افتتحت، أمس بالجزائر العاصمة، أشغال ندوة الجزائر الدولية الثالثة حول "حق الشعوب في المقاومة التي تناولت على وجه التحديد حالة الشعب الصحراوي"، وسط إجماع المشاركين على ضرورة نبذ الإرهاب والجريمة المنظمة والإقرار بحق الشعوب في تقرير مصيرها "لاسيما الشعب الصحراوي" بما تقتضيه اللوائح والمواثيق الدولية. واتفق المشاركون خلال تدخلاتهم في أشغال هذه الندوة، التي نظمت بفندق "دار الضياف" بالشراقة (غرب العاصمة)، على وجوب تسريع وتيرة النضال السياسي والدبلوماسي بما أقرته لوائح وقرارات الأممالمتحدة في تقرير مصير الشعب الصحراوي وتطهير المنطقة من الاستعمار. وأكد رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، السيد محرز العماري، في تدخله ضرورة تنسيق الجهود الصحراوية أكثر مع المجتمع الدولي لإجبار المغرب على وجوب التعاطي مع خيار استفتاء تقرير المصير والاستقلال الذي ترعاه الأممالمتحدة، موضحا أن الجزائر تدعم كافة المساعي الدبلوماسية التي من شأنها إيجاد حل لهذا النزاع الذي يعد آخر قضية تصفية استعمار في إفريقيا. وأوضح السيد العماري أنه يتعيّن على المجتمع الدولي الوقوف على حجم انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة وسط صمت دولي بإرسال بعثات لمراقبة الأوضاع وإحصاء حالات التعذيب القسري للنشطاء السياسيين والاختطافات. وجدّد المتحدث موقف الجزائر الراسخ والداعم لقضية الشعب الصحراوي لغاية افتكاك استقلاله، معتبرا أن هذا الموقف لن يتغيّر باعتباره نابعا من قيم بيان أول نوفمبر 1954 الراعي لحق الشعوب في تقرير مصيرها ودعم حركات التحرر عبر العالم. وقال رئيس اللجنة الوطنية للتضامن مع الشعب الصحراوي إن هذه الندوة التي تدوم يومين تسعى للتأكيد مرة أخرى على حق الصحراويين في اختيارهم الحر وحقهم في مقاومة الاحتلال المغربي، إلى جانب مطالبة الأممالمتحدة بالإسراع في تطبيق القرارات الأممية الخاصة بهذا النزاع. من جهته، اعتبر رئيس الحكومة الأسبق، السيد رضا مالك، في تدخل له في أشغال الندوة أنه آن الأوان للحكومة المغربية أن تدرك ضرورة الامتثال للشرعية الدولية في تطبيق اللوائح والقرارات الرامية لتطبيق استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي. وأكد السيد رضا مالك أنه لا وجود لحل آخر للسلطات المغربية إلا الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإعادة دفع جلسات حوار تقرير المصير وفق ما أقرته الأممالمتحدة، معتبرا أن كل المناورات المغربية المتجاهلة للقضية الصحراوية على كونها "قضية تصفية استعمار في شمال افريقيا" ستعطّل ايجاد أي حل لهذا النزاع. كما قال "إن الجزائر لن تدخر أي جهد في سبيل تبني القرارات التي من شأنها إنهاء الاحتلال المغربي لأراضي الصحراء الغربية". من جانبه، أوضح رئيس الوفد الصحراوي لحقوق الإنسان القادم من المناطق الصحراوية المحتلة السيد عبداتي المحجوب رمضان أن الوضع في الأراضي المحتلة كارثي جراء الهمجية المفرطة التي تمارسها قوات القمع المغربي ضد المواطنين الصحراويين بغية ثنيهم عن المطالبة السلمية بحقهم في تقرير المصير، مضيفا أن الانتهاكات الجسيمة في حق المواطنين الصحراويين من قبل المغرب مدونة في تقرير منظمة "روبرت كينيدي" والمقرر الخاص للأمم المتحدة، السيد كريستوفر روس، حول التعذيب إثر معاينة الظروف الصعبة التي يعيشها النشطاء الحقوقيون الصحراويون جراء الملاحقات. وذكر المتحدث بأن النظام المغربي طرد أزيد من 21 مراقبا دوليا من المناطق المحتلة تماشيا مع سياسة التعتيم الإعلامي الممنهج لإخفاء جرائمه ضد الإنسانية التي يرتكبها في حق الشعب الصحراوي. كما أشار إلى الاعتقالات التي طالت الآلاف من الصحراويين "أزيد من 650 مفقودا سياسيا مجهولي المصير و56 معتقلا سياسيا صحراويا بالسجون المغربية" بمن فيهم السياسيون الذين تظاهروا للتعبير عن الحق في تقرير المصير والاستقلال والتنديد بما تعرضوا له من أشكال التعذيب في الزنزانات المغربية. وشهدت أشغال الندوة عدة مداخلات لشخصيات وطنية ومنظمات تاريخية أجمعت كلها على التمسك بضرورة تطبيق استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي، كما كانت المناسبة فرصة للوفود المشاركة لتقديم مداخلاتها التي انصبت على وجوب إنهاء احتلال المغرب للصحراء الغربية والعمل على استعادة أمن واستقرار المنطقة. وعرفت الجلسة المسائية تقديم لائحة من المداخلات التمهيدية تناولت بشكل عام نزاع الصحراء الغربية والقانون الدولي والخروقات الواسعة لحقوق الإنسان المرتكبة في المناطق المحتلة، إلى جانب مواضيع تخص الاتحاد الأوروبي وفرنسا ونزاع الصحراء الغربية والعجز المسجل في تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين الصحراويين. وسيخصص اليوم الثاني من أشغال هذه الندوة الدولية لتقديم شهادات النشطاء الحقوقيين الصحراويين بالمناطق الصحراوية المحتلة، إضافة إلى شهادات المراقبين المرافقين لهم، ليختتم الحدث بإعلان الجزائر حول حق الشعب الصحراوي في المقاومة مع تنظيم زيارة للوفود الأجنبية المشاركة إلى مقام الشهيد ومتحف المجاهد، حيث سيتم وضع إكليل من الزهور ترحما على أرواح الشهداء. للإشارة، ترمي الندوة التي تعرف مشاركة نحو 300 مندوب من بينهم 120 مشاركا أجنبيا و40 ناشطا حقوقيا صحراويا في مجال حقوق الإنسان بالأراضي الصحراوية المحتلة، إلى التنديد بالانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة من قبل المغرب إلى جانب النهب المنظم للموارد الطبيعية في الصحراء الغربية.