أجمع محامون، أمس، بالجزائر العاصمة في يوم دراسي حول موضوع “ إصلاح محكمة الجنايات” نظمه مركز البحث القانوني والقضائي، على أن المحلفين الذين يدخلون في تشكيلة محكمة الجنايات الشعبية يشكلون قوة رأفة للمتهمين الذين اقترفوا مخالفات ذات طابع اجرامي، مما يتطلب زيادة عددهم في تشكيلة هذه الهيئة القضائية. وتضم محكمة الجنايات الشعبية ثلاثة قضاة (رئيس ومستشارين) ومحلفين اثنين يمثلون الشعب. وتنص المادة 261 من قانون الاجراءات الجزائية، على أنه يشترط في المحلف “أن يكون جزائريا ذكرا كان أو أنثى، بلغ من العمر ثلاثين سنة يعرف القراءة والكتابة ويتمتع بحقوقه المدنية والعائلية”. ويرى المحامون أن المتقاضي أو المتهم يعد الحلقة “الأضعف” في كل محاكمة جنائية بالنظر إلى خطورة الحكم الذي قد يصل إلى عقوبة الاعدام، ويحتاج هذا الأخير إلى”قوة رأفة عالية”ممثلة في نظرائه المتمثلين في المحلفين. وفي هذا الصدد، دعا المحامون إلى زيادة عدد هؤلاء المحلفين الذي يجب أن يكون -حسب رأيهم- “أكبر” من عدد القضاة. وأوضحت الأستاذة حسيبة بومرداسي محامية لدى المحكمة العليا، أنّ “تشكيلة محكمة الجنايات في الوقت الحالي تتضمن قضاة يمثلون القوة الرادعة عددهم أكبر من عدد المحلفين الذين يمثلون جانب الرأفة”. كما أشارت الأستاذة بومرداسي، إلى أن المحلف يمثل الجانب المرن الذي يميل دائما إلى جانب المتهم والذي تصدر عنه البراءة في أفضل الحالات أو الظروف المخففة في أسوأ الحالات، إلا أنه لا يوجد إلا محلفين اثنين أمام ثلاثة قضاة يمثلون قوة الردع، مضيفة أن ثلاثة أصوات مقابل اثنين تكون المسألة محسومة. وأكدت في هذا الخصوص، أن المحلف يحكم حسبما يمليه عليه ضميره (قناعته الخاصة) مقارنة بما يقال أو ما يجري خلال جلسة المحاكمة دون الرجوع إلى النصوص القانونية التي يستند إليها القضاة في الحكم على المتهمين. أما محمد منتلشتة محامي وأستاذ القانون، فقد أوضح من جانبه أنه من أجل احترام “روح العدالة الشعبية”، من المهم ومن الضروري “رفع عدد المحلفين” بشكل يمكن من الحصول على “الأغلبية” في تشكيل محكمة الجنايات. كما ذكر، بأن القانون قد حدد في البداية عدد محلفين “أكبر” (4 محلفين) من عدد القضاة من أجل اعطائهم “الأغلبية” في التصويت الذي يجري خلال المداولات حول الادانة أو الحكم الذي سيتم إصداره. وتابع المتحدث يقول: إنه “يمكن في هذه الحالة الحديث عن عدالة شعبية، بما أن المتهم قد تمت محاكمته تقريبا من قبل نظرائه وليس على أساس قواعد القانون الذي يجهلونه عموما، وإنما على أساس احساسهم، ومجموعة من العوامل الذاتية الخاصة بكل واحد والمسماة القناعة الشخصية. وأشار في هذا الخصوص، إلى أن عدد المحلفين قد تم تقليصه من أربعة (4) إلى اثنين (2) وذلك “لأسباب خاصة” و بالتالي اعطاء الأغلبية للقضاة دون شرح تلك الأسباب “الخاصة” التي دفعت المشرع إلى تخفيض عدد المحفلين.