بدأت أخيرا تتكشف خيوط المؤامرة التي استغلت مطالب الشعوب في بعض البلدان العربية فيما سمي بالربيع العربي، لتحقيق أهداف استعمارية بغيضة، والجزائر كانت من بين الدول التي تنبهت لخطر مثل هذه المؤامرة، فأخذت موقفا مبنيا على قناعتها بأحقية الدول في السيادة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهذا حق تكفله جميع المواثيق والمعاهدات الأممية. فالسيد سيلفيو برلسكوني الذي انطلقت الطائرات من قواعده لقصف المدن الليبية، يقول في حديث لوكالة الأنباء الإيطالية ”آكي” أن ”ماحدث في ليبيا لم يكن ربيعا عربيا أو ثورة للشعب فالقذافي كان محبوبا من قبل مواطنيه”، مضيفا أن ”الشعب الليبي كان يفتقر إلى الحرية لكنه كان يحصل على الخبز والسكن مجانا”. والأغرب والأخطر من ذلك أنه اتهم فرنسا بتدبير ذلك، حيث يقول: ”أن ماحدث في ليبيا جرى وفق قرار للحكومة الفرنسية بالذهاب إلى هناك، والتدخل في نزاع داخلي، وتقديمه في إطار المجتمع الدولي على أنه ثورة”. والأمر إلى حد الآن يمكن قبوله أما أن يكون تدخل ساركوزي في ليبيا نكاية في برلسكوني فذلك الذي لا يطاق ولا يحتمل من رجل دولة يفترض فيها أنها صاحبة الفضل في إصدار قوانين حقوق الإنسان. فبرلسكوني يقول: ”إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي كان متحاملا علي، لأنه ذهب إلى ليبيا ورأى الملصقات الكبيرة (...) تحمل صور القذافي وهو يعانقني، قائلا إن يوم الانتقام ”ذكرى نهاية الاستعمار الإيطالي” تحول إلى يوم صداقة و«عاد إلى أتباعه يقول إن برلسكوني وإيطاليا سلبانا كل الغاز والنفط الليبي”. ثم ”هاجمها بالطائرات الفرنسية قبل أن يُتخذ قرار مشترك وقصف القوات التي أرسلها القذافي إلى بنغازي”. والشاهد هنا أن لا أحد يقنعنا بأن ما جرى في ليبيا ويجري في سوريا، هو من باب الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية فلقد شهد شاهد من أهلها.