صادق نواب المجلس الشعبي الوطني، أمس، بالأغلبية على مشروع تعديل قانون المحروقات لسنة 2005 المقترح من قبل الحكومة، مع إدراج مجموعة من التعديلات تتعلق بتعزيز ودعم دور الدولة في تسيير القطاع، وتكون الجزائر بذلك، في انتظار مصادقة مجلس الأمة، على طريقة تدشين عهد استغلال الغازات الصخرية. وكفلت أصوات نواب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي وحزب العمال مرور مشروع تعديل قانون المحروقات 05-07 في المجلس الشعبي الوطني، في حين رفض حزب العدالة والتنمية المشروع، وامتنع نواب التكتل الأخضر عن التصويت، وبرروا ذلك بأن القانون يحمل مزايا إيجابية ويشوبه عوار في بعض مواده الأخرى، ووازنوا موقفهم منه بالامتناع عن التصويت. كما امتنع نواب حزب جبهة القوى الاشتراكية عن المشاركة في التصويت على التعديلات التي اقترحها النواب، واكتفوا بالصمت طيلة الجلسة التي استمرت نحو ساعة ونصف، وعبروا عن رفضهم للقانون بالخروج من القاعة لحظة طرح رئيس المجلس الشعبي الوطني لمشروع القانون على التصويت العام. النائبان رمضان تعزيبت من حزب العمال، ولخضر بن خلاف من جبهة العدالة والتنمية، تقاسما معظم اقتراحات التعديل في مواد المشروع المعروضة على التصويت، وبينما قبلت اللجنة بشكل جزئي أو كلي 5 تعديلات تقدم بها الأول، تم رفض جميع التعديلات التي تقدم بها الثاني. وشهد التصويت على المادة التاسعة التي تتعلق بتحديد أسعار المحروقات في السوق الداخلية جدلا، بعد أن بدا أن المصوتين بنعم في الجلسة أقلية، ما اضطر رئيس المجلس لإعادة التصويت عليها، وكانت الأغلبية أثناء التصويت الثاني واضحة. علما أن النائب رمضان تعزيبت، الذي وصفه رئيس المجلس ب«نجم الجلسة"، اقترح تعديل هذه المادة، وبرر ذلك بأن هذه المادة تحمل بصمات الاتحاد الأوربي، الذي يريد توحيد سعر المحروقات الداخلي مع سعر البيع بالخارج، لكن مقرر اللجنة البرلمانية، نفى أن يكون لذلك تأثير على أسعار الطاقة المدعومة في الجزائر، وأبقى نص المادة كما ورد في نص القانون. وطالب النائب لخضر بن خلاف بحذف جميع التعريفات الواردة في المشروع حول الغازات الصخرية، مؤكدا أن استغلال هذا الغاز يشكل تهديدا للأمن المائي في الجزائر، بسبب الاستغلال الكثيف للمياه أثناء استخراجه، ومخاطر تلويث المياه الجوفية بسبب المواد الكيمياوية المستعملة في استخرجه. وأوضح النائب أن تكلفة استغلال هذا الغاز باهضة جدا بالنسبة للجزائر، حيث يكلف حفر بئر واحد 30 مليون دولار، بينما يتطلب الحصول على مليار متر مكعب من هذا الغاز حفر 200 بئر، فضلا عن مخاطر الإصابة بالسرطان من وراء استغلاله، مقترحا البدء بالاستكشاف حين الاطمئنان لتطور التكنولوجيا في هذا المجال وعدم تأثيرها على البيئة، على غرار فرنسا وبعض الدول الأخرى التي ترفض التنقيب على هذه الغازات في أراضيها. ومن التعديلات التي تبناها النواب، وضع مسؤولية تسيير وتحيين بنوك المعطيات الخاصة بالبحث واستغلال المحروقات تحت مسؤولية الوزير، إلى جانب حصر حق اكتساب القطع الأرضية عن طريق التنازل أو نزع الملكية لفائدة المؤسسة الوطنية “سوناطراك" دون سواها. جدير بالذكر، أن التعديلات المدرجة على قانون 2005 ، تتعلق بتسهيلات جديدة للاستثمارات الأجنبية منها فيما يخص التنقيب عن المحروقات واستغلالها كما يتضمن مزايا جبائية جديدة ويحدد الخطوط العريضة للتنقيب عن الطاقة غير التقليدية واستغلاله. وزير الطاقة يرد على إشاعات رحيلها: "الشركات البترولية الأجنبية لن تغادر الجزائر" فند وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي، ما يروج في وسائل الإعلام الأجنبية، من أخبار حول مغادرة الشركات البترولية الأجنبية الجزائر دون رجعة، بعد حادثة الهجوم الإرهابي الذي تعرض له مصنع إنتاج الغاز بقاعدة تيقنتورين في عين أميناس. وأوضح يوسفي، على هامش جلسة التصويت على مشروع تعديل قانون المحروقات، أن عددا من عمال الشركات الأجنبية غادروا بالفعل الجزائر، ولكن بصفة مؤقتة فقط من أجل طمأنة أهاليهم، والتخلص من آثار الصدمة التي تعرضوا لها، متوقعا استئنافهم العمل بمواقع الإنتاج خلال الأيام القادمة. وحول حجم الخسائر التي تعرض لها مجمع إنتاج الغاز بتقنتورين، بعد الاعتداء الإرهابي ، أوضح الوزير أن الوقت لايزال مبكرا لإجراء تقييم شامل، مؤكدا أنه سيزور القاعدة للوقوف على حجم الخسائر، من أجل استدراك النشاط داخل المجمع في أقرب وقت. ورفض