يعتبر ملف المحلفين أو بالأحرى القضاة الشعبيين ضمن الطابوهات قيد الدراسة في إطار إصلاح منظومة العدالة، بعد تقليص عضويتهم في تشكيلة محكمة الجنايات من أربعة أعضاء إلى عضوين، أو ربما إسقاطهم نهائيا بعد إحالة مشروع القانون أمام البرلمان المقبل الذي ستفرزه تشريعيات 10 ماي ,2012 هذا ما يدفعنا للتساؤل حول تأثير مشروع القانون على عجلة إصلاح العدالة؟ كرست المنظومة القانونية المتبعة في الجزائر منذ الاستقلال، عضوية 15 محلفا عند بداية كل دورة جنائية، يتم اختيار اثنين منهم في كل جلسة محاكمة من طرف ممثل النيابة العامة والمحامين حسب ما تنص عليه المادة 107 من القانون الجزائي· وتبعا للتعليمة رقم 10/95 الصادرة في 25 فيفري ,1995 قلص المشرّع الجزائري عدد المحلفين من أربعة أعضاء إلى اثنين، مما قزم دورهم في تمثيل الشعب أثناء المحاكمات الجنائية، ولهذا السبب يتم تحضير مشروع قانون على مستوى وزارة العدل من أجل سحب المحلفين بصفة نهائية من محكمة الجنايات· المحلفون جنبا لجنب مع القضاة المحترفين يتم تعيين المحلفين في جلسات المحاكمات الجنائية، عن طريق مناداة 15 عضوا بأسمائهم ليتم إجراء عملية القرعة من قبل القاضي رئيس الجلسة، وبإمكان المحامي أو ممثل النيابة أن يعترض على المحلفين مرتين حتى يختار اثنين ويسرح البقية لحضور محاكمات أخرى، الأول على يمين القضاة والثاني على يسارهم، ثم يؤدون اليمين القانونية قبل البدء في الاستماع الجيد لقرار الإحالة، ومجريات استجواب المتهمين وادلاءات الشهود والمشاركة في طرح الأسئلة عن طريق إملائها لقاضي الجلسة أو أحد مستشاريه· ثم تليها الخطوة الثانية وهي الاستماع بإمعان الى مرافعات الدفاع وطلبات ممثل النيابة العامة إلى أن ينسحب المحلفون رفقة رئيس الجلسة والمستشارين إلى قاعة المداولات، فتليها مرحلة الإجابة على الأسئلة الخاصة بالقضية في أوراق تصويت سرية ليجري الاقتراع عن كل سؤال على حده، وإذا تقررت من خلال الإجابات عن الأسئلة إدانة المتهم، يتم التصويت كذلك على مدة العقوبة في أوراق سرية ثم تصدر الأحكام حسب رغبة الأغلبية· كما يترتب عن تخلف المحلفين عن حضور الجلسات دون إذن من النيابة العامة عقوبات مادية حسب القانون، ويكونون طيلة عضويتهم ضمن محكمة الجنايات منعزلين عن باقي المواطنين حتى لا يفشون سر المداولات ولا تتعرض قناعاتهم الشخصية التي يبنون عليها الأحكام لأية ضغوطات خارجية، وهذا وفقا لنص الفقرة 2 من المادة 107 من قانون الإجراءات الجزائية· وتثار في موضوع المحلفين مسألة تكرار نفس الوجوه في التشكيلة ما يترك انطباعا سيئا لدى المتقاضين وحتى المحامين الذين يريدون تغيير تلك الوجوه التي باتت تعرف خبايا صناعة الأحكام الجنائية وقراراتها ليس لديها ثقل على قرارت القضاة· وحسب أحد المسؤولين بمجلس قضاء العاصمة، فإن اعتماد نفس قائمة المحلفين في كل مرة مرده تقاعس الجهات المحلية في إعداد قوائم جديدة في كل دورة جنائية لأسباب تبقى مجهولة، قد تكون -حسبه- لغياب البديل، لأن الشروط والمواصفات التي تعتمدها وزارة العدل غير متوفرة في جميع المواطنين كالسيرة الحسنة وخلو صحيفة السوابق العدلية من أية قضية· فالمواطن، يضيف مصدرنا، بات يرفض تحمّل أدنى مسؤولية، ناهيك عن المسؤولية الكبيرة الملقاة على كاهل المحلف من خلال توليه إصدار الأحكام مع القضاة من منطلق الضعف وهذا بالنظر إلى عددهم مقارنة بالقضاة· البلديات تعتمد قائمة محلفين بالرجوع إلى القوائم الانتخابية تختار أسماء المحلفين من طرف النواب العامين للمجالس القضائية الذين يراسلون البلديات التابعة لإقليم المجلس القضائي من أجل إعداد قائمة اسمية لعدد من المواطنين ذوي مستويات متباينة مع مراعاة بعض الشروط المتعلقة بالسن، أي يجب أن تفوق أعمارهم 35 سنة وطبيعة العمل لا تكون لها علاقة بمصالح وهياكل الدولة وبالأخص سلك العدالة· ثم يأمر النائب العام مصالح الضبطية القضائية بإجراء بحث اجتماعي عن سيرة هؤلاء الأشخاص في عملهم وحييهم، كما يتأكد من أنهم غير مسبوقين قضائيا، وفور إيفاد نتائج التحقيق يتم إشعار 15 شخصا بالتفرغ من جميع المسؤوليات للعمل كمحلفين بالدورات الجنائية· وبدوره كشف ''قمقاني الياس'' رئيس بلدية الدارالبيضاء أن مصالحه تقوم بإعداد قائمة من 10 إلى 15 محلفا بناءا على الشروط التي تحددها مراسلة النيابة العامة التابعة لوزارة العدل وهذا بالرجوع إلى القوائم الانتخابية، مضيفا أنه ''لا يطرأ على القائمة التي تم إعدادها منذ سنوات أية تغييرات إلا في حالة الوفاة أو تغيير مقر الإقامة''· ويضيف السيد ''قمقاني'' أنه يكلف مصلحة التنظيم والمنازعات القانونية بإعداد تلك القوائم نظرا للعلاقة المباشرة مع موظفي تلك المصلحة في تعاملاتها اليومية مع قطاع العدالة، حيث يختارون هؤلاء الأشخاص ممن تعتمد مصالح البلدية على استشارتهم في شؤون التسيير مثلا رؤساء جمعيات، مثقفين متقاعدين· ويتم تزويد النيابة العامة عن طريق إرسالية بكافة المعلومات المتعلقة بالحالة المدنية، العناوين والأرقام الهاتفية، مع مراعاة الشروط المعتمدة من طرف الوزارة الوصية في السن القانونية والسيرة الحسنة، السمعة الطيبة وسط المواطنين في محيط البلدية وخصوصا خلو صحيفة السوابق العدلية من المتابعات القضائية·