تعمل روسيا -مؤخرا-على إقناع الفرقاء السوريين للجلوس إلى طاولة الحوار بغية التوصل لأرضية توافقية لاحتواء الأزمة الدامية التي تعصف بسوريا منذ 21 شهرا وخلفت ما لا يقل على 45 ألف قتيل لحد الآن. وفي السياق، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على ضرورة حل الأزمة السورية على أساس اتفاقية جنيف المتوصل إليها نهاية جوان الماضي والتي تضمنت تشكيل حكومة مؤقتة تشارك فيها كل الأطراف السورية لقيادة المرحلة الانتقالية في هذا البلد. وفي مسعى لإحياء هذا الاتفاق، باشرت روسيا ممارسة ضغوطات على حليفها نظام الرئيس بشار الأسد في الوقت الذي دعت فيه رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب لعقد لقاءات مع مسؤوليها في العاصمة موسكو أو جنيف أو القاهرة. وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري محمد كامل عمرو في موسكو إنه "يجب وقف العنف فورا في سوريا والتوصل إلى تسوية الأزمة على أساس اتفاقية جنيف"، مضيفا "طلبنا من القيادة السورية البدء بالحوار وفقا لهذه الاتفاقية"، كما جدد التأكيد أن "الشعب السوري فقط من يجيب على سؤال إذا كان الأسد يجب أن يتنحى" وهو ما اعتبره رئيس الدبلوماسية الروسية أن ذلك معناه أنه "يجب على المجتمع الدولي أن لا يقدم شروطا مسبقة". ورغم أن لافروف أعرب عن خيبة أمل موسكو بشأن بيان الائتلاف السوري المعارض الذي تحدث عن إسقاط النظام كهدف رئيسي له، فإنه -بالمقابل- أشار إلى أن سلطات بلاده مستعدة لإجراء مباحثات مع رئيس الائتلاف معاذ الخطيب. وفي السياق، قال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، "لقد سلمنا الدعوة... إنها الآن لدى أحمد معاذ الخطيب". وكان ألكسندر لوكاشيفيتش، المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، قد قال الأربعاء الماضي إن موسكو لن تتخلى عن الحوار وستواصل الاتصالات مع جميع أطياف المعارضة السورية "التي تهتم بفهم الموقف الروسي بشكل أوضح". وتأتي دعوة الخطيب في ظل نشاط دبلوماسي تشهده العاصمة الروسية، حيث قدم إليها، أول أمس، نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والتقى المسؤولين الروس، فيما يتوقع أن يصلها اليوم المبعوث الأممي والعربي المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي. هذا الأخير، الذي حاول خلال زيارته لدمشق تقريب وجهات نظر الفرقاء السوريين من سلطة ومعارضة، لكن مهمته باءت بالفشل في ظل استمرار تمسك كل طرف بمواقفه المبدئية. وهو ما جعل الخارجية الروسية تكشف عن لقاء قريب بين ممثلين روسيين وأمريكيين مع الإبراهيمي الشهر المقبل من أجل التوافق على خطة واضحة لاحتواء الأزمة السورية التي بقيت حبيسة تجاذبات إقليمية وحسابات ومصالح قوى عظمى. وقال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أمس، إننا "سنستمع إلى ما سيقوله لنا الأخضر الإبراهيمي حول الوضع الحالي في سوريا وسنتخذ القرار حول الاجتماع الذي سيعقد في جانفي المقبل". ومن المقرر أن يشارك في هذا الاجتماع كل من بوغدانوف والإبراهيمي وبوليم بيرنز، نائب وزيرة الخارجية الأمريكية. وفي انتظار ما ستسفر عنه المساعي الروسية لاحتواء هذه الأزمة المستعصية، تبقى لغة الرصاص هي الغالبة في مشهد سوري دام يذهب ضحيته يوميا المزيد من القتلى من أبناء الشعب السوري العزل، فقد أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، أن الطيران الحربي السوري شن غارات على محافظة دمشق بعد ليلة ميزها قصف مكثف ومعارك عنيفة بعديد أحياء العاصمة. وكان المرصد السوري قد قال إن الجيش النظامي انسحب، أول أمس، من عديد المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق بعد هجمات شنها المسلحون المعارضون ضد عدة حواجز أمنية تابعة للجيش. وهو ما جعله يؤكد لجوء الجيش النظامي إلى القصف الجوي بتلك المناطق التي انسحب منها مما يتسبب ككل مرة في سقوط المزيد من القتلى الذين بلغت حصيلتهم حوالي 45 ألف قتيل منذ اندلاع الأزمة السورية في مارس 2011.