يعرف الشريط المرسوم مثل غيره من الفنون، تغييرات سواء من ناحية المضمون أو الشكل، حيث يعتمد شباب اليوم في أغلبيته على المانغا اليابانية، للتعبير عن همومه العصرية كما يعتمد على الأنفوغرافيا في استعمال الألوان، بيّد أن القدامى كانوا متأثرين بالشريط المرسوم البلجيكي والفرنسي في أعمالهم، علاوة على اعتمادهم الدائم على استعمال اليد سواء في الرسم أو حتى في وضع الألوان، بالمقابل أصبحت هناك دور نشر تهتم بنشر الشريط المرسوم بعدما كانت تنفر منه بحجة تكاليفه الباهظة، ابعد من ذلك فقد تم إنشاء دار نشر متخصصة فقط في نشر الشريط، فهل يمكن أن نتفاءل بمستقبل الشريط المرسوم في الجزائر؟ ومحاولة منا للتعمق أكثر في هذا الموضوع، اتصلت ''المساء'' بكل من السيّد ابراهيمي سليم، مدير نشر ''زاد لينك'' التي أصدرت ''لابستور''، أول مجلة مختصة في نشر الشريط المرسوم في إفريقيا الشمالية (القطاع الخاص)، السيّد عبد الكريم كشرود، الممثل التجاري للمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية (القطاع العام)، وكذا الشباب المختص في الشريط وهم: بن علي محمد أمين، سعيدي محمد، سيد علي أوجيان وكهينة كسراوي، وهذا على هامش الفعاليات الأخيرة للمهرجان الدولي للشريط المرسوم، فكان هذا الموضوع : ابراهيمي سليم: إنشاء مجلة شريط مرسوم ببصمة جزائرية لطالما حلمت بإنشاء مجلة حول الشريط المرسوم، خاصة أنني كنت وما زلت مولعا بمطالعة الأشرطة المرسومة التي كنت مشتركا فيها، فقلت لم لا يكون لدينا في الجزائر شريط مرسوم عن المانغا ولكن ببصمة جزائرية؟ وفي يوم من الأيام تحصلت على جائزة حول كتابتي لمقال عن الفيديو في مسابقة أجنبية، وكان هذا الفوز بمثابة تشجيع لي لإنشاء مجلة حول الشريط المرسوم فقلت لنفسي : '' سأحقق حلمي عندما انهي دراستي في الجامعة، بعدها عملت تصاميم مصغرة للشريط وأخذتها إلى الكثير من الناشرين الذين أكد لي من استقبلني منهم أن مشروعي فاشل. لم تثبط عزيمتي أقوال الناشرين، بل دفعتني إلى اتخاذ القرار السليم، وهو إنشاء مؤسستي الخاصة للنشر ''زاد لينك''، صحيح أن الأمر كان صعبا، خاصة من الناحية المادية، وكذا الحصول على ترخيص إنشاء المجلة، فامتهنت وقريبي أعمالا خفيفة بغية الحصول على المال، واستطعنا بعد جهد جهيد أن نجمع الأموال اللازمة وأجرينا أول سحب الذي حقق نجاحا كبيرا عكس ما كان يقال لنا، وها هي المجلة ما تزال حية بعد ثلاث سنوات من إنشائها. أردت إنشاء هذه المجلة بهدف الارتقاء بفن الشريط المرسوم الجزائري وبالأخص المانغا منه، ونحن نستقبل رسومات الشباب الذين يتلقون مقابل ذلك مبالغ زهيدة، فنحن نريد تعريفهم للجمهور وتشجيعهم لإنهاء ألبوماتهم ومتى تحقق ذلك ننشرها لهم ويتحصلون على مقابل مقبول، وفي هذا الصدد ننشر لكل عمل ثلاث آلاف نسخة، تباع جميعها. وفي هذا الإطار، أصدرنا أول وثاني البوم مانغا في إفريقيا الشمالية، وهما ''ساميكون'' من كتابتي ورسوم عبد الغني مغنيش و''دقة''من كتابة ورسوم طبيب عاصمي، أما عن سوق الشريط المرسوم فالكثير من الشباب يقبلون على المانغا والدليل ما نستنتجه في المهرجان من إقبال لجناحنا بمناسبة هذا المهرجان، وأضيف أنه صحيح أن المانغا فن ياباني ولكن أليس الشريط المرسوم لقدامى الجزائريين متأثرا بنظيره البلجيكي والفرنسي؟ فنحن مثل القدامى نتناول في أعمالنا الشخصية الجزائرية، وإن كنا قد اخترنا المانغا فلأنها الشكل الأكثر مبيعا في العالم، كما أن هذا النوع يجذب الشباب كثيرا، بل أن الشباب يجد نفسه فيه. عبد الكريم كشرود: الشريط المرسوم ضمن برنامجنا منذ بداياتنا نشر الشريط المرسوم في المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية أمر لا مفر منه، باعتباره يدخل ضمن البرنامج المسطر لهذه المؤسسة، وقد أعدنا طبع وإصدار كل الأشرطة المرسومة التي كانت تصدر من طرف الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سابقا، واعدناها في حلة جديدة كما نشرنا أشرطة جديدة ليزيد عدد الأشرطة المرسومة في المؤسسة إلى أكثر من مائة عمل. كما أن لدينا جمهورا مختصا في الشريط المرسوم، لكنني لا استطيع أن أقول أن هناك عددا كبيرا من الجمهور يشتري الشريط نظرا لغلاء بعضه، إلا أن أسعارنا عموما مناسبة، خاصة أن الأشرطة مصنوعة من ورق متين وبالتالي فهي خالدة لا تزول. أما عن مشاركتنا في المهرجان فكانت بعناوين مختلفة نذكر أشرطة لهارون وسليم وشريطين جديدين هما: ''رايس حميدو''، و'' أبطال من المغرب العربي''. بن علي محمد أمين : المانغا تستهويني ولا أحب الشريط البلجيكي والفرنسي بدأت رسم الشريط المرسوم في السنة الثانية عشرة من عمري ولكنني كنت دائما أتوقف عن تكملة أي مشروع حول هذا الفن إلى غاية تعرّفي على مجلة ''لابستور'' التي تهتم بنشر الأشرطة المرسومة للهواة، فاتصلت بمسؤوليها عن دار نشر ''زاد لينك'' واتفقت معهم على نشر أعمالي، وتحقق ذلك وبعدها تطورت مشاركتي مع دار نشر ''زاد لينك'' فأنجزت ألبوم مانغا بعنوان: ''ساردار'' الذي يباع في المهرجان في انتظار نزوله إلى السوق. حقيقة، دائما أحببت المانغا التي تختلف عن الشريط المرسوم المتعارف عليه، في طريقة سرد القصة، فالمانغا تحمل قصة طويلة ومعقدة، أما الشريط فيضم حكاية قصيرة ويعتمد على استعمال الألوان المختلفة، وكذا الاهتمام بجودة الرسم، بالمقابل، يعود حبي للمانغا إلى تأثري بالثقافة اليابانية عكس الشريط المرسوم الفرنسي والبلجيكي الذي لا استهويني. ويحكي شريطي المرسوم، قصة شاب يبحث عن أخيه الذي اختفى منذ سنوات وهذا في القرن الحادي عشر، وتجري أحداث القصة في جو من السحر الذي تحدثه جماعة من الجن، وهنا أتوقف لأقول أنه رغم أنني استعملت المانغا إلا أنني تناولت ثقافتنا وفلكلورنا ولم اهتم بالثقافة اليابانية. أما عن نشر أعمالي فكان حقيقة أمرا يسيرا، فقد قدمت مشروعي لناشر ''زاد لينك'' وتم قبوله وبدأت تجسيد مشروعي الذي عرف طريقه إلى النشر. أما عن تجاوب الجمهور مع هذا النوع من الأعمال، فأنا أرى أن سوق الشريط المرسوم في الجزائر هو في بداياته كما أن تنظيم مثل هذا المهرجان يساعد في التعريف بهذا الفن إلى الجمهور، الذي بدوره يعرف تزايدا ملحوظا في كل طبعة من المهرجان. في إطار آخر، تعلمت بعض تقنيات الرسم في المدرسة، إلا أنني تعلمت الكثير من التقنيات في هذا المجال عن طريق الكتب، أيضا من الهام أن ندرك بعض تقنيات الأنفوغرافيا، لكي نستعملها نحن الشباب في طريقة تلوين أعمالنا، وهذا أفضل من التلوين باليد، مع العلم أنني طالب في الإعلام الآلي. هل يمكن أن يكون الشريط المرسوم أداة تحسيسية؟ أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال تكون بنعم، خاصة في الدول التي تعرف إقبالا كبيرا من الجمهور على هذا الفن كاليابان وفرنسا، فمن السهل تمرير رسائل معيّنة عن طريق الرسم، فالشباب هناك يقرأ الشريط المرسوم أكثر من قراءته للكتب العادية والجرائد. سعيدي محمد: الشريط المرسوم في الطريق الصحيح حكايتي مع الشريط المرسوم تعود إلى عهد دراستي بالمتوسطة، حيث كنت ارسم لنفسي ولأصدقائي، أما عن بداياتي مع النشر في عالم الشريط فكانت منذ ثلاث سنوات في مجلة لابستور، وحقيقة يعرف هذا الفن في السنوات الأخيرة تقدما بعد احتضانه من طرف أكثر من دار نشر وهو ما لم يكن عليه الحال قبل ذلك، حيث كان الناشر يمتنع عن نشر الشريط المرسوم لما يكلفه من أموال باهظة. وفي هذا الإطار، أصدرت ألبوما عن دار ''زاد لينك'' حول الجزء الأول من ''دقة'' والذي يحكي عن صراع بين الخرفان وحاليا أقوم بالتحضير لألبوم يحكي عن الزواج القسري وبعض التقاليد بطابع كوميدي، كما ارسم مواضيع خيالية في المجلات وهي مجلة لابستور ومجلة البندير، حيث أحاول التعرض إلى المواضيع التي تهم المجتمع بالدرجة الأولى، فأنا اعتقد أن الشريط المرسوم يمكن أن يكون أداة تحسيس في غاية الأهمية، خاصة أنه يمس الكبار والصغار معا. بالمقابل، تحصلي على الجائزة الأولى للمبدعين الشباب الهواة، السنة الفارطة في فعاليات مهرجان الشريط المرسوم بالجزائر، مكنني من النشر في المجلات والعمل على انجاز البوم جديد، أما عن استعمالنا للأنفوغرافيا في الشريط المرسوم، فنحن كشباب مجبرون على استعمال الأنفوغرافيا في عملنا فنرسم بالأيدي ثم ننسخ أعمالنا وننظف الورقة لكي تصبح بيضاء، بعدها نستعمل الأنفوغرافيا التي نكون قد تعلمنا بعض من أساسياتها أو نعتمد على صديق مختص في المجال. سيد علي أوجيان: أعتمد على الأنفوغرافيا في استعمال الألوان أحببت الشريط المرسوم منذ أن كنت صغيرا ورغم تخصصي في هندسة الأثاث، وكذا حبي الكبير للشعر، إلا أنني لم أتخل عن الشريط المرسوم فأنجزت ألبوما بعنوان: ''فيكتوري راود''وعن دار نشر ''زاد لينك'' ويحكي في قصة واحدة حب شابين لرياضتيّن مختلفتيّن وهما رياضة كرة القدم ورياضة كرة السلة، وقد أنجزت عملي هذا بأسلوب المانغا المفضلّ لدي واعتمدت على الأنفوغرافيا في استعمال الألوان. ويعد هذا الشريط أول خطوة لي في الفن، وفي هذا السياق أنشأت استوديو اعمل فيه مع فنانين آخرين حول الشريط المرسوم وسنخرج في آخر السنة بالعديد من الألبومات، بالمقابل اشتغل في العديد من المجلات مثل مجلة ''نونو'' للطفل كما تحصلت على جائزة في الشعر بديوان عنونته: ''كلمات وكدماتز. كهينة كسراوي: لدينا شباب موهوب وعصامي في الشريط المرسوم ها أنذا أشارك للمرة الثانية في المهرجان الدولي للشريط المرسوم بألبوم يحكي عن سينما بوليوود، وبالضبط عن قصة كيني التي تسافر هي وأصدقاؤها إلى الهند لمشاهدة تصوير فيلم وهناك تتعرض كيني للكثير من المغامرات، خاصة بعد خطف الممثلة الرئيسية للفيلم. أما ألبومي الأول فقد أعددته سنة 2003 وكان حول فترة الستينيات بالولايات المتحدةالأمريكية فأنا اعشق هذه الفترة وكنت أتمنى لو أنني عشتها حقا، وكذلك تمنيت لو أنني استطيع أن استرزق من ممارستي لهذا الفن ولكن هذا غير ممكن في الجزائر. في سياق آخر بدأت في رسم الشريط المرسوم منذ السنة السابعة من عمري وكان لدي الحظ أن تجد أعمالي طريقها إلى النشر سنتيّ 2003 و.2009 أرى أن هناك الكثير من الشباب الذين يرسمون الأشرطة ولكنهم يواجهون صعوبات تتعلق بالدرجة الأولى بالإمكانيات الضئيلة المتوفرة لديهم، كما أنهم يتمتعون بموهبة الرسم وكتابة السيناريو رغم أنهم عصاميون وهذا لغياب التكوين في هذا المجال. الناس لا يقرؤون الكثير من الأشرطة ولكن أرى أن هناك تغييرا من ناحية توفر عدد كبير من الشباب الذين يرسمون الأشرطة، لا توجد هناك إمكانيات كبيرة، بالمقابل رغم أن هناك أشرطة مرسومة تحمل البصمة الجزائرية المحضة مثل أعمال سليم غير أنني أفضل الأعمال التي تعنى بالإنسان كيفما كان.