بعدما كان قطاع الصحة ببرج بوعريريج، فيما مضى، يواجه حالة تسيير حرجة، ها هو ذا يتعزز بهياكل صحية جديدة، فمنها ما يستغل حاليا ومنها ما يزال دون استغلال بسبب نقص اليد العاملة المؤهلة، ولمعرفة هذه المشاريع، التقنيا مختلف الأطراف واستقصيناهم عن واقع الخدمات الصحية بالولاية. وفي جولة “المساء” الاستطلاعية لعدة مؤسسات استشفائية وعيادات متعددة الخدمات، اقتربنها من خلالها من المريض والممرض، المواطن والإطار، الطبيب والموظف بالمديرية، وتضاربت الآراء بين هذا وذاك، لكنها خلصت إلى أن قطاع الصحة يسير من الأسوأ إلى الحسن، وحسبما أكده مصدر من مديرية الصحة بالولاية، فإن الولاية تتوفر على 04 مستشفيات، 44 عيادة متعددة الخدمات و148 قاعة علاج.
هياكل صحية التهمت الملايير ولا تزال حبيسة الأدراج بالرغم من تعزز هذا القطاع بعدة منشآت، إلا أن العديد منها لا يزال منقوصا، وخلال جولتنا بالولاية، وجدنا أن النقص يكمن في الهيكل في بعضها، والمؤطرين في البعض الآخر، وكانت البداية بمستشفى لخضر بوزيدي المتواجد بعاصمة الولاية، والذي دشنت به مؤخرا مصلحة الاستعجالات، إلا أننا وجدنا بأنه لا يزال يفتقر إلى التأطير الطبي، حيث يبقى بحاجة إلى تدعيم بأطباء أخصائيين، خاصة على مستوى قسم الأشعة، إذ يواجه المرضى مشكل تدني الخدمات بهذا القسم لعدم وجود طبيب مختص في الأشعة، رغم تجهيزه بمعدات طبية متطورة، وكذا مرضى القصور الكلوي الذين هم بحاجة إلى أطباء مؤطرين، مع تجديد أجهزة التصفية رغم شكاويهم المتعددة بخصوص خضوعهم للعلاج بكلى اصطناعية منتهية الصلاحية، قدر عددها ب 11 جهازا، إضافة إلى بقاء معهد باستور عبارة عن هيكل من دون روح، لتأخر إيصاله بالمياه وشبكتي الغاز والكهرباء، أما بمستشفى مجانة الذي يعد من أكبر مستشفيات الولاية، فأكد لنا مصدر موثوق عن بقاء أجهزة طبية في علبها لمدة تزيد عن الأربع سنوات، منها أجهزة حديثة لطب العيون، وفي نفس السياق، توجد المؤسسة الاستشفائية براس الوادي تحت سقف بناية جاهزة منتهية الصلاحية منذ عدة سنوات، الأمر الذي جعل المواطنين يطالبون بتسجيل مشروع مستشفى يتسع على الأقل ل 60 سريرا، كما بقيت تجهيزات طب العيون بدون استغلال منذ أربع سنوات لعدم وجود طبيب مختص، وهو الأمر ذاته بالعيادة متعددة الخدمات ببلدية الرابطة، حيث بقيت بها أجهزة طبية جديدة داخل المخبر من دون تجريب ولا استغلال لخمس سنوات كاملة، وبذات البلدية، وجدنا أن قاعة العلاج المتواجدة بقرية فراحتية مجهزة ولكنها غير مستغلة منذ مدة تزيد عن الأربع سنوات، بالإضافة إلى بقاء جهاز أشعة في علبة بالعيادة متعددة الخدمات ببلدية العش منذ سنة 1993.
قاعات علاج لتخفيف الضغط على المستشفيات وأخرى بدون تأطير عرف قطاع الصحة بالولاية خلال السنوات الأخيرة، فتح ما يزيد عن 25 قاعة علاج جديدة، بعضها مستغل فعلا، يلبي احتياجات المواطنين ويخفف الضغط على المستشفيات الكبرى، على غرار قاعة العلاج المتواجدة بالقرية الشمالية وحي مونية، والبعض الآخر لا يزال ليومنا هذا يعاني من نقائص، على غرار قاعة العلاج المتواجدة بقرية توكال التابعة لبلدية القلة، والتي لا تزال إلى يومنا هذا تعاني من نقص المرافق الطبية، أما بقرية زنونة التابعة لبلدية اليشير، والواقعة غرب ولاية البرج، وعلى غرار العديد من قاعات العلاج، فإنها تفتقر لأدنى شروط الرعاية الصحية، وخلال لقائنا بالمواطنين، أكدوا لنا بأنهم طالبوا السلطات المعنية بتوفير ممرض دائم، مؤكدين بأن قاعة العلاج مغلقة، مما يضطرهم إلى التنقل لمصلحة الاستعجالات بمركز بلدية اليشير لتلقي العلاج.
