والجزائر تحتفي بذكراتين غاليتين هما؛ عيد الثورة وعيد الاستقلال، ونظرا لعظمة العيدين، فقد سجلت بالمناسبة عدة نشاطات، وأنجزت عدة أعمال في الحقل الثقافي؛ من ملتقيات ومهرجانات فنية وعرض أفلام ومسرحيات وإصدارات تبحث في تاريخ الثورة، ومن جملة ما صدر، كتاب للأستاذة صباح ساكر تحت عنوان «السينما والسياسة»، تناولت فيه بالبحث والدراسة دور السينما في السياسة والثورة. لم تعد السينما مجرد وسيلة من وسائل التسلية والترفيه، بل أصبحت تعد وثيقة وسجلا من سجلات تاريخ الشعوب ونضالها على كافة المجالات، ولهذا نجد تنوع الأعمال السينمائية من أفلام طويلة وقصيرة ووثائقية وتاريخية واجتماعية وسياسية، ونظرا لدور السينما في هذه المجالات، ارتأت الأستاذة صباح ساكر (أستاذة بكلية العلوم السياسية والإعلام) البحث في هذا الموضوع، لتتوج دراستها بصدور هذا الكتاب؛ «السينما والسياسة صورة المجاهد في السينما الجزائرية». ترى الأستاذة ساكر أن السينما في الجزائر حديثة النشأة إذا ما قورنت بالفنون الأخرى كالمسرح والموسيقى والأدب، وتضيف في تقديمها؛ «كانت السينما في الجزائر منذ بدايتها في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وسيلة لتسجيل وقائع حرب التحرير والكشف عن بشاعة الاستعمار، وواصلت بعد الاستقلال تصوير ماضي البلاد وما يحتويه هذا الماضي من مآسي وبطولات في أفلامها».وقسمت الأستاذة كتابها إلى مقدمة وقسم نظري يحتوي على ثلاثة فصول، وقسم تطبيقي يحتوي على فصلين وخاتمة، تناولت بالدارسة في مقدمة مؤلفها، إشكاليات الدراسة والأسباب التي دفعتها إلى اختيار البحث، وكذا الصعوبات التي اعترضتها. أما الجانب النظري من الدراسة، فقد تطرقت فيه الكاتبة إلى السينما والسياسة وتطور العلاقة بينهما، وعدم حياد السينما، حيث أصبحت وسيلة في يد السلطة لترسيخ أفكار وتغيير واقع اجتماعي معين، كما توقفت الكاتبة عند علاقة السينما بالحرب. شمل البحث أيضا في هذا القسم؛ السينما الجزائرية من 1962 إلى 1972، كما خصّصت الباحثة الفصل الثالث من الكتاب للتحولات الجديدة التي عرفتها السينما الجزائرية من 1972 إلى 1992، وتطرقت الباحثة إلى الثورة الزراعية وتأثيرها على السينما، كما تناولت في نفس الفصل؛ السينما الجزائرية في عهد الانفتاح من 1982 إلى 1992. أهمية الدراسة، تقول عنها المؤلفة، تمحورت حول المجاهد في السينما الجزائرية من خلال كشف العلاقة بين حرب التحرير والأفلام التي صورتها السينما الجزائرية بعد الاستقلال، ثم التعريف بشخصية المجاهد في ظل التغيّرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أما عن المنهج الذي اعتمدته في دراستها، فإنه منهج الدراسة المسحية (التحليل والتفسير والشرح)، بالإضافة إلى تقديم النتائج المحصل عليها. تناولت الباحثة في الفصل الأول؛ السينما والسياسة، السينما والحياد، ميلاد الفيلم السياسي، السينما بين السلطة والمال والنفوذ، السينما الاستعمارية في الجزائر، السينما والحرب، السلطة الجزائرية والسينما. في الفصل الثاني، تناولت مواضيع الهياكل السينمائية؛ كديوان الأحداث المصورة، المركز الوطني للسينما الجزائرية، المركز الجزائري للسينما والديوان الوطني للتجارة والصناعة السينما توغرافية، وتطرقت في الفصل الثالث من الكتاب إلى التحولات الجديدة في السينما الجزائرية، وفي الفصل الرابع تناولت الأدوات المنهجية وعينة من التطبيقات. في الفصل الخامس تناولت بالتحليل أفلام «معركة الجزائر»، «الأفيون والعصا» و«أبواب الصمت». الكتاب سد الفراغ الذي تعانيه المكتبات الجزائرية في مثل هذه البحوث، وهو يعد بالنسبة للطلبة والأساتذة مرجعا أساسيا للدراسة، كما يعد وثيقة أرخت للسينما الجزائرية من خلال دراسة علمية أكاديمية.