النواب يؤكدون أهمية إضفاء الطابع الاستعجالي على مخطط الحكومة لم تبتعد مداخلات أعضاء مجلس الأمة خلال النقاش الذي أعقب عرض الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، أمس، مخطط عمل الحكومة، عن سياق عرض المشاكل الاجتماعية للمواطن وإبراز النقائص التي تعتري بعض القطاعات بسبب تفشي الرشوة والفساد. ومن هنا تركز النقاش على ضرورة إضفاء الطابع الاستعجالي على البرنامج الحكومي لمجابهة التحديات الداخلية والخارجية التي تعرفها البلاد. وإذ أشاد عدد من نواب مجلس الأمة بمحتوى مخطط عمل الحكومة باعتباره برنامجا طموحا، فقد أكدوا على أهمية بذل المزيد من الجهود لإتمام الدولة للمشاريع الحالية ومباشرة أخرى جديدة. وأكدت السيدة زهية بن عروس، من الثلث الرئاسي، أنه كان من الأجدر قبل أن يستعرض عمل الحكومة الحالية تقديم حصيلة سابقتها خاصة فيما تعلق بالشق الاقتصادي، مشيرة إلى أن الحكومة السابقة "فشلت في تحقيق البرنامج الخماسي لبرنامج رئيس الجمهورية". وتحدثت النائبة عن غياب الطابع الاستعجالي في محاور مخطط عمل الحكومة "وكأننا -كما قالت- نعيش في عالم آخر ولسنا معنيين بتداعيات الأزمة المالية والاقتصادية التي يتخبط فيها العالم ولا بما يحدث من حولنا خاصة على حدودنا الجنوبية". وتساءلت، من جهة أخرى، عن الجدوى من القضاء على الأسواق الفوضوية دون إيجاد حلول مسبقة لمشاكل الشباب مؤكدة بقولها: "ليس هناك فوضى في الأسواق أو الشارع ولكن الفوضى تكمن في أكبر مرفق عام وهي الإدارة التي أصبحت عشا للفساد والحقرة والبيروقراطية". وشددت على أن الحل الأمثل لمشاكل الشباب هو إقحامهم في مسار التنمية ووضع الثقة فيهم وتفجير طاقاتهم. أما النائب محمد نواصر من حزب جبهة التحرير الوطني، فقد أشار الى أن مخطط الحكومة يصب كله في خدمة المواطن، مؤكدا أهمية الاستثمار في العنصر البشري في إطار تحقيق دولة قوية لا تزال بزوال الرجال. لكن ذلك يقتضي، في نظر نائب الافلان، تعزيز الثقة بين المواطن والحكومة، لا سيما في ظل وعود غير محققة في عدد من المجالات الحيوية كالصحة والاتصال والتشغيل. وهنا اغتنم نواصر الفرصة للتطرق إلى جملة من المشاكل التي تعاني منها ولاية تمنراست في القطاع الصحي بسبب نقص الاختصاصيين، مشيرا إلى ضرورة تشجيع استقرار الأطباء في الجنوب من خلال تقديم الامتيازات والتحفيزات المادية. ولم يخرج تدخل السيدة ليلى الطيب، من الثلث الرئاسي، عن سياق الإشادة بالمخطط، موضحة انه يأخذ بعين الاعتبار تطلعات المواطن، غير أنها في المقابل قدمت بعض الاقتراحات في سياق تحسين مردودية بعض القطاعات، كما هو الشأن لقطاع التربية الوطنية، حيث دعت إلى إعادة النظر في البرامج التعليمية للأطوار الثلاثة وكذا في التوقيت والكتب المدرسية. في حين أكدت الأهمية التي يكتسيها نظام التعليم التقني الذي يشكو في الجزائر من نوع من الإهمال، في وقت تولي فيه الدول المتقدمة أهمية كبيرة لهذا النوع من التعليم وتدرجه في المدارس العليا. وبرأي عضو مجلس الامة فإنه حان الوقت للانتقال بالجامعة الجزائرية حاليا الى مرحلة أخرى من أجل تكوين النخبة في شتى المجالات، كما أشادت، من جهة أخرى، بمبادرة وزارة المجاهدين التي أصدرت كتبا تتطرق الى مسيرة المجاهد المجهول ستوزع قريبا على المؤسسات التربوية. أما السيد ابراهيم بودخيل من التجمع الوطني الديمقراطي فقد أشاد هو الآخر بسياسة التشغيل للحكومة من خلال مختلف الآليات التي خلقتها في سبيل خلق مناصب الشغل للشباب، انطلاقا من أن هذه الآليات تشكل "لبنة أولى لبناء الصناعات المتوسطة بالجزائر". من جانبه، تناول السيد مسعود قمامة من حزب جبهة التحرير الوطني المشاكل التي يعاني منها سكان الجنوب كالصحة والتشغيل والسكن والطرقات، داعيا إلى الإسراع في حلها. كما تطرق الى الأزمة في مالي التي وصفها ب«المقلقة" مطالبا الجزائر ببذل جهود أكبر لإرساء حوار سلمي لتفادي الدخول الأجنبي في هذا البلد. وضمن سياق البحث عن تفعيل مخططات الحكومة طالب النائب مصطفى بودينة من الثلث الرئاسي بضرورة تعزيز البرلمان بصلاحيات تمكنه من مراقبة نشاط الحكومة وعملها اليومي، انطلاقا من أن الحكومات السابقة لم تخضع إلى المحاسبة والتقييم بالرغم من الفضائح التي سجلت خلال فترتها. وفي معرض الحديث عن الفساد، أكد النائب عبد القادر زروق من حزب جبهة التحرير الوطني في تدخله على ضرورة محاربة الافة الخطيرة على الاقتصاد الوطني، مطالبا بإنشاء وسائل للمراقبة قصد التحكم في تسيير المال العام. وهو ما ذهب اليه النائب صالح دراجي من نفس الحزب، حيث دعا إلى مواجهة هذه الظاهرة التي تكبل عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. أما النائب لويزة شاشوة من الثلث الرئاسي، فقد فضلت الحديث عن القطاع الصحي، مشيرة إلى النقائص التي تعتري الخدمات الجوارية، من بينها عدم الاستجابة للحاجيات الأساسية للعلاج في بعض الحالات إلى جانب الظروف السيئة الخاصة بإستقبال المرضى وكذا عدم الالتزام بالوقت المحدد للعمل في بعض المؤسسات العلاجية. وفي مجال البيئة، تساءل النائب صالح دراجي عن جبهة التحرير الوطني عن المدة المحددة لعملية التخلص من المفرغات التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا، داعيا الى ضرورة سن قانون يكون صارما في معاقبة الذين يلوثون المحيط. وتطرق النائب دراجي، من جهة أخرى، إلى التعليم العالي، حيث دعا إلى تحسين نوعية العمل والتكوين والتأطير، الى جانب السعي لإيقاف ظاهرة هجرة الأدمغة الوطنية الى الخارج. أما النائب عبد القادر قاسي(حزب جبهة التحرير الوطني) فقد شدد في تدخله على ضرورة عصرنة الإدارة من خلال إنشاء مراكز للتكوين وتنظيم مسابقات بشأن عمليات التوظيف في الإدارة إلى جانب تحسين تكوين أعوان البلديات.