أطباء يحولون مرضاهم إلى المؤسسات الخاصة بحجة الاكتظاظ هو مشكل يطرح بحدة، حيث يطرح بحدة عبر أغلب مستشفيات الوطن، وخاصة على مستوى المؤسسة العمومية الاستشفائية المختصة في طب النساء، التوليد وجراحة الأطفال، وخلال تواجدنا هناك، أكدت لنا إحدى القابلات أن مستشفى الأم والطفل تعاني من مشكل الاكتظاظ والنقص الفادح في عدد الأسرّة، حيث تستقبل أزيد من 700 مولود شهريا، ورغم ذلك فإنها تفتقر لطبيب أخصائي في التوليد، وكذا للأشعة، فضلا عن نقص التأطير الطبي، حيث تتواجد بها 18 قابلة يعملن بنظام المداومة، كما أن مخبر المستشفى وضعيته غير لائقة، ولا يزال سقفه مغطى بالأميونت، بالإضافة إلى انعدام قسم خاص بالاستعجالات الطبية والجراحية للأطفال بها، أما في المستشفيات، فيوجهون مرضاهم إلى المؤسسات الخاصة بحجة نقص الوسائل والتجهيزات الطبية أو قدمها، أما المرضى فصرحوا بأن الأطباء يحولونهم إلى المؤسسات الخاصة من أجل الربح، فإما تجدهم يعملون في تلك المؤسسات، أو أن يعقد اتفاق بينهم وبين المؤسسات بمنحهم جزءا من العائدات المالية، وهو التصرف الذي انتقده المرضى، خاصة الذين ليس لهم دخل، والمجبرون على إجراء العملية.
أطباء يؤكدون نقص التجهيزات الطبية من جهتهم أطباء بعض المؤسسات، أكدوا لنا بأن أغلب المستشفيات قديمة، وتحتاج إلى ترميم فقط، كما أنها تفتقر إلى التجهيزات الكافية فعلا، الأمر الذي يجبرهم على تحويل المرضى إلى المؤسسات الخاصة.
مديرة الصحة: الوضع الصحي في تحسن من جهتها مديرة الصحة بالولاية، السيدة دليلة ميرة، أرجعت الوضع الصحي وتوقف المشاريع التابعة للقطاع إلى المدير السابق لمديرية الصحة الذي بقي في القطاع لمدة 11 سنة، أما عن تصرفاتها مع أطباء وعمال القطاع، فهي راجعة إلى غيرتها من أجل النهوض بقطاع الصحة في الولاية، وعن المشاريع الصحية، قالت إن قطاع الصحة عرف قفزة نوعية منذ انطلاق البرنامج الخماسي الثاني، وهذا من خلال إعادة تهيئة مصلحة الاستعجالات بمستشفى بوزيدي وإعادة تأهيل وتجهيز سبعة عيادات، والمفاجأة ستكون بمستشفى الأم والطفل خلال الأيام القليلة القادمة، كما أكدت أن المستشفى المركزي سيتم تغطيته بالأطباء الأخصائيين، حيث تدعمت كل الاختصاصات، في انتظار مصالح طب جراحة الأعصاب التي لا تزال منقوصة، كما تم استقدام أطباء في اختصاصات الطب الشرعي، أمراض القلب، جراحة العظام، أمراض النساء والتوليد، علما أن العيادات متعددة الخدمات أصبحت حاليا توفر خدمة الاستعجالات، الطب المتخصص وجراحة الأسنان، وهو ما سيقلل الضغط على المستشفى المركزي لخضر بوزيدي، مرجعة هذا التقدم إلى تضافر جهود الجميع من طواقم طبية وإدارية، بالإضافة إلى المنتخبين المحليين، وسمح صرف الملايير التي كانت مكدسة بتغيير وجه المؤسسات الصحية التي كادت تنهار على رؤوس المرضى، حيث نذكر على سبيل المثال المبلغ الذي صرف على ترميم وإعادة تأهيل استعجالات مستشفى برج بوعريريج، والمقدر ب 13 مليار سنتيم، لكنها أصبحت لائقة لاستقبال الحالات المستعجلة، أما عن المشاريع المتوقفة، فصرحت مديرة الصحة أن هناك العديد من المشاريع التي بعثت من جديد، على غرار المستشفى الجهوي للعظام الذي رصد له مبلغ 240 مليار سنتيم، والذي توقفت أشغاله منذ سنة 2010، وثلاث مستشفيات ب 60 سريرا تتواجد بكل من بلديات برج الغدير، والمتوقفة منذ سنة 2008، وهو المشروع الذي رصد له 5,7 ملايير سنتيم، كما انطلقت الأشغال بكل من مستشفيات برج زمورة والمنصورة المتوقفة منذ سنة 2009.