قطعت الجزائر خطوات كبيرة في مجال التوثيق وهو ما بوأها مكانة إقليمية ودولية هامة ليتم اختيارها هذا العام وبطلب إفريقي ودولي لاحتضان الدورة الرابعة لاجتماعات الهيئات المؤسساتية للاتحاد الدولي للتوثيق.. ورغم حداثة انضمام الجزائر وانتخابها كعضو في الاتحاد الدولي للتوثيق والذي تم نهاية 2006، إلا أن قوانينها الإلزامية بخصوص التوثيق خاصة ما تعلق بالتوثيق الناجم عن التحويلات العقارية والتجارية جعلها من البلدان الأكثر شفافية في تعاملاتها القانونية وبالتالي الأقل إشكالا من حيث المتابعات القضائية. وخلال إشرافه يوم الخميس على افتتاح أشغال اجتماعات هيئات الاتحاد الدولي للتوثيق، عبر وزير العدل حافظ الأختام السيد محمد شرفي عن اعتزازه بما تحقق من إنجازات كبرى في شتى المجالات والقطاعات وفي مقدمتها قطاع العدالة الذي عرف تقدما ملحوظا نحو الحداثة والعصرنة في ظل المخطط الوطني للإصلاح والتنمية الشاملة، ولعل اهتمام السلطات بمهنة التوثيق أعطى القطاع الأهمية والمكانة التي يحتلها اليوم التوثيق الجزائري بين الهيئات العضو في الاتحاد ويعكس بذلك حجم الثقة التي يحظى بها والخطوات التي خطاها في مسار الارتقاء بالمهنة. وأشار الوزير في مداخلته أمام أزيد من 500 خبير موثق يمثلون 50 دولة إلى جهود الدولة الحثيثة للرقي بمهنة التوثيق الذي صنف ضمن أعمال السلطة العمومية وذلك من خلال إضفاء، ومنذ أربعة عقود، طابع المصلحة العمومية على مكتب التوثيق وهو ما نجم عنه واجب الرعاية لظروف الأداء والسهر الدائم على مواكبة المنظومة القانونية والتطور الاقتصادي والاجتماعي وهو ما يعبر عنه بصدق ما توصل إليه التوثيق اليوم في الجزائر -يضيف الوزير-الذي أكد أن مهنة التوثيق أصيلة في بلادنا ومتأصلة منذ ما يزيد عن 14 قرنا وهي تعمل بالقاعدة الشرعية قبل كل شيء. ولعل ما حققته مهنة التوثيق في بلادنا على الصعيدين الداخلي والخارجي من تطور من حيث التنظيم والتسيير وتفتحها على نظيراتها في الدول الشقيقة والصديقة بالإضافة إلى انضمامها إلى الاتحادات المهنية الدولية والإقليمية والقارية ما هو إلا ثمرة من ثمار الإصلاحات الشاملة التي انتهجتها الجزائر خلال العشرية الأخيرة منها إصلاح العدالة الذي دعم مهنة التوثيق بقانون جديد تضمن عدة محاور سمحت له بإعادة هيكلة المهنة مع إرساء قواعد تنظيمية جديدة خاصة ما تعلق بشروط الالتحاق بها وإلزامية التكوين وهو ما أعطى للموثق مكانة مميزة في المنظومة القانونية للبلاد. ومن هذا المنطلق فإن المشرع والسلطة الجزائرية يعتبران الموثق واحدا من الآليات القانونية التي تعتمد عليها السلطة العمومية في بلوغ الأهداف المرجوة من سن جملة من القوانين الجديدة، بما له من دور في حركية المعاملات الاقتصادية مع ضمان حقوق الخزينة واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية والاستثمار فيما تزخر به الجزائر من فرص. من جهته، أشاد رئيس الاتحاد الدولي للتوثيق السيد جون بول ديكوربس إلى المستوى العالي الذي بلغته مهنة التوثيق في الجزائر التي أصبحت وبقوة القانون ملزمة بحيث يضع القانون الجزائري تحت طائلة البطلان كل عقد غير خاضع للتوثيق وهذا تقدم كبير ومستوى عال مقارنة بدول المنطقة والقارة التي لا تزال تتعامل باحتشام مع هذه المهنة وهو ما غيب عامل الشفافية في تعاملاتها وتحويلاتها التجارية والاقتصادية وكذا العقارية.. ولعل التزام الجزائر وتمسكها بمهنة التوثيق كعامل لتوفير الأمن القانوني والسلم الاجتماعي وإعطاء ضمانات لكل الأطراف الداخلية والخارجية دفع بالهيئة إلى منح الموثقين الجزائريين الشباب فرصة الالتحاق بأول جامعة متخصصة للموثقين والتي ستفتتح بروما شهر نوفمبر القادم للاستفادة من تكوين موسع في الاختصاص والاطلاع على القوانين الدولية والأداء التوثيقي في البلدان الأعضاء في الاتحاد الدولي للتوثيق بالإضافة إلى تبادل الخبرات والتجارب. وحسب رئيس الغرفة الوطنية للموثقين الجزائريين السيد هنى عشيت فإن هذا الاجتماع المطول الذي انطلق بشكل مغلق يوم الثلاثاء الماضي سيناقش عددا من المسائل والقضايا المتعلقة أساسا بالقانون الأساسي للموثق وعلاقته بالسلطة وكذا الدور الاقتصادي للموثق. بالإضافة إلى محور خاص بالقانون والتنمية المستدامة ومستقبل المهنة في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية مع دراسة سبل التقليل من انعكاسات الأزمة المالية والاقتصادية الحالية في العالم.