حذرت حركة أنصار الدين الإسلامية في شمال مالي، أمس، من مغبة أي تدخل عسكري في هذا البلد وأكدت أن أي حرب ضد شعب الطوارق سيؤدي إلى إشعال كل المنطقة.وقال محمد آغ أهاريد الناطق باسم وفد الحركة المفاوض بالعاصمة البوركينابية واغادوغو أن كل الأطراف مطالبة بأن تشرع في العمل من أجل إحلال السلام. وأبدت هذه الحركة الإسلامية، التي شرعت في تطبيق مبادئ الشريعة على سكان المناطق التي بسطت سيطرتها عليها منذ أيام ليونة واضحة في مواقفها وأكدت استعدادها على التفاوض مع الحكومة المركزية في باماكو، بل وناشدت الحركات الترقية الانفصالية إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإنهاء حالة الفراغ السياسي والانزلاق الأمني في مالي بالطرق الدبلوماسية. وأكد مسؤول الحركة، التي ولدت من رحم تنظيمات إسلامية متطرفة في شمال البلاد وهي تضم إسلاميين توارق “إننا نندد بكل محاولة لتسوية المشكلة المالية بالطرق العسكرية، لكننا إذا أرغمنا على ذلك فإننا مستعدون لخوض أية حرب تفرض علينا”. ورغم هذه التحذيرات إلا أن الحركة أكدت، أول أمس، انسحابها من الحلف الذي يربطها بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الجهاد والتوحيد في غرب إفريقيا بعد أن أعلنت رفضها لكل عمل إرهابي. وذهب آغ أهاريد إلى أبعد من ذلك عندما أكد أن أمر تطبيق الشريعة أمر ثانوي ويمكن تأجيل النظر فيه في حال قبلت الأطراف المالية الأخرى الدخول في مفاوضات سياسية لتسوية كل خلافاتها، وقال “إننا لم نشر إلى مسألة الشريعة لأنها تبقى من الجزئيات والتي لا يجب أن تعطلنا عن تحقيق هدفنا النهائي في التوصل إلى تسوية سياسية لكل الخلافات وإعادة السلم إلى البلاد”. وتأتي هذه الليونة في مواقف حركة أنصار الدين في وقت ينتظر أن يصادق قادة دول غرب إفريقيا على خطة التدخل العسكري التي سيتم تسليمها تفصيلاتها إلى مجلس الأمن للنظر فيها قبل إعطاء موافقته عليها. وكان قادة هيئات أركان جيوش دول مجموعة “إيكواس” قد وقعوا على ما أسموه “المفهوم الاستراتيجي” الذي تضمن مختلف حيثيات التدخل العسكري من أجل استعادة شمال مالي من تحت سيطرة التنظيمات الإسلامية المتطرفة وبسط سيادة الحكومة المركزية عليه. وتضمنت الخطة المصادق عليها تشكيلة وتعداد قوة التدخل الإفريقية ودرجة استعداد دول غرب إفريقيا للمشاركة فيها وسبل تمويلها والوسائل العسكرية اللازمة لتنفيذها، إضافة إلى مدى تقبل دول غرب إفريقيا لنشر قوات غربية فوق الأراضي المالية. وهي القضية التي أبدت عديد الدول الإفريقية حساسية إزاءها، خاصة عندما تعلق الأمر بوجود عسكري فرنسي والذي أعاد إلى الأذهان فكرة عودة فرنسا الاستعمارية إلى مستعمراتها السابقة في أقل من نصف قرن منذ رحيلها عنها. وإذا كان الصمت المطبق قد أحيط بهذه المسائل، إلا أن مصادر إفريقية أكدت أن تعداد القوة قد يرفع إلى أزيد من أربعة آلاف رجل بدلا من 3300 عسكري، التي سبق لدول غرب إفريقيا وأن اقترحتها.