مكنّت التسهيلات التي تقدمها مؤسسة القروض المصغرة "لونجام" لعديد الشباب البطالين وكذا الماكثات بالبيت من إعادة التخطيط لمستقبلهم، حيث كانت بمثابة شعاع الأمل الذي بزغ من جديد وحوّل مجرى حياة الكثيرين خاصة منهم ذوي المواهب والإبداعات، في ظل محدودية إمكانيات معظمهم، على الرغم من محدودية القيمة المالية وافتقار الكثيرين لمحل تجاري لممارسة نشاطاتهم وحرفهم، إلا أن الكثيرين أشادوا بإيجابية هذه المؤسسة في إطار المساعدات التي تقدّمها الدولة لتوفير مناصب شغل للعاطلين عن العمل، وتعميم الاستفادة من خبرات الشباب المختلفة، فيما يطمح عديد الحرفيين إلى تطوير نشاطاتهم أكثر بعد حصولهم على محل تجاري، وهذا حسبما أسر به البعض ل"السياسي"، على هامش معرض ذوي الاحتياجات الخاصة الذي أقيم مؤخرا برياض الفتح. هاشمي ميسوم.. ينحت الخشب ليحوّله إلى أثاث منزلي مزخرف نال جناح الحرفي هاشمي ميسوم الخاص بالنقش على الخشب بصالون ذوي الإعاقة الذي أقيم مؤخرا برياض الفتح إعجاب العديد من الزوار، خاصة وأنه عرض بعض الأثاث المنزلي الذي ابتدع في زخرفته ونقشه، محوّلا بذلك المادة الأولية للخشب إلى ديكور يسر الناظر إليه. هاشمي ميسوم هو شاب في مقتبل العمر يبلغ من العمر 83 ربيعا، ضرير يعاني من إعاقة الصم والبكم منذ الولادة من ولاية معسكر متزوج وأب لطفلين، يبلغان من العمر تسع وأربع سنوات، وشاء القدر أن ينتمي لفئة ذوي الإحتياجات الخاصة وتسلم أسرته الصغيرة من أي نوع من الإعاقة، يقطن مع أفراد أسرته العشرة بدائرة سيڤ ولاية معسكر، تلقى تكوينا في مجال النقش على الخشب وتحصل على شهادة تأهيلية من مركز الصناعة التقليدية بالهاشمي بومديع، حرّم من حاسة السمع والكلام، غير أنه يحترف مهنة النقش على الخشب إذ تبدع أنامله في هذا المجال وتحوّل المادة الأولية للخشب إلى أثاث متنوع منقوش، ليتجسد في أبهى حلة تبهر الناظرين. درس من سنة 1891 إلى نهاية 2991 بالمحمدية ومارس مهنة النقش على الخشب منذ 7991، وتعايش مع إعاقته بصورة عادية وأفصح أنه يتعايش مع مجتمعه بصورة طبيعية لدرجة عدم تخلل مشاكل بينه وبين أفراد مجتمعه، اعتبر حرفة النقش على الخشب مهنة توفر له دخلا يعيله وأسرته، إذ اقتحم ميسوم ميدان الشغل منذ عام 8002 بعد أن منحته مؤسسة القروض المصغرة مبلغا ماليا لا يتعدى ال81 مليون سنتيم في إطار المساعدات التي تقدّمها الدولة لتوفير مناصب شغل للعاطلين عن العمل، وتعميم الاستفادة من خبرات الشباب المختلفة، استغل المبلغ واقتنى بواسطته مختلف المعدات الأولية الضرورية لممارسة هذه المهنة، حيث يمارس نشاطه اليومي بصفة عادية، يلتحق بمحله ويباشر نشاطه اليومي الذي ألفه واعتاد عليه. هو شاب طموح التقيناه بمعرض نشاطات ذوي الإحتياجات الخاصة الذي أقيم مؤخرا بمقام الشهيد، وجدنا صعوبة في التواصل معه، غير أننا اغتنما فرصة تواجدنا بالمعرض لننقل