يستحضر الديوان الوطني للثقافة والإعلام يومي 27 و28 نوفمبر الجاري بقاعة الموقار، الذكرى الثانية لرحيل عميدة المسرح الجزائري وسيدة السينما الجزائرية، الراحلة كلثوم، بعرض الفيلمين «ريح الأوراس» و»ديسمبر» اللذين مثلت فيهما الفقيدة. تعتبر الفنانة كلثوم المتوفاة يوم 11 نوفمبر 2010، واسمها الحقيقي عائشة عجوري، أول امرأة عربية تمشي على البساط الأحمر في أكبر المهرجانات السينمائية العالمية وبالتحديد في مهرجان كان السينمائي عندما توّجت رفقة محمد لخضر حامينة بالجائزة الأولى عام 1967، عبر رائعة «ريح الأوراس»، وكانت أول امرأة عربية أيضا تقف في دار الأوبرا بباريس في الأربعينيات. ويعد الفيلم من كلاسيكيات السينما الجزائرية، ويتناول معاناة الشعب الجزائري إبان الاحتلال الفرنسي وحرب التحرير الجزائرية، ويصور الفيلم معاناة أم (كلثوم) من منطقة الأوراس، توفي زوجها إثر قصف جوي للمنزل، واعتقال الجيش الفرنسي أيام الاستعمار للابن. الأم لم تيأس في البحث عن ابنها رغم الصعاب والمعوقات وضعف الحال، فجالت من معتقل لآخر عسى أن ترى فلذة كبدها، وفي مشهد درامي تموت الأم عند السلك الشائك الذي يحيط بمكان اعتقال ابنها رغبة منها في الاقتراب أكثر منه... وقد نال الفيلم الجائزة الأولى بمهرجان كان سنة 1967، والجائزة الأولى لاتحاد الكتاب السوفيات، والغزال الذهبي لمهرجان طنجة بالمغرب عام 1966. ونجد المخرج حامينة غير مستغن عن الممثلة، إذ استدعاها لتمثل مرة أخرى في فيلمه ‘'ديسمبر'' سنة 1972 وفيلم «حسان طيرو» وغيرها. أفنت كلثوم عمرها في خدمة الثقافة والسينما الجزائرية، وتوفيت عن عمر يناهز 94 سنة، فهي من مواليد 4 أفريل 1916 بولاية البليدة، شاركت في حوالي 20 فيلما وأكثر من 70 مسرحية، وتألقت الراحلة في فيلم ‘'ريح الأوراس'' للمخرج السينمائي محمد لخضر حامينة، فكانت هذه الممثلة من بين من أثروا الرصيد السينمائي الاجتماعي والتاريخي في الجزائر. واقترن اسمها بأعمال راسخة في ذاكرة الفن، تألق الفنانة كلثوم بدأ منذ عام 1935 عندما اكتشفها عميد المسرح الجزائري محي الدين باشطارزي، حيث كانت دون سن العشرين من العمر، ودخلت عالم الفن في وقت كان فيه صوت المرأة لا يعلو خارج جدران البيت، رغم معارضة عائلتها، ومع انطلاق أوبرا الجزائر عام 1947 أسندت الأدوار الأساسية إليها، وقامت بجولات في أوروبا قدمت فيها عروضا. استطاعت كلثوم أن تكون صوت كل النساء الجزائريات والعربيات في عالم لم يكن سهلا أن تترك فيه المرأة بصمتها، حملت كغيرها من الفنانين الجزائريين في تلك الحقبة مشعل الثورة، ومع اندلاع حرب التحرير في الجزائر في نوفمبر من عام 1954 انخرطت في صفوف جبهة التحرير الوطني، لتعود بعد الاستقلال إلى العمل المسرحي محملة بالتجربة والعطاء الذي لم ينضب، رفقة أهم الأسماء الفنية الجزائرية آنذاك، مثل مصطفى كاتب، علال محبّ، حاج عمر، نورية ورويشد الذي شكّلت معه ثنائيا فنيا رائعا، تعزز في مسرحية «حسان طيرو»، التي أخرجها مصطفى كاتب، وأيضا مسرحية «بندقيات الأم كالا»، للألماني برخت، وإخراج عباس فرعون، ومسرحية «وردة حمراء لأجلي» من إخراج علال محب، «السلطان المحرَج» لتوفيق الحكيم التي أخرجها عبد القادر علولة، مسرحية «الريح» لمولود معمري، وإخراج جان ماري بيغلير. ثم طرقت أبواب العالمية من خلال مشاركتها في الفيلم الفرنسي الألماني «الباب السابع لسفابولبا»، لتقف كلثوم على أهم المسارح الأوروبية والعربية، مع عرّابها بشطارزي، بما في ذلك وقوفها أمام 20 ألف متفرج بحديقة ألبير الأول بباريس، فكانت أول امرأة تجمع حولها، آنذاك، هذا الكم الهائل من الجمهور في باريس.