الوزير الإجابة على سؤال حول إذا ما كانت سلطات الأمن في الجزائر تحقق مع عمال شركة بريتيش بيتروليوم، من بين مجموعة العمال الذين يخضعون حاليا للتحقيق بشبهة التواطؤ مع الجماعة الإرهابية في اقتحام المجمع الغازي بعين أمناس. وبعد المصادقة على تعديل قانون المحروقات، استغل الوزير كلمته، ليشيد بالحرفية التي أبدتها إطارات شركة سوناطراك وشركائها، في تعاملهم مع الهجوم الإرهابي في تيقنتورين، وأوضح الوزير أن “أول ما قام به العمال لحظة الاعتداء، وقف وحدة الإنتاج لمنع تفجير المجمع. وأكثر من ذلك يضيف الوزير، غادر العمال قاعة الإشراف حتى لا يتمكن الإرهابيون من إعادة تشغيلها، وهم بذلك جنبوا الجزائر كارثة كبرى". وأشار الوزير إلى أن بعض عمال سوناطراك، ممن تم تحريرهم ليلة الهجوم الإرهابي، رفضوا الخروج من المجمع رغم طلقات الرصاص المصوبة نحوهم، من أجل إطفاء النيران التي اشتعلت في بعض أجزاء المجمع". واتهم الوزير الإرهابيين بمحاولة المساس باقتصاد الجزائر ، وعرقلة تنميتها، وردد بنبرة قوية عبارة “الجزائر لن تستسلم للإرهاب"، ليقوم النواب بعدها ويصفقوا طويلا. مصطفى بوشاشي معلقا على التعديلات الجديدة في قانون المحروقات: «لا بد على الجزائريين أن يعلموا من باعهم.." بدا النائب عن حزب جبهة القوى الاشتراكية والحقوقي المعروف، مصطفى بوشاشي، في قمة غضبه بعد الجلسة التي شهدت تصويت نواب البرلمان على التعديلات التي تقدمت بها الحكومة حول قانون المحروقات لسنة 2005، حيث قال لمجموعة من زملائه النواب وهو ينفث دخان سيجارته “لا بد على الجزائريين أن يعلموا من باعهم..". وقال بوشاشي في تصريح مقتضب للصحافة الوطنية، عقب الجلسة، إن قانون المحروقات بتعديلاته الجديدة، هو هرولة نحو المجهول، لأنه يرهن قوت الأجيال القادمة من الجزائريين، ويستنفد كل ثروات الجزائر في هذه المرحلة. وأوضح بوشاشي أن “الجميع يجهل خلفيات هذا القانون في هذا التوقيت بالذات، الذي يشهد وفرة مالية في احتياطي الصرف الحزائري، جراء عوائد البترول والغاز، متسائلا عن “السر الكامن وراء رغبة الحكومة في استغلال جميع الثروات الوطنية جملة واحدة". ودعا بوشاشي إلى فتح نقاش وطني معمق بخصوص استغلال الغازات الصخرية في الجزائر، يجمع بين الخبراء والاقتصاديين والساسة، من أجل تحديد مدى حاجة الجزائر الفعلية لهذه الغازات، والمخاطر البيئية المحدقة باستغلالها، وتوعية المواطن الغائب الأكبر عن النقاش. يشار إلى أن جبهة القوى الاشتراكية، اكتفت بالصمت طيلة الجلسة التي استمرت نحو ساعة ونصف، وعبر نوابها عن رفضهم القانون بالخروج من القاعة لحظة طرح رئيس المجلس الشعبي الوطني مشروع القانون على التصويت العام. نائب عن حزب العمال رمضان تعزيبت يؤكد : "التعديلات الجديدة في قانون المحروقات ضمان لحق الأجيال القادمة من ثروات الجزائر" ما تعليقكم على جلسة التصويت على تعديلات قانون المحروقات الجديد؟ نحن مرتاحون لهذا القانون، لأننا نعتبر أنفسنا مشاركين فيه، فقد قبلت اللجنة الاقتصادية 5 تعديلات تقدمنا به، وهذا ليس من تقاليد المجلس الشعبي الوطني التي اعتدنا عليها في السابق. لقد جاء هذا القانون لتحصين سيادة الدولة من خلال منح الأغلبية للشركة الوطنية سوناطراك في عمليات التنقيب والنقل وغيرها. لماذا التركيز على قطاع المحروقات في الجزائر دون غيره من القطاعات؟ قطاع المحروقات له دور حيوي في الاقتصاد الوطني، وكان من الضروري على الدولة أن تتحسب تحديات الغد، من خلال استغلال ثرواتها الباطنية الاستغلال الأمثل، وهو ما جاء به هذا القانون الذي سمح بمنح رخص البحث والتنقيب عن الغازات الصخرية، مع أخذ جميع التدابير والاحتياطات لعدم تلويث البيئة. البعض انتقدكم على موافقتكم على هذا المشروع الذي يرهن حصة الأجيال القادمة في ثروات البلاد، فما رأيكم؟ من انتقدونا لم يقرأوا القانون، إذ كيف يمكن رفض قانون يكرس السيادة الوطنية من خلال تعميم قاعدة 51/49، لتشمل قطاع المحروقات، ويكون للشركة الوطنية سوناطراك حق احتكار جميع مشاريع الطاقة بالجزائر. أما القول بأن استغلال الغازات الصخرية يرهن مستقبل الأجيال القادمة، فهو ادعاء باطل، لأن استغلال هذا الغاز حسب القانون المقترح لن يتم إلا بعد 12 سنة من اليوم، وبالتالي فهو إجراء استباقي، من أجل التحكم في تكنولوجيا التنقيب عن هذه الغازات التي تتطور بشكل لافت، وهذا كله يصب في فائدة أجيالنا القادمة وليس العكس. محمد سيدمو