سعيد سباعو شاب خريج معهد الترجمة، اتخذ من المانغا (الشريط المرسوم الياباني)، عالما له فسبح فيه أكثر من مرة واصطاد من خلاله حوتا مختلفة أحجامه وأنواعه فكان»مونديالي1» و«موندياليّ2» و«حومة فايتر» و«لوسيوس» و«ثمن الحرية»، وقدمه إلى معجبي المانغا الذين التهموه بكل شهية وهو الآن يطالب بالمزيد... "المساء" التقت بسعيد «على هامش الطبعة الخامسة للمهرجان الدولي للشريط المرسوم وكان هذا الحوار ** كيف كانت أولى خطوات سعيد سباعو في عالم المانغا؟ -- الحياة جميلة بتقلباتها وهو ما عشته حقا حينما اعتقدت انني فقدت الكثير بسبب مرض السلّ الذي ألم بي والذي حوّلني إلى بطال بعدما كنت اعمل كمترجم في شركة اجنبية، إلا أن الحياة كما ذكرت جميلة وغريبة أيضا وهو ما عشته حقا في فترة نقاهتي التي عدت فيها إلى حبي الأول «الرسم»، وفي يوم من الأيام شاهدت صديقة لي رسوماتي فدعت الكاتب والناشر لزهاري لبتر إلى معاينتها فحضر ورآها واعجب بها وطلب مني أن ارسم مانغا وهو ما حدث، حيث رسمت مانغا «مونديالي» بعد اربعة اشهر من طلبه، ولهذا أنا شاكر لله على كل ما حدث، ففعلا «ربي ما فيه غير الخير». ** ماذا تحكي مانغا»مونديالي»؟ -- تحكي مانغا «مونديالي» قصة شاب اسمه امين سالمي يعشق رياضة كرة القدم إلا انه وبعد فقدانه والديه في حادث مرور (حينما كانا بصدد تسجيله في مدرسة تكوين رياضييّ كرة القدم) أضحى يمقت هذه الرياضة ويشعر وكأنها لعنة حلت به ويتعرض لنكسات نفسية ويصبح مراهقا عدوانيا، إلا انه وبعد مساعدة اصدقائه وتشجيعهم له يلتحق بناد رياضي في حي شعبي ويمارس رياضته المفضلة، أما «مونديالي 2»، فأواصل فيها قصة امين الذي يصبح طبعا أكثر نضجا ويحترف رياضة كرة القدم، كما اتطرق أيضا إلى قصة حبه مع سامية وكيف أن العشاق الجزائريين لا يتحملون في اغلبهم مسؤولية حبهم، كما اتناول أيضا صداقته مع موموح الذي سطع نجمه في رياضة كرة القدم منذ أمد طويل، لأنه ثابر وفرض عزيمته وحقق حلمه. ** في انتظار الأجزاء المتبقية من «مونديالي؟ -- نعم، من المقرر أن اكتب عشرة اجزاء من «مونديالي»حسب طلب الناشر لزهاري لبتر، ومن ثم انتقل إلى مواضيع أخرى، وهو ما اراه أمرا عاديا رغم انني استطيع أن اكتب أكثر من ذلك إلا أن الانتقال إلى أعمال متجددة في صالحي. ** ضم «مونديالي»الكثير من الكلمات الجزائرية رغم انه مكتوب باللغة الفرنسية، فكيف كان التزاوج بين المانغا اليابانية وموضوع العمل الجزائري واللغة الفرنسية؟ -- أصبو دائما إلى استعمال كلمات جزائرية في المانغا، وهو ما اراه في غاية الاهمية، إذ ألبس مانغا يابانية رداء جزائريا من خلال استعمال مثلا كلمات نابعة من المجتمع الجزائري مثل: محاجب وقرنطيطة وكسرة، فلا يمكن مثلا أن اكتب في مانغا تحمل موضوعا جزائريا عن السوشي (أكلة يابانية) أو عن اكلة غربية، بل من الضروري أن تحمل اعمالي الهوية الجزائرية، أما عن كتابتي باللغة الفرنسية فأقول أن أكثر معجبي المانغا متعودون على قراءتها بهذه اللغة، كما انني استعمل في كل الاحوال الكثير من الكلمات الجزائرية في اعمالي. ** وهل ترجمتك للكلمات في اسفل صفحات المانغا، يُقصد منه كسب جمهور اجنبي؟ -- صحيح انني اترجم الكلمات في اسفل صفحات المانغا واقصد بذلك انشاء جسر من الثقافة الجزائرية إلى الثقافات الاخرى، أي انني اريد أن اعرّف الجمهور الاجنبي ببعض تقاليد الشعب الجزائري والكلمات التي يستعملها، وفي هذا السياق، وضعت شخصية كمال بن جدرة في «مونديالي» الرياضي الذي يحلم بفتح محل لصنع المحاجب بعد انتهاء مسيرته الاحترافية في رياضة كرة القدم، وشاءت الصدفة أن التقي بقارئ فرنسي طلب مني تعريفه بالمحاجب وتذوقها، وهو ما اسعدني لانني اريد حقا أن احدث ما فعله اليابانيين الذين استطاعوا الترويج لاكلهم السوشي عن طريق المانغا بالدرجة الأولى، فمن كان يعتقد اننا سنأكل حوتا نيئا؟ ** تضم أعمالك الكثير من الرسائل التي تريد أن توجهها للشباب، هل تعتقد حقا أن المانغا وسيلة ناجعة للتأثير في هذه الشريحة؟ -- نعم اعتقد ذلك وهو ما اقوم به في كل مانغا ارسمها واكتبها، فمثلا تطرقت كثيرا إلى ظاهرة «الحرقة» (الهجرة غير الشرعية وحاولت حث الشباب على عدم التفكير فيها وان الامل ما يزال قائما في البلد وان الضفة الأخرى لا تعني الجنة ابدا بل على الارجح هي جحيم. ** ولكن ليس من السهل تثبيت الامل في قلوب شباب يعيشون ضياعا كبيرا بسبب ظروفهم المادية الصعبة؟ -- هذا صحيح، لهذا اعتمدت في اعمالي على الفكاهة كأسلوب في الكتابة والرسم، فمن الايسر تمرير الرسائل كيفما كانت عن طريق الفكاهة وبأسلوب غير مباشر، وهو ما اتخذته كسياسة عمل في «مونديالي»و»حومة فايتر»، بيد أننا لو استعملنا الاسلوب المباشر والعنيف لانفض الشباب من حولنا ولم يسمع لنا كلمة. ** وماذا عن عملك «حومة فايتر»؟ -- «حومة فايتر» هو البوم المانغا صدر لي بعد جزئيّ «مونديالي»ولكن هذه المرة عن دار «زاد لينك» يحكي قصة سفيان بختي، شاب يمارس رياضة الملاكمة القتالية يتعرض لإقصاء بسبب خروجه عن قواعد اللعبة فيقرر الهجرة غير الشرعية ولكنه لا يتوفر له المال لتحقيق حلمه فيقرر المشاركة بما يسمى «ستريت فايتر» (المصارعة في الحارات) والذي ينص على المصارعة بين مصارعين من كل انحاء البلد ووفق شرط واحد ينص على عدم وجود أي قانون في هذه الرياضة، وكالعادة نفخت في هذا العمل روحا جزائرية فكان «حومة فايتر» بدل من «ستريت فايتر»، المهم قمت باستعمال الكلمات المألوفة في هذا النوع من المصارعة واعطيت لها هي الاخرى لمسة جزائرية فكانت الكلمات الآتية «حجوبيتو» و«شوارما كان»، كما تخيلت لو أن المجتمع الجزائري يهتم بالفنون القتالية كثيرا ويتخذ من كل فن قتالي بصمة له، واردت ايضا في هذا العمل الذي اعتبره طفلي المحبوب، أن امرر رسالة أخرى تتعلق بالمرأة المحجبة، حيث يقع البطل سفيان في حب زهية المرأة المحجبة والتي تتضامن معه في تحقيق حلمه الذي