تمكن الشاب أنيس الياسين من إدراج حرفة جديدة إلى قائمة الحرف، بعد أن حول بقايا الرخام غير المستغلة إلى تحف فنية شدت انتباه الجمهور بمعرض الصناعات التقليدية الذي أقيم مؤخرا بقصر المعارض. كما هو معروف عند الجميع، مادة الرخام تستخدم في البناء أو في تجميل بعض زوايا المنازل، الأرضيات أو الجدران، غير أن الشاب أنيس الذي ينحدر من عائلة معروفة في عالم النقش على الرخام، ذهب بفكره إلى أبعد من هذا، إذ لم تجلب اهتمامه القطع الكبيرة من الرخام، ولم تستهوه مهنة والده الذي أفنى حياته في النقش على الرخام، بقدر ما لفتت انتباهه القطع الصغيرة التي يجري التخلص منها لعدم القدرة على الاستفادة منها، والتي كانت في حقيقة الأمر، مصدرا لإبداعه الذي نتجت عنه حرفة جديدة سجلت بقائمة الحرف المعروفة. وحول هذه الحرفة الجديدة، حدثنا أنيس قائلا؛ «كثيرا ما كنت أحتك بوالدي الذي امتهن النقش على الرخام في سن مبكرة، غير أنني كنت في كل مرة أنظر إلى هذه المهنة بنظرة مغايرة، دفعتني إلى التفكير في كيفية استغلال هذه المادة الثقيلة بطريقة جديدة، ومن هنا بدأت أجمع القطع الصغيرة وغير المستغلة من الرخام وأحولها إلى تحف فنية صغيرة، حيث كانت البداية مطلع سنة 1995، حين قمت بتحويل قطع صغيرة منه إلى نماذج أنقشها بأشكال مختلفة وأعلقها على عقد نسوي، ومن ثمة يتكون لدي عقد مزين بأحجار من الرخام، تتجمل به النسوة، ولم أكتف بهذا، يضيف محدثنا، حيث كنت أحرص على اختيار أحجار الرخام الملونة لإضفاء نوع من التمييز والجمالية على ما أعده من سلاسل لألبي كل الأذواق، وبعد مشاركتي في أول معرض خاص بالصناعات التقليدية الذي أقيم وقتها بقصر الثقافة، أطلعت الجمهور على هذه الحرفة الجديدة التي لقيت ترحيبا كبيرا، خاصة وأنها أعطت وجها مغايرا لاستخدام مادة الرخام، من هنا، قررت أن أطلق العنان لمخيلتي لمزيد من الإبداع، وكانت بدايتي بغية التخصص في هذه الحرفة. لم يحصر الحرفي أنيس إبداعه في مجال الأحجار الرخامية، بل عمد إلى توسيع نطاق استغلاله لقطع الرخام المهملة بالتفكير في تحويلها إلى تحف تزينية يكتب عليها للزبون ما يريد، حيث قال؛ «قررت بعد أن ذقت حلاوة الحرفة، أن أبدع فيها أكثر، فرحت أغيّر من شكل القطع الرخامية، بحيث أجعل لها أشكالا ذات معنى، فكنت أبدل من شكل قطع الرخام وأحولها إلى نماذج على شكل لوحات، وعلى شكل خريطة للقارة الإفريقية، وأخرى على شكل بطاقات تهان، بعدها أدرجت عليها بالاعتماد على بعض التقنيات التزينية، بعض الرسوم أو الكتابات المزخرفة، أو من خلال إلصاق الصور بداخل القطع لتبدو كأنها منقوشة بداخلها. وفي رده عن سؤال «المساء» حول مدى إقبال الجمهور على هذا النوع من التحف، قال محدثنا؛ «ما إن عرضت إبداعي على الجمهور في عديد المعارض التي شاركت فيها، حتى تلقيت الكثير من التشجيع، كما تهافت الزبائن على هذه الحرف التزينية لاقتنائها، لا سيما تلك التي ألصق عليها صور أصحابها، الأمر الذي جعلني أتحمس أكثر لهذه الحرفة. لم يكتف الحرفي أنيس باستغلال القطع الصغيرة من الرخام، بل ذهب بإبداعه إلى أبعد من هذا، حيث راح يفكر في كيفية الاستفادة من فتات الرخام، الأمر الذي جعله يعطي وجها آخر لإبداعاته، حيث قال؛ «لا أعرف حدودا للإبداع في مجال الرخام، وبعد ما عرفت كيفية استغلال الفتات في تلوين النماذج التي أبدعها، تحولت إلى عاشق لهذه الحرفة ومحب لكل ما له علاقة بالرخام ومشتقاته، وأنوي الذهاب بعيدا بهذه الحرفة من خلال تحويل كل ما يقع عليه بصري من رخام إلى تحف فنية تجميلية. يتمنى الحرفي أنيس أن تلتفت الجهات المعنية إلى الحرفيين للاهتمام بهذه الطاقات الشبانية التي تبحث عن القليل من الدعم المادي والكثير من التشجيع، لتشريف الجزائر في مختلف المعارض الوطنية والدولية على حد سواء.