صادق نواب المجلس الشعبي الوطني، أمس، بالأغلبية على مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 05-07 المؤرخ في أفريل 2005 المتعلق بالمحروقات، بعد أن تمت مناقشته يومي 8 و9 جانفي، وهو ما أثمر اقتراح 33 تعديلا أغلبها جاءت من نواب حزب العمال. وتمت المصادقة في جلسة ترأسها رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد العربي ولد خليفة، بحضور وزير الطاقة والمناجم، السيد يوسف يوسفي، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، السيد محمود خذري، و315 نائبا. وإذا كانت الأغلبية قد قالت "نعم" لمشروع القانون الخاص بالمحروقات، فإن الجلسة عرفت امتناع عدد من النواب عن التصويت أكثرهم ينتمون لكتلة الجزائر الخضراء، كما شهدت انسحاب نواب كتلة جبهة القوى الاشتراكية. هذه الأخيرة أشارت في بيان وزعته على الصحافة إلى أنها قررت عدم التصويت على النص، مبررة ذلك بكونه "مسألة هامشية مقارنة مع السياسة العامة المنتهجة في قطاع المحروقات"، داعية إلى تنظيم ندوة وطنية حول الطاقة لمناقشة مسألة الحفاظ على هذا القطاع السيادي. وعقب المصادقة، قال السيد ولد خليفة إن مشروع القانون "هو جزء من أهداف مخطط عمل الحكومة الذي ينفذ برنامج رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، وهو المخطط الذي صادقتم عليه بتاريخ 01 أكتوبر 2012 ويضفي المزيد من المصداقية على قانون المالية الضرورية لتنفيذ مخطط الحكومة في مختلف مجالات التنمية". وبخصوص التعديلات المقترحة والتي تمت الموافقة على صياغتها الجديدة أو المعدلة في هذه الجلسة، قال رئيس الغرفة السفلى للبرلمان إنها "تدعم روح النص المعروض علينا وتهدف بوجه خاص إلى تأكيد تطلعات بلادنا في هذا القطاع الحساس الذي يحتاج إلى مزيد من الاستثمارات والتكنولوجيات الحديثة في إطار المبدأ الراسخ والمتمثل في التعاون في حدود 49/ 51 مع الشركات الأجنبية". واعتبر المتحدث أن استغلال الطاقات غير التقليدية له آثار إيجابية على التنمية الوطنية والمحلية، لاسيما في ظل اقتصاد تنافسي. وكانت هذه النقطة قد شكلت محور جدل واسع داخل قبة البرلمان، إذ عبر الكثير من النواب عن معارضتهم لاستغلال هذا النوع من الطاقات في الوقت الراهن، ودعوا إلى تركها كمخزون للأجيال القادمة، إلا أنه تم رفض حذف بعض الأحكام المتعلقة بالمحروقات غير التقليدية من طرف لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والتجارة والصناعة والتخطيط، وتمت المصادقة على الرفض من طرف نواب الشعب. وحسب مقرر اللجنة فإن مضامين التعديلات تمحورت، إضافة إلى حذف بعض الأحكام المتعلقة بالمحروقات غير التقليدية، حول "إدراج مادة جديدة تنص على إلزام وزير الطاقة والمناجم بتقديم حصيلة سنوية تخص النشاطات المتعلقة بالمحروقات والنتائج المحققة أمام أعضاء المجلس" وهو التعديل الذي قدمه نائب من حزب العمال وتم رفضه على أساس أنه للجان الدائمة الحق في الاستماع إلى ممثل الحكومة في إطار صلاحياتها كلما دعت الضرورة لذلك. كما شملت التعديلات "إدراج مادة جديدة تنص على تحديد كيفية حساب الرسم على الدخل البترولي على أساس رقم الأعمال وليس المردودية" من طرف حزب العمال كذلك، وتم رفضه من طرف النواب، فيما وافق هؤلاء على تعديل اقترحه الحزب ينص على وضع وكالتي المحروقات تحت سلطة وزير الطاقة والمناجم، إذ اعتبر نص القانون أن الوكالتين "وطنيتان" وتتمتعان بالشخصية القانونية والاستقلالية، لكنهما تحت وصاية الوزارة. واعتبر ممثل حزب العمال أن هذا التعديل يهدف إلى الحفاظ على سيادة الدولة على القطاع وحماية الوكالتين من ضغوط بعض اللوبيات. كما تم رفض تعديل ينص على دعم أسعار المحروقات في السوق المحلية، والذي برره الحزب بالتخوف من الضغوطات الغربية التي تريد فرض نفس السعر العالمي للمحروقات في السوق الوطنية، نظرا لتطبيق هذا الدعم فعلا من طرف الحكومة، فيما اعتمد التعديل المقترح حول وصاية وزارة الطاقة والمناجم على "تسيير وتحيين بنوك المعطيات واستغلال المحروقات" التي تصبح بذلك من مسؤولياتها. وصادق النواب كذلك على تعديل يسمح للوزير بأن يستثني العمل بأحكام حق تحويل جزء من الحقوق والالتزامات بين المتعاقدين أو إلى شخص آخر وذلك لأسباب تتعلق بالصالح العام في إطار سياسة المحروقات، كما تمت المصادقة على تعديل ينص على أن تملك سوناطراك دون سواها الحق في اكتساب القطع الأرضية عن طريق التنازل أو نزع الملكية طبقا للتشريع المعمول به. وتم رفض تعديل ينص على رفع قيمة الرسم الخاص الواجب تسديده للخزينة العمومية من طرف المتعامل الذي يطلب الاستفادة من الاستثناء الخاص بحرق الغاز. بالمقابل، تم إضفاء الطابع الإلزامي على المادة، كما أعادت اللجنة صياغة المادة 4 المعدلة والمتعلقة بسريان أحكام المادة 87 الواردة في المادة 2 وذلك لدقة أكبر وسلامة للمعنى، إذ أوضحت أن هذه الأحكام لاتمس عقود البحث والاستغلال التي أبرمت في إطار قانون 2005 ساري المفعول، إذ تبقى تلك العقود خاضعة لنظام الجباية البترولية المنصوص عليها في القانون السابق عند تاريخ نشر القانون الجديد في الجريدة الرسمية. وكان حزب العمال الأكثر تقديما للتعديلات التي بلغ عددها 11، من بينها 4 تم أخذها بعين الاعتبار والمصادقة عليها حسب بيان للكتلة البرلمانية للحزب والذي جاء فيه أن برلمانييه دعموا قاعدة 49/ 51 للشراكة بين سوناطراك والشركات الأجنبية والحصرية الممنوحة للشركة الوطنية في مجال نقل المحروقات عبر الأنابيب. وأشار إلى أن التعديلات المقترحة جاءت بهدف تدعيم سيادة الدولة على هذا القطاع وكذا مكانة سوناطراك، التي دعا نواب حزب العمال لأن تتحول الى شركة عمومية بدل شركة ذات أسهم، وهو الطرح الذي لم تتم المصادقة عليه، مضيفا أن رفض الكتلة البرلمانية للأصوات المضادة لاستغلال الغاز الصخري والطاقات غير التقليدية عموما راجع لإيمانها بأن استغلالها سيسمح برفع احتياطات الجزائر من المحروقات وضمان مستقبل الأجيال القادمة، دون أن يمنع ذلك طرحهم لتساؤلات ذات علاقة بحماية البيئة، لاسيما خلال استغلال هذا النوع من الطاقة، وهي الانشغالات التي رد عليها وزير الطاقة والمناجم -حسب المصدر-، مطمئنا باتخاذ كل الإجراءات اللازمة في هذا المجال.