تحول من «الحرقة» إلى أن يصبح بطل الجزائر في «ستريت فايتر»، واردت أن اوضح خاصة للقارئ الاجنبي أن المراة المحجبة ليست قليلة العقل والمقهورة من طرف الرجل، وفي هذا السياق، قال لي قارئ فرنسي انه تفاجأ لصورة المرأة المحجبة غير المتعارف عليها في المجتمع الغربي... للإشارة، سيصدر جزء ثان لهذا العمل السنة المقبلة. ** ماذا عن البومك الجديد الذي صدر على هامش الطبعة الخامسة للمهرجان الدولي للشريط المرسوم بعنوان: «ثمن الحرية»؟ -- هو البوم مختلف عن الالبومات السابقة فهو البوم تراجيدي يحكي قصة رجل كافح في صفوف الجيش الفرنسي ضد النازية آملا في تحرير الجزائر بعد تحرير فرنسا، ولكنه شهد بعد ذلك احداث 8 ماي 1945 ومن ثم عاد إلى قريته في تيزي وزو ليجد زوجته مقتولة وابنه مخطوفا فيتعرض لانهيار عصبي ويعيش في الغابة ضائعا إلى اليوم الذي يطالب فيه الجيش الوطني الجزائري بالالتحاق به فيفعل ويصبح له هدف في الحياة ألا هو تحقيق استقلال الجزائر، وهكذا انتقلت من عالم فكاهي إلى تراجيدي وهو ما اردته من خلال تنويع الاساليب المستعملة في اعمالي. ** كم تصدر من البومات في السنة وهل تعيش من المانغا؟ -- اصدر حوالي اربعة البومات في السنة ومن خلال دور نشر مختلفة، حيث صدر لي أيضا البوم «لوسيوس» عن دار نشر»كازا» يحكي عن صراع بين «الآلف»(مخلوقات اسطورية شبه آدمية) وجيغانتاسك (مخلوقات عظيمة الحجم)، أما اجابتي عن الشطر الثاني من السؤال فأرد بنعم، فأنا اعيش من خلال رسمي للمانغا وقد كانت بدايتي في هذا المجال صعبة، إلا انني الآن املك معجبين واكثر من 3 آلاف منهم يشترون اعمالي في السنة. ** كيف ترى مستقبل المانغا في الجزائر، وماذا عن درجة اهتمام دور النشر الجزائرية به؟ -- أرى أن مستقبل المانغا في الجزائر سيكون مزدهرا حيث يتزايد عدد المعجبين في كل سنة حتى انه غلب عدد معجبي الشريط المرسوم الكلاسيكي والذي يطلق عليه باسم «البلجيكي الفرنسي»، وهو ما يشهده العالم اجمع كما أنني من اشد محبيّ هذا الفن منذ الصغر، أما اهتمام دور النشر الجزائرية بهذا الفن فجاء بعد أن فرضنا انفسنا بأعمالنا وهو ما اعتبره أمرا طبيعيا، حيث كل دار نشر تضع اموالا ووقتا في كل عمل ولهذا يجب أن يكون هذا الأخير جيدا، وفي هذا السياق أنوّه بدار نشر «أش بي اديسون» الجزائرية، التي تسوّق كتاب المانغا الياباني في الجزائر باسعمار جد معقولة. ** هل من مشاريع أخرى لسعيد سباعو؟ -- مشروعي القادم يتمثل في انشاء استوديو رسوم متحركة جزائرية تتوجه إلى جمهور جزائري محض، لاننا رغم حبنا للمانغا والرسوم المتحركة الأجنبية، إلا اننا بحاجة إلى شخصيات تشبهنا في طباعنا وتقاليدنا وكيفية قضاء يومياتنا، وانا الآن بصدد جمع كل من يمكن له أن يحمل هذا المشروع على عاتقه ونتوفر الآن على الرسامين والسيناريو وامور أخرى وينقصنا المال اللازم لتحقيق هذا المشروع، إلا أن الأمل في تجسيد هذا المشروع على ارض الواقع يبقى قائما.