جانبا من إبداعات إنسان ينتمي إلى فئة ذوي الإحتياجات الخاصة وحقّق، ربما، ما لم يحقّقه الإنسان الذي يتمتع بكل حواسه وفضّل الاستسلام للبطالة والعيش عالة على غيره، ليثبت من خلال معروضاته، على أنه يستطيع الإعتماد على نفسه والإندماج في مجتمعه. الحرفي بوعزيز ناجي.. تراث الماضي يعود إلى الحاضر بوعزيز ناجي، حرفي في صناعة السروج من ولاية تيارت، توارث هذه الحرفة أبا عن جد وهي تمثل التراث الأصيل لأجداد المنطقة، عمره 32 سنة، بدأ في ممارسة هذه المهنة بعد أن تحصل على مبلغ مالي يقدّر بثلاثة ملايين من مؤسسة القروض المصغرة، هو معاق تعايش مع إعاقته لمدة 12 سنة تقريبا، بعدما عانى من وجع الضرس حين بلوغه العامين وسبب له حمى غير عادية، أدت إلى إعاقته غير أنه تحدى الإعاقة وأثبت قدراته من خلال إبداعاته المتنوعة. وقد نال الجناح المخصّص لصناعة السروج إعجاب الزوار خاصة وأنه مكّن جيل الحاضر من التقرب عن كثب من صناعات الأجداد ومعرفة خصائصها وخباياها، خاصة وأن الشاب العشريني أخذ يفصل للزوار في تقاليد مهنته التي توارثها عبر الأجيال، فمثلا أخذ يشرح للحاضرين خبايا صناعة سرج جده الذي اعتمد في زخرفته على خيوط الذهب الأصلي وكذا الفضة الأصلية، إذ أتقن هذا الشاب حرفة أجداده وأخذ يطورها ليبدع في صنع آيات قرآنية وأخرى تحتوي على أسماء اللّه الحسنى للزينة، بالإضافة إلى حقائب يدوية وأحذية وأشياء أخرى يقوم بإنجازها تحت الطلب في غالب الأحيان، خاصة وأنه يفتقر للمواد الأولية التي وقفت عائقا أمام إبداعاته بالنظر إلى قيمة المبلغ المالي الضعيف الذي تقاضاه في بداية نشاطه، في انتظار حصوله على محل تجاري ليضاعف من مجهوداته. وتطرق الحرفي إلى أنه حاليا يمتنع عن ممارسة حرفته هذه بسبب نقص الإمكانات المادية التي شكّلت حاجزا أمام إبداعاته وهو يتطلع لحصوله على محل يمارس فيه مهنته، وقد أفصح حرفي صناعة السروج أن مهنته لاقت إعجاب الكثيرين، لدرجة أن عديد الشباب طلبوا منه تكوينا في المجال، غير أنه لم يفكر في الأمر نتيجة افتقاره لمحل يمارس فيه نشاطه. الحرفية قوشام.. ورود نحتت ديكورات متنوعة ولحرفة تزيين الورود محل عبر الصالون الوطني للإعاقة، حيث استقطب الجناح المخصّص لمعروضات تزيين الورود اهتمام زوار المعرض، حيث انجذب عديد الزوار لحرفة تزيين الورود، إضافة إلى الديكورات المتنوعة لمختلف المزهريات، واللوحات الحائطية والأدوات التزيينة التي لاقت إعجاب الحاضرين، لدرجة أن بعض الزوار اقتنوا عدة معروضات فيما أقدم البعض الآخر على اقتناء تحف أخرى بعد انتهاء الصالون. وأكدت المبدعة قوشام دليلة في تزيين الورود، أنها تلقت عديد المكالمات بخصوص تجهيز طلبيات وأخرى لطلب تكوين في المجال خصوصا، كما تلقت المبدعة عرضا من أحد المراكز بشأن تأطير شبان في المجال، وخلال معرض حديثها، أشارت إلى أنها لم تتلق تكوينا في المجال ونقلت