في رده على نواب المجلس الشعبي الوطني، حاول وزير الطاقة والمناجم الدفاع عن القانون الجديد للمحروقات، لاسيما في شقه المتعلق باستغلال الغاز الصخري، وذلك بعد أن عبر الكثير من النواب عن رفضهم لهذا الاتجاه لدرجة مطالبة بعض الكتل مثل حزب جبهة التحرير الوطني بإلغاء المادة المتعلقة به من التعديلات، في الوقت الذي دافع نواب حزب العمال عن هذا الخيار بشدة. ولعب الوزير على وتر حاجة الجزائر لتغطية حاجياتها الطاقوية المتنامية على المدى البعيد، معتبرا ذلك "واجبا أساسيا"، ورهن الأمر بتكثيف نشاطات الاستكشاف والتنقيب عن المحروقات التقليدية وغير التقليدية. ولم يتردد السيد يوسف يوسفي في القول إن "التفكير في مستقبل الأجيال القادمة وتخطيط الوسائل اللازمة لضمان الرخاء والرفاهية لهذه الأجيال أضحت اليوم مسؤولية جماعية". واستنجد في تدخله الذي دام قرابة ساعة ونصف بالأرقام عندما ذكر بنمو عدد السكان الذي ينتظر أن يقارب 60 مليون نسمة في 2040 موازاة مع الزيادة المطردة في حجم الاحتياجات الطاقوية، حيث يتوقع أن يبلغ استهلاك الغاز 200 مليار جيغاواط ساعي، وسينتقل استهلاك الغاز من 30 إلى 100 مليار متر مكعب سنويا خلال ذات الفترة. أكثر من ذلك، فإن الوزير كان واضحا في إلحاحه على ضرورة الذهاب نحو مصادر طاقوية أخرى عندما قال إن "احتياطيات البلاد الحالية من المحروقات التقليدية ليست كبيرة على المدى البعيد"، مضيفا أنه "مع آفاق 2030 ستبلغ قيمة ما نستهلكه من طاقة من 80 إلى 85 مليار دولار سنويا، فتخيلوا لو نضبت مواردنا التقليدية وقررنا عدم استغلال المحروقات غير التقليدية كيف سنتمكن من تسديد هذه الفاتورة دون مستوى مقبول من صادرات المحروقات؟"، سؤال وجهه الوزير إلى نواب الشعب وهو يذكرهم بالأيام العصيبة التي عاشتها الجزائر منتصف التسعينيات لتأمين احتياجاتها بسبب انخفاض أسعار النفط ومحدودية الإمكانيات الإنتاجية للمحروقات آنذاك. وللرد على النواب الذين شددوا على سلبيات استخراج الغاز الصخري، لاسيما من حيث آثار ذلك على البيئة، قال يوسفي إنه يجب عدم الاستماع ل "الأصوات القادمة من وراء البحر التي تطالب بالامتناع عن استغلال المحروقات غير التقليدية بدعوى آثارها السلبية على البيئة وعلى مخزون البلاد من المياه". ولتأكيد عدم صحة هذه "الادعاءات" عاد الوزير إلى الأرقام مجددا وقال إن استغلال البئر الواحد لاستخراج الغاز الصخري يستلزم من 10 إلى 15 ألف متر مكعب من المياه لتنفيذ تقنية التكسير الهيدروليكي، في حين يبلغ إجمالي ما تحتاجه الجزائر لاستغلال إمكانياتها من هذا المورد حوالي 600 مليون متر مكعب على مدى السنوات الأربعين المقبلة، مع العلم أنه يمكن استرجاع ما بين 80 إلى 85 بالمائة من هذه المياه المستخدمة وإعادة استعمالها من جديد، مشيرا إلى أن الجزائر تستهلك سنويا 70 مليون متر مكعب لاستخراج النفط. كما أضاف أن الكثير من هذه المواد التي تشكل خليطا يضاف إلى الرمل والمياه للعمل على استخراج الغاز الصخري (يبلغ عددها 20 مادة) "تستعمل في الصناعات الغذائية حتى أن بعضها يدخل في تركيبة صنع حفاظات الأطفال". ودائما بخصوص تقنية التكسير الهيدروليكي، لفت السيد الوزير الانتباه إلى أن هذه التكنولوجيا ليست وليدة اليوم، فقد تم تجريبها منذ السبعينيات، حيث تم إجراء ما لا يقل عن الألف عملية كللت كلها بالنجاح في الولاياتالمتحدةالأمريكية. من جهة أخرى "فإن ما يعادل 25 بالمائة من احتياطي حقل حاسي مسعود يمكن استخراجه بالطرق التقليدية وقد قمنا إلى اليوم