تضمن المؤلف الجديد والذي يقع في353 صفحة من الحجم المتوسط كلمة لوزير المجاهدين محمد الشريف عباس الذي حث فيها علي ضرورة الكتابة التاريخ و توثيقه لا سيما ما يتعلق بتاريخ الثورة الجزائرية ووضع حد لمزوري الحقائق التاريخية التي لا تخدم سوي مصالح العدو المعلنة وغير المعلنة، مضيفا أن الشعب الجزائري عرف كيف يصنع تاريخه، لكنه و للأسف لم يجد روايته هذا وقد نوها الوزير في كلمته بدور رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي لا يفوت أي مناسبة وطنية أو محلية يشير خلالها إلي الآثار السلبية و التغيرات التي بدأت مؤخرا بهذا الخصوص، والتي حتما تنعكس نتائجها علي وعي الأجيال الصاعدة ، وأضاف الوزير أنه سيعمل كل ما بوسعه من أجل وضع مبادئ و مناهج موضوعية، حيث قال "إنه قد تم الحرص في كل هذا الجهد المتكامل على وضع الأسس لمدرسة تاريخية وطنية لا تستغني عن المناهج العلمية الموضوعية و الائتمان علي الحقيقة. كما تضمن الكتاب كلمة لمدير المركز جمال يحياوي الذي أكد فيها أن التاريخ الوطني كل لا يتجزأ على اختلاف العصور و الأحداث و الأزمنة التي عرفتها بلادنا، مضيفا أن الهدف من نشر هذه الأعمال ليس فقط لإبراز دور المركز في كتابة التاريخ الجزائر،بل الهدف الحقيقي هو تدعيم المكتبات الوطنية بعصارة جهد الأساتذة الجامعين و الباحثين الجزائريين المشهود لهم بالخبرة و الكفاءة و الاختصاص للإثراء الرصيد العلمي و المعرفي للطلبة و المهتمين بتاريخ الجزائر. هذا وجاء الاختيار لهذا الموضوع "الإستراتيجية"حسب ما ورد في مقدمة الكتاب للقناعة تامة بأن الحروب تخاض من هذا المجال الحيوي ، إلى جانب الاقتناع العدو الفرنسي نال من منها محاولة منه لطمث الثورة الجزائرية. فالبحث في هذا الموضوع يتطلب دائما إبراز المناهج التي رسمت "القوة الروحية" للثورة الجزائرية، لأن المستعمر متيقن أن الشجاعة والإيمان أفضل من القوى المادية، وهذا ما تبينا فعلا في قول بيجار "لو أن لي ثلة من أمثال العربي بن المهدي لفتحت العالم". فالإستراتيجية هي فن تحضير و قيادة الحروب، أما في عالمنا المعاصر فقد انتقلت إلي مختلف الميادين كالسياسة، الاقتصاد و حتى الاجتماع. أما في تطبيقه علي الثورة الجزائرية نجد أن العدو طبقا كل الإستراتيجيات بما فيها الإدارية و الدبلوماسية، وهذا ما تما تلخيصه في فصول الكتاب. ففي الفصل الأول و الذي حمل عنوان "الإستراتيجية الدبلوماسية الفرنسية للقضاء علي الثورة الجزائرية"ركز فيه علي الدبلوماسية الفرنسية في 1954_1958الوطن العربي، و في دول العالم الثالث، و كذا في الدول الغربية والاشتراكية ،مبرزا كل الخطوات الإستراتيجيات التي اعتمدتها فرنسا لتأليب الرأي العام العربي و الدولي، للقضاء علي الثورة الجزائرية، وهي الخطوات التي أشارت لأهم المناورات و المشاريع الاستعمارية، و موقف الحكومة المؤقتة منها،مع ذكر النشاط الإعلامي و الدعائي للثورة بالخارج في مواجهة الإستراتيجية الدبلوماسية الفرنسية لا سيما منها أوروبا الغربية ، وأوربا الشرقية كما كان للجانب الإداري حاضرا ،وذلك م خلال التطرق لأهم الإصلاحات الإدارية و السياسية التي قام بها المستعمر من تسطيره لقانون الطوارئ، و قيامه بالقرصنة الجوية، بالإضافة إلي العدوان الثلاثي علي مصر.أما الفصل الثاني و الذي جاء بعنوان"الإستراتيجية العسكرية لتصفية الثورة الجزائرية" فقد ركز فيه علي إستراتيجيات المرحلة الأولي للعدو الفرنسي ،أين حاول هذا الأخير إخماد شعلة الثورة منذ بدايتها، بفرضه لإستراتيجيات كالذي قام بها "روبار لاكوست" من أجل تصفية معركة الجزائر، والتي كان لها تأثير بالغ لاسيما علي وجود العدو الاستعماري، كما تناول هذا الفصل إلي أهم الخطط العسكرية التي قامت بها فرنسا،و إستراتيجيات التعذيب ، وزيارة ديغول وإستراتيجية السياسية التي تحملها. أما عن "تطورا لثورة واجهة الإستراتيجية العدو الفرنسي" والتي كانت محور الفصل الثالث ، تطرق فيه إلي التطور التي شهدته الثورة الجزائرية بعدما امتدت للجهة الشرقية، في هذا السياق ركز علي الإطار الجغرافي للولاية الأولي،كما تناول أيضا هجوم الشمال القسنطيني والتي عززت هي الأخرى مسار الثورة وعن الفصل الرابع و الأخير والذي جاء بعنوان "إستراتيجية الاستعمار الفرنسي في تطويق الثورة الجزائرية من خلال الحرب النفسية" فقد حدد فيه المصطلحات المرتبطة بالحرب النفسية ،و بتاريخها وحتى بمؤسساتها،بفصائلها الإدارية والوسائل الخاصة بها، كما تطرق فيه إلي إستراتيجية الثورة في مواجهة الحرب النفسية، من خلال التركيز علي الإعلام المقروء، و المحافظين السياسيين، إلي جانب إتباع الصرامة والمعادين لطريق الثورة، وكذا تعزيز الثقة الشعب بالثورة وما يمكن استخلاصه من هذه الدراسة والخاصة بإستراتيجية العدو الفرنسي لتصفية الثورة الجزائرية هو استغلال هذا الأخير للرأي العام الدولي لتأثير في القضية الجزائرية،أما في الجانب العسكري فقد حاولت فرنسا عزل الشعب عن الثورة ،و بث الهلع والخوف في صفوف القائمين بالثورة و المؤيدين لها،إلي جانب الحرب النفسية التي رغم زعزعتها لنفوس الكثير من الجزائريين الإ أنها لم تثني عزيمتهم في التحرر و الاستقلال من الإستعمار الفرنسي. نسرين أحمد زواوي