الحرفة عن أمها، التي أبدعت في المجال لفترة من الزمن هي أيضا. الحرفية آيت محمد.. الستائر والأفرشة زينت الجناح وأكدت الخياطة آيت محمد فتيحة، أنها تمكّنت من خلال القرض المصغر الذي حصلت عليه عام 0102 من ممارسة موهبتها في الخياطة، بعد انفجرت هذه الموهبة لديها منذ صغرها حيث كانت تخيط اللوازم المنزلية، ثم التحقت بأحد مراكز التكوين المهني لتنمية موهبتها وعن طريق القرض الذي حدّد بمبلغ 63 مليون سنتيم، استطاعت اقتناء المعدات اللازمة وتعميم خدماتها على كل الزبائن، بعد أن اقتصرت خدماتها من قبل على العائلة فقط. وعن مشاركتها في معرض ذوي الإحتياجات الخاصة، فقد أكدت أنها كانت لأول مرة حيث أبرزت مختلف الستائر والأفرشة ليستمتع بها الحضور. الحرفي مجيد مرابط.. تحف بواخر تزيينية سحرها تعدى حدود الوطن أما جناح الحرفي في صناعة بواخر التزيين مجيد مرابط، فقد جلب أنظار كل زوار ذوي الإحتياجات الخاصة بصالون رياض الفتح، خصوصا وأنه تفنن في عرض إبداعاته التي كانت نسخة حية لجمال ورونق البحر، بما أنه اعتمد على مواد جلبها من البحر ليحولها إلى قطع ديكورية أخاذة وفريدة من نوعها كمصابيح و»أباجورات« على شكل بواخر من أحجام مختلفة وأصداف تتوسطها مصابيح للزينة تستخدم لإضاءة غرف النوم، وغرف المعيشة وهي كلها تحف تزيينية. وكشف الحرفي مرابط، خلال لقاء جمعنا به على هامش صالون ذوي الإعاقة، أنه أصيب بإعاقة حركية إثر حادث مرور تعرض له سنة 7002 إذ كانا بحارا منذ سنوات السبعينيات غير أن إعاقته أجبرته على التخلي عن الصيد والبحر، إلا أنه استبدل حرفة الصيد بحرفة الديكور والتزيين، حيث عرض في الجناح المخصّص له مختلف الديكورات المتنوعة للمصابيح والبواخر التزيينية وقطع ديكورية أخرى، عبّرت عن مزايا البحر المختلفة، إذ استلهم من البحر أيضا تحف تزيينية أخاذة تبهر الناظرين. الجناح عرض بواخر تزيينية من أحجام مختلفة وأصداف عديدة تلألأت وزادتها جمالا أضواء المصابيح ودرجة التفاني والإتقان، وقد أفصح الحرفي أنه شارك في عديد المعارض الجهوية والوطنية التي تفنن في عرض ديكوراته المختلفة التي صنعها في ورشته ببجاية، والتي نالت إعجاب عديد الزوار وطرح مختلف انشغالاته أثناء تواجد »السياسي« بالمعرض ليوجّه نداءه إلى السلطات لتعينه على فتح ورشتين واحدة ببجاية والأخرى بالعاصمة، ليلقن أبجديات حرفته هذه إلى أكبر عدد من الشباب، وكشف الحرفي أن ضيق ورشته أجبره على تحديد عدد متعلميه بشخصين فقط، وقد لقن أبجديات حرفته لأبنائه وبعض الشبان، في انتظار حصوله على محل وقال إن حرفته هذه كانت ولازالت محط إعجاب الكل من داخل وخارج الوطن، إذ يقوم بتصدير تحفه إلى الخارج خاصة وأنه يملك موقعا إلكترونيا خاصا بحرفته، بالإضافة إلى شرق وغرب الجزائر، وعن سير مهنته هذه، فقد كشف أن أصغر قطعة تستغرق أسبوعا، أما أكبر قطعة فتستغرق قرابة الأربعة أشهر.