبهة القوى الاشتراكية يحي بوكلال أنه يصعب تقييمه إذ أنه لا يحوي لا أرقاما ولا تواريخ محددة، مؤكدا ضرورة تقييم حصيلة الحكومة السابقة ومحاسبة المسؤولين عن تأخر المشاريع المقررة في المخططات السابقة. وفي مجال الطاقة دعا النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي إلى دعم تسعيرة الكهرباء الريفية، بينما دعا نائب حزب العمال السيد سعيد زعير إلى التشديد في احترام قواعد الأمن والنظافة للمؤسسات النفطية وصناعة البتروكيماويات، حيث أشار إلى وجود مواد خطيرة منتشرة في الاوساط البرية والمائية تهدد -حسبه- صحة المواطن بشكل مباشر، داعيا إلى وضع المؤسسات والمجمعات الكبرى امام مسؤولياتها بسبب التلوث والاخطار والحوادث الصناعية. كما تناولت المداخلات المتعاقبة لمختلف النواب دعم الفلاحين والسكن الريفي وضرورة التوزيع العادل للسكن وتحسين استغلال الموارد المائية ودعم قدرات تحلية مياه البحر وتهيئة الموانئ والتكفل بالصيادين وتعزيز قدرات نقل المواد بالسكك الحديدية وتسهيل حركة المرور، إلى جانب قضايا التنمية المحلية على غرار التأخرات المسجلة أحيانا في تنفيذ الطرقات او نقص التزويد بالكهرباء والغاز الطبيعي.