حددت الزيارة الرسمية لرئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند للجزائر بيوم 19 ديسمبر المقبل، وهي التي سبقتها زيارة العديد من وزارء حكومة هولاند بغرض وضع ورقة طريق والتحضير لمجموعة من الاتفاقيات التي سيتم توقيعها بين البلدين في مجالات تنويع المبادلات التجارية، الشراكة الاقتصادية، بالإضافة إلى الخروج برأي موحد بخصوص أزمة مالي . كشفت مصادر مقربة من وزارة الخارجية عن تحديد يوم 19 ديسمبر المقل كموعد لأول زيارة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر، منذ انتخابه شهر ماي الفارط رئيسا للجمهورية الفرنسية، وفي حقيبته مجموعة من الملفات بغرض إعطاء دفع جديد للعلاقات السياسية والاقتصادية ما بين البلدين، حيث يتوقع أن يلقي الرئيس الفرنسي محاضرة حول العلاقات الجزائرية-الفرنسية أمام نواب المجلس الشعبي الوطني لإبراز أهمية الجزائر في العلاقات الخارجية الفرنسية التي تطمح اليوم لتفعيلها بعد الجمود الذي ميزها خلال السنوات الفارطة. تحضيرات الزيارة التي تمت على أعلى المستويات من طرف المسؤولين الجزائريين تميزت بزيارة عدد من وزراء حكومة هولاند على رأسهم وزير الداخلية مانويل فالس الذي أشاد بتميز العلاقات بين البلدين في جميع المجالات من منطلق أنها مبنية على أسس مشتركة، ويتوقع أن يجتمع اليوم وزير الإصلاح والإنتاج ارنوا مونبروغ بعدد من الوزراء الجزائريين الكلفين بكل من الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال وذلك بغرض عرض التجربة الفرنسية لتطوير المؤسسات وتسريع حركة الإصلاحات القطاعية، على أن تنتهي الزيارة بالتوقيع على مجموعة من بروتوكولات التعاون والتحضير لاتفاقيات ثنائية. ويتوقع أن تحل بالجزائر، منتصف الشهر الجاري، الوزيرة الفرنسية المكلفة بالسكن سيسيل دوفلو بغرض اقتراح رفع مجالات الشراكة في مجال البناء والسكن بين المؤسسات الوطنية ونظيراتها الفرنسية التي ستعرض الخبرة التقنية وتسيير الأجزاء المشتركة في الأحياء السكنية الجديدة. زيارة فرانسوا هولاند للجزائر تأتي عشية اعترافه بالجرائم المرتكبة من طرف الشرطة الفرنسية خلال مظاهرات 17 أكتوبر 1961، حيث يتوقع أن يعاد فتح ملف طلب الاعتذار من فرنسا حيال جرائمها إبان الاحتلال الفرنسي، خاصة وأن تصريح هولاند الأخير بخصوص علاقة فرنسا بالقارة الإفريقية كان واضحا بعد دعوته لإقامة علاقات مبنية على الصدق قائلا "لقد ولّى عهد إفريقيا الفرنسية، هناك الآن فرنسا وإفريقيا، وهناك شراكات بين فرنسا ودول القارّة الإفريقية تقوم على علاقات الاحترام والوضوح والتضامن، آمل أن يكون الصدق أساسا للعلاقات بين فرنسا وإفريقيا بعيدا عن فرض نماذج معيّنة أو إعطاء دروس أخلاقية"، وعليه يتوقع المتتبعون للملف أن يسعى الرئيس الفرنسي من خلال الزيارة إلى غلق ملف الاعتذار نهائيا بما يرضي جميع الأطراف. أما من الناحية الاقتصادية فإن الأزمة الاقتصادية الفرنسية دفعت بأرباب الشركات الفرنسية العملاقة إلى البحث عن أسواق خارجية لاستثمار أموالهم بعيدا عن أزمة البنوك، وتعد الجزائر من بين الأسواق المستقطبة لكل أنواع الاستثمارات خاصة وأنها لم تتأثر بأزمة الاورو، وعليه ينوي الرئيس الفرنسي تشجيع الشراكة الفرنسية - الجزائرية طويلة المدى في العديد من القطاعات الإستراتيجية على غرار الصناعية والخدمات. كما يرتقب أن تتخلل الزيارة محادثات على أعلى مستوى مع الطرف الجزائري بخصوص عدة ملفات على غرار الهجرة وتبادل المعلومات في المجال الأمني، وينتظر أن تتوج الزيارة بالتوقيع على اتفاقية أمنية يجري إعدادها من الجانبين تتضمن اتفاقا حول تبادل المعلومات المتعلقة بالجريمة المنظمة والإرهاب، وتعزيز المراقبة الأمنية عبر المطارات والموانئ على محور الجزائر باريس، ويبقى ملف أزمة مالي من بين أهم الملفات التي ستطرح بقوة خلال الزيارة للخروج برأي موحد بين الجزائروفرنسا خاصة وان هناك اختلافا كبيرا في الرأي بين الجزائر التي تتبني منطلق الحوار بين جميع الأطراف من دون تهميش أي جهة في حين تدعو فرنسا إلى تدخل أمني وعدم الرضوخ لمطالب مختطفي الدبلوماسيين، وعليه يتوقع المتتبعون لملف الأزمة المالية أن تكون زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر حاسمة لتحديد الموقف النهائي من منطلق أن البلدين (الجزائروفرنسا) حسب تصريح وزير الداخلية الفرنسي من بين أكثر الدول فاعلية في منطقة الساحل بغرض تحقيق التنمية والاستقرار من خلال استغلال نفوذهما وخبرتهما للعمل سويا بما يخدم مصلحة المنطقة، مؤكدا إرادة فرنسا في إقامة حوار سياسي مفتوح مع الجزائر في هذه المسألة.