أعلنت السلطات البوركينابية الوسيطة في الأزمة المالية، أمس، أنها ستقوم بوضع إطار للحوار قبل الشروع في محادثات شاملة بين سلطات باماكو والجماعات المسلحة الترقية والإسلامية المسيطرة على ولايات شمال هذا البلد. وجاء هذا الإعلان إثر محادثات أجراها الرئيس البوركينابي بليز كمباوري، الذي يقود الوساطة في الأزمة المستفحلة في مالي باسم دول غرب إفريقيا، أمس، مع وفد من الحركة الوطنية لتحرير الأزواد بمقره الرئاسي في العاصمة واغادوغو. وقال وزير الخارجية البوركينابي، جبريل باصولي، إن الرئيس كمباوري سيقدم للأطراف المتنازعة في مالي إطارا رسميا للحوار يأخذ بعين الاعتبار المطالب المعلنة من قبل قادة دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" دون تحديد جدول زمني لهذا الإطار، وأضاف باصولي أن هذا الإطار المطروح منذ أشهر سيحدد جدول أعمال محادثات شاملة تؤدي إلى وضع اتفاق سلام نهائي يقود إلى الاستقرار والتنمية. واستقبل الرئيس البوركينابي، أمس، وفدا عن المتمردين التوارق الماليين، الذين اضطروا إلى الفرار من شمال مالي تحت ضغط الجماعات الإسلامية المسلحة المسيطرة على هذا الجزء من الأراضي المالية. وكان من بين أعضاء الوفد إبراهيم آغ محمد إصلاح، عضو المجلس الانتقالي لحركة الأزواد، الذي يشكل الحكومة الانتقالية للحركة المتمردة والمطالبة بالانفصال. وقال باصولي إن الوسيط الإفريقي دعا الجماعات المسلحة إلى الدخول في حوار شامل للسلام والمصالحة وهو ما يوجب على هذه الجماعات قطع صلتها بالتطرف والإرهاب، كما كشف أن الرئيس البوركينابي جدد للرئيس المالي الانتقالي ديونكوندا طراوري مطلب منظمة "الإيكواس" في تشكيل هيئة وطنية لترقية الحوار مع الشمال، التي وعدت باماكو بإنشائها. وهو ما يؤكد أن الطرفين يكونان قد أثارا مسألة التدخل العسكري في شمال مالي لتحريره من قبضة الإسلاميين المتطرفين، ويتأكد ذلك، خاصة وأن حركة الأزواد كانت قد هددت سبتمبر الماضي بالانضمام إلى المسلحين الإسلاميين في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بينها وبين باماكو. وتشكل مسألة إرسال قوة أجنبية إلى شمال مالي موضوع جدل حاد بين الفرقاء الماليين بين موافق ومتحفظ ورافض، حتى إنها لم تلق الدعم التام من قبل قوى عالمية على غرار الولاياتالمتحدة، التي لم تحدد موقفا نهائيا من مسألة التدخل العسكري. وتريد منظمة مجموعة دول غرب إفريقيا "إيكواس" إرسال قوة قوامها 3300 جندي إلى العاصمة باماكو في خطوة أولى تجاه تنفيذ تدخل عسكري في شمال مالي لتحريره من قبضة المسلحين الإسلاميين. يذكر أن الرئيس البوركينابي كان قد استقبل خلال الأشهر الأخيرة ممثلين عن حركة تحرير الأزواد وأنصار الدين الموالية لتنظيم القاعدة في مسعى لاحتواء الوضع المنزلق في شمال مالي بالطرق السلمية. لكن تلك المحاولات لم تنجح بسبب تضارب مواقف الأطراف المتنازعة، فبينما تريد حركة أنصار الدين فرض مبادئ الشريعة الإسلامية، يرفض المتمردون التوارق ذلك وأعربوا عن رغبتهم في ممارسة حق تقرير المصير وليس الانفصال.