باستغلال 13 بالمائة من هذا الاحتياطي في حين لا يمكن استغلال ما تبقى إلا بالتقنيات غير التقليدية"، كما أكد السيد يوسفي، مشيرا إلى أن الغاز الصخري هو "في حقيقة الأمر مورد طاقوي تقليدي، لكن الطريقة المتبعة لاستخراجه هي التي توصف بغير التقليدية". وفي رده على اقتراحات بعض النواب حول تطوير استغلال الطاقات المتجددة إلى جانب الفحم والطاقة النووية السلمية، ذكر المتحدث أن البرنامج الذي صادقت عليه الحكومة منذ سنتين بخصوص تطوير الطاقات المتجددة باستثمارات عمومية تفوق 100 مليار دولار إلى غاية 2030 لن تسمح بتغطية أزيد من ثلث ما ستستهلكه الجزائر من كهرباء في ذلك الوقت. وبخصوص إمكانية استغلال الفحم أشار الوزير إلى أن منطقة بشار تتوفر على احتياطي يعادل 300 مليون طن إلا أن ضعف جهود الاستغلال الحالية لا تمكن من الانتفاع بهذا المخزون في الوقت الراهن لأن ذلك يتوجب أيضا تقنيات غير تقليدية للاستخراج. وعن استعمال الطاقة النووية السلمية، ذكر الوزير أن ذلك لن يكون إلا على المدى الطويل لأن إنشاء محطة نووية يستلزم من 15 إلى 17 سنة من التحضيرات، كما لا يمكن للجزائر إنشاء أكثر من محطتين على أقصى تقدير في حين يستلزم تشغيل المحطة الواحدة كميات جد كبيرة من المياه، مشيرا -على سبيل المثال- إلى فرنسا التي تستهلك ما يعادل 40 مليار متر مكعب سنويا من المياه لاستغلال حظيرتها من المحطات النووية. في ذات الإطار، كشف أن العديد من الدول الأوروبية "متخوفة من نجاح تجربة المحروقات غير التقليدية على المستوى الجهوي والدولي لأن ذلك سيؤلب عليها شعوبها، مطالبة إياها بالتخلي عن الطاقة النووية بسبب آثارها البيئية السلبية". وصرح "أنا لا أقول إننا لن نستعمل الطاقات المتجددة أو النووية، لكنها لن تكفي وحدها لتحقيق الاكتفاء الطاقوي للبلاد... وتطوير المحروقات غير التقليدية خيار حتمي إذا أردنا تلبية حاجياتنا من الطاقة وتمويل الاستثمارات التنموية، فالمحروقات تبقى تمثل حتى 90 بالمائة من حاجياتنا وليس لدينا خيار آخر حتى 2030". وبخصوص مردودية هذه المحروقات، أوضح السيد يوسفي أن إمكانيات الجزائر من الغاز الصخري تمتد "دون انقطاع" من تيميمون (ولاية أدرار) في الجنوب الغربي إلى عين صالح في الجنوب الشرقي إضافة إلى جيوب أخرى مجتمعة في كل من تندوف وإيليزي في حين تقارب مردودية هذه الحقول 5ر1 مليار متر مكعب من الغاز في الكلم المربع الواحد وهي نسبة جد عالية. أما فيما يتعلق بجانب التشغيل فيتوقع أن يسمح استغلال الغاز الصخري إلى جانب النشاطات الطاقوية والصناعية الملحقة في خلق نحو 100 ألف منصب شغل جديد يضاف إلى المستخدمين الحاليين في قطاع المحروقات والبالغ عددهم من 90 إلى 100 ألف عامل. ولطمأنة أعضاء المجلس والرأي العام الوطني، ذكر الوزير أن قطاع المحروقات يشغل حاليا 15 ألف مهندس وتقني سام "وهم يعلمون جيدا ما يتوجب عليهم فعله"، مضيفا "لنضع ثقتنا في مهندسينا وأعدكم أن مصالح البلاد ستبقى محفوظة فسيادة قرار الجزائر لا نقاش فيها ولا ثمن لها". وعن تكثيف نشاطات التنقيب في إطار تعزيز احتياطي البلاد من المحروقات، أشار المتحدث إلى أن سنة 2013 ستشهد "استكمال نشاطات المسح الزلزالي بالبحر تمهيدا للتنقيب عن المحروقات فيه"، مضيفا أن الجزائر ستعمل مع شركاء برازيليين للشروع في أشغال التنقيب البحري، وختم الوزير تدخله قائلا "علينا نسيان توجهاتنا الحزبية والتفكير في مصلحة البلاد من خلال هذا القانون الذي يحفظ ويعزز السيادة الوطنية على مواردنا وخيراتنا".