بعد سلسلة من المسلسلات التلفزيونية، التي أثارت جدلا كبيرا بسبب تناولها للواقع السياسي العربي، لاسيما إشكالية الإرهاب ونظرة الغرب إلى الإسلام، سواء بشكل مباشر أو رمزي، من خلال "نهاية رجل شجاع" عام 1993، "الجوارح" عام 1994، "الكواسر" عام 1998، "الحور العين" عام 2005، وأخيرا "سقف العالم " الذي عرض شهر رمضان الفارط، يشرع المخرج السوري نجدت أنزور، في خوض أوّل تجربة سينمائية له أرادها أن تولد كبيرة، من خلال فيلم عالمي يحمل عنوان "الظلم سنوات العذاب"، الذي كتبه الزعيم الليبي معمر القذافي· ··· وأشار المخرج المعروف بمهارته البالغة على العزف على وتر الإعلام، إلى أنّ فيلمه الجديد سيكون بمثابة محطة كبيرة في تاريخ العلاقات بين الدول العربية والأوربية· مشيرا في تصريحاته الكثيرة إلى الصحافة، لا سيما في لقائه بالبرلمان الإيطالي الذي زاره بدعوة من برلمانيين إيطاليين وبحضور دبلوماسيين وإعلاميين عرب، أشار إلى أنّ الوقت قد حان للتأسيس لحوار بكافة الأبعاد بين الشرق والغرب· معتبرا الدراما السينمائية كمدخل لهذا الحوار، ليس بقصد اللوم والانتقام، بل "لأنّها تنقلنا إلى ذلك العالم الدامي وترينا ما يجب أن نتجنبه في عالم اليوم"· كما اعتبر المخرج عمله "محاولة لفتح صفحة جديدة وتضميد جراح الماضي ومآسيه، تماماً كما جرى في التاريخ المعاصر، حيث كان الفن باعتباره أرقى أساليب المعرفة سباقاً في تضميد جراح حربين عالميتين ولعب دورا مركزيا في تقارب الشعوب واندماجها ضمن كيان أوروبي واحد"· وأضاف قائلا في مقابلة له مع وكالة الأنباء الايطالية (آكي) "لا شك أنّ هذا الفيلم هو فرصة لتقديم وجهة نظر معتدلة وإنسانية، عن معاناة الشعب الليبي المسالم والآمن لم يكن يدري سبب تعرّضه للغزو"·· رافضا أن يكون تناوله لهذا الموضوع محاولة لاستفزاز الآخر· وبالمقابل، قال مراقبون في إيطاليا أن روما وصلت الآن إلى المرحلة التي تستطيع فيها أن تواجه ماضيها القريب، وان إعلان وزير خارجيتها ماسيمو داليما استعداد بلاده دفع تعويضات لليبيا عن فترة الاستعمار يعد خطوة في الاتجاه الصحيح· الفيلم "الظلم سنوات العذاب"، الذي يعدّ أول إنتاج دولي مشترك عن الاستعمار الإيطالي لليبيا، يصوّر معاناة الشعب الليبي من الاستعمار الإيطالي، الذي تواصل لما يزيد عن ثلاثة عقود، قام خلالها الجيش الإيطالي بالعديد من المذابح بحق المدنيين العزل، وعمد إلى نفي وتشريد عشرات الآلاف من الليبيين·· وسيسرد أنزور في "الظلم"، قصصاً لليبيين عايشوا مرحلة الاستعمار الإيطالي لبلادهم (1911 1943م)، وذلك من خلال شهاداتهم على وقائع تعذيب ومعاناة أو ترحيل ومجاعة، في عرض ينتقل فيه المشاهد إلى مواقع الحدث الأصلية في إيطاليا وليبيا، عبر تمازج لحقائق التاريخ مع سحر التقنية السينمائية وجماليتها، حيث يسلّط الضوء على العذاب والاضطهاد الذي تعرض له الليبيون في تلك المرحلة، مع تقديم تفاصيل جديدة كان التاريخ قد غيبها أو تجاهلها· وحسب نضال قوشحة، المتحدث الإعلامي باسم المخرج، فإنّ نص الفيلم الذي كتب قصّته الرئيس الليبي معمر القذافي، عولج من طرف فريق درامي مختص في النصوص الفنية، حيث دقّق من قبل فريق من المؤرخين الليبيين، وقام بكتابة السيناريو السورية إيمان السعيد، بمساعدة مستشار درامي عالمي من بريطانيا ديفيد كرين، كما سيضم العمل ولأول مرة، مجموعة من كبار الممثلين والممثلات من ليبيا، سوريا، إيطاليا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا وتركيا، بحيث رشّح أنزور، حسب متحدّثه الإعلامي، العديد من نجوم هوليوود يتقدمهم النجم أنتوني هوبكنز والنجم العالمي بن كينغسلي والنجم كيفن سبايسي والنجم العربي العالمي عمر الشريف، فيما لم يرشح أي فنان عربي للمشاركة في العمل، وزيادة في الحذر، استقطب المخرج أنزور للعمل الذي يعول عليه كثيرا للولوج إلى العالمية، طاقما فنيا عالميا من أوروبا وأمريكا· يذكر أن السلطات الليبية هي من سيتكفل بالنفقات التي تزيد عن خمسين مليون دولار·· كما أن فكرة الفيلم لا تعد الأولى من نوعها، بحيث سبق و أن تناولها المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد في فيلمه "عمر المختار" قبل سنوات عديدة·. *