سجلت سنة 2012 أعمالا سينمائية جادة ومتنوعة على الرغم من قلتها، والتي استطاعت أن تفتك جوائز هامة في مختلف المواعيد السينمائية الدولية. توقفت السينما هذه السنة عند خمسينية الاستقلال لتلتفت إلى مسارها ولتتطلع إلى غد أكثر اشراقا وتألقا. لم تغب السينما الجزائرية هذه السنة عن المهرجانات الوطنية والدولية التي احتفلت استثنائيا بتراثنا السينمائي بمناسبة الخمسينية. لم تخل سنة 2012 من الإنتاج السينمائي سواء الأفلام الروائية أو الخيالية أو الأشرطة الوثائقية والتاريخية، كما نالت حظها من التكريم على الصعيدين الوطني والدولي، ناهيك عن أجواء النقاش، التي فتحها السينمائيون لعرض انشغالاتهم، إضافة إلى بعض التظاهرات الثقافية التي تمحورت حول موضوع السينما الجزائرية. شهدت سنة 2012 خروج العديد من الأعمال السينمائية التي حضرت كلها في المهرجانات الدولية المنظمة عبر مختلف القارات، ومن هذه الأفلام مثلا فيلم «يما» لجميلة صحراوي، «التائب» لمرزاق علواش و«عطور الجزائر» لرشيد بلحاج و«زبانة»... وفيلم «حافلة تدعى الرغبة» لرشيد بن علال و«حراڤة بلوز» لموسى حداد وغيرها من الأفلام الطويلة، إضافة إلى حضور فيلم «فدائي» وفيلم «الجزيرة» الذي قدمه لمين سيدي بومدين، وكذا «دار العجزة» ليحيى مزاحم. احتضنت الجزائر العديد من التظاهرات السينمائية خلال هذه السنة دخلت كلها في إطار الاحتفالية بخمسينية الاستقلال، وكان منها «مهرجان الجزائر السينمائي دورة الفيلم الملتزم» في طبعته الثانية، الذي تميز بالجدية والمهنية سواء من حيث العروض أو الأنشطة أو حتى المنافسة، شارك في التظاهرة 23 فيلما من 14 دولة، وشاركت الجزائر بفيلمها الجديد المنتج هذه السنة «إفريقيات من الظلمات إلى النور» للأمين مرباج، كما عرفت دورة هذه السنة ادخال تقنية «دي - سي- بي» ، ولأول مرة بالجزائر كرمت السينما الجزائرية هذه السنة روادها وعلى رأسهم روني فوتيي من خلال فيلم «لو ماكيزار إلا كاميرا» المنتج سنة 2012 للجزائري نصر الدين قنيفي. مهرجان وهران السينمائي لم يكن أقل حضورا وحط به السينمائيون العرب ليقدموا إبداعاتهم في الأفلام الروائية والوثائقية، كما فتح المهرجان أبوابه للورشات والندوات، إضافة الى التفاته إلى إبداعات الشباب وتكريم الرواد. كما احتضنت الجزائر أيام الفيلم المتوسطي بمشاركة 18 فيلما. ودخل الإنتاج السينمائي الجزائري هذه السنة الى مختلف المهرجانات الدولية المنتشرة عبر القارات، علما أن جل هذه المهرجانات احتفل بخمسينية استقلال الجزائر... من بين أهم الافلام المشاركة فيلم «يما» لجميلة صحراوي الذي يحكي معاناة الأم وردية التي تفقد أحد أبنائها في فترة العشرية السوداء لتلجأ بحزنها إلى الطبيعة والأرض وتكرس حياتها للفلاحة ولتربية أحد الأيتام... وقد افتك هذا الفيلم العديد من الجوائز الدولية، منها مثلا مهرجان الفيلم الفرنكفوني ببروكسل ومهرجان السينما العربية ببلجيكا أيضا. فيلم «عطور الجزائر» لرشد بلحاج دخل أيضا مختلف المنافسات السينمائية الرسمية (من تمثيل شافية بوذراع، أڤومي، تكوش، بن ڤطاف وغيرهم)، يحكى قصة كريمة المصورة التي تعود للجزائر لتسترجع ذكرياتها ولتكتشف أن عطور الجزائر لا توجد في مكان آخر من هذا العالم، الفيلم شارك مثلا في مهرجان قرطاج السينمائي الذي خصص جانبا من فعالياته لعرض الروائع السينمائية الجزائرية. الفيلم الجزائري حضر أيضا بالمهرجان الدولي للسينما المتوسطية ليحصد جائزته بفضل رشيد بن علال وفيلمه «حافلة تدعى الرغبة» ويعرض تطلعات وآمال الناس البسطاء، كما كرم هذا المخرج في العديد من المناسبات السينمائية باعتباره علامة من علامات السينما الجزائرية بعد الاستقلال. تتوالى المهرجانات والتكريمات، منها مهرجان الفيلم العربي بفاماك الفرنسية الذي احتفل بخمسينية السينما الجزائرية، ومهرجان ساوباولو الذي قدم الروائع السينمائية الجزائرية ومهرجان أبوظبي الذي شاركت فيه الجزائر ب «عطور الجزائر» و«حراڤة بلوز»، ناهيك عن تتويج فيلم «التائب» في مهرجان الدوحة للمرة الثانية على التوالي، إذ فاز المخرج علواش سنة 2011 بجائزة المهرجان بفيلمه «نورمال»، وهذا تقديرا للسينما الجزائرية. من المهرجانات التي حضرتها الجزائر، مهرجان برلين بمشاركة فيلم «فدائي» ومهرجان الأرجنتين الدولي ومهرجان مالمو بالسويد في دورته ال 28 بحضور يحيى مزاحم ب «دار العجزة» ومهرجان أبو ظبي الذي افتك فيه لمين سيدي بومدين جائزتين، ومهرجان البندقية وغيرها كثير وكثير من المهرجانات. كما خصصت القاهرة صائفة 2012 أسبوعا للسينما الجزائرية، عرضت فيه بعض الروائع وفتحت فيه نقاشات أطرها سينمائيون ونقاد جزائريون. سينما 2012 خطوة عابرة للحدود مما يتطلب انتهاج أسلوب احترافي متمكن أكثر. نفس المناخ عاشه الفيلم الوثائقي الذي لم يكن أقل حضورا وتوجها، فيلم «هنا يغرق الجزائريون»، الذي يسرد وقائع مظاهرات 17 أكتوبر 1961 حيث افتك جائزة مهرجان دبي السينمائي وتم عرضه مؤخرا على الجزيرة باعتباره عملا وثائقيا ضخما. كما كرم فيلم «السينما الجزائرية.. نفس جديد» بمهرجان الدوحة الدولي من خلال مخرجته الشابة مونيا مدور. هكذا دخلت الإنتاجات الجديدة المواعيد الوطنية والدولية، بعد أن كادت تغيب عنها.