باتت بعض الحكومات الأوربية في قفص التهام بخصوص تعاملها مع المجموعات الإرهابية، فهي من جهة تعلن عن محاربتها للإرهاب علنا ومن جهة أخرى تشكل مصدر تمويل لهذه المجموعات الإرهابية وتغذيها عن طريق الاستجابة لمطالب الفدية لتحرير رعاياها المحتجزين كرهائن لدى هذه المجموعات الإرهابية. فبعد أن كشفت السفيرة الأمريكية السابقة في مالي أن دولا أوروبية وفي مقدمتها فرنسا دفعت فدية للإرهابيين من أجل تحرير رعاياها، ورغم نفي فرنسا ذلك، فإن المنسق الأمريكي لمكافحة الإرهاب أكد أن التنظيمات الإرهابية نجحت في كثير من الأحيان في الحصول على الفدية من حكومات أوروبية. وهو ما شجع هذه التنظيمات على التركيز على الرعايا الأوروبيين لاستغلالهم رهائن والمطالبة بالفدية. وحتى لا تبقي أي مجال للشك، كشفت مصادر من كتابة الدولة الأمريكية بأن التنظيمات الإرهابية حصلت طيلة الثماني سنوات الماضية على 120 مليون دولار كفدية. وذلك رغم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد أصدرت في ديسمبر الماضي قرارا يدعو الدول الأعضاء إلى عدم تمويل أو دعم النشاطات الإرهابية، بفضل المساعي والمجهودات الجزائرية لتجريم دفع الفدية للإرهابيين مهما كانت المبررات. انطلاقا من أن هذا التمويل سينعكس سلبا على الأمن والاستقرار الدوليين. وقد جددت الجزائر إدانتها لدفع الفدية وأكدت من خلال تصريح للناطق الرسمي باسم الخارجية أنها ستواصل الجهود لتجريم هذه الممارسات التي تشكل مصدرا رئيسيا لتمويل الإرهاب والجريمة المنظمة. ذلك أن اجتثاث الإرهاب من الجذور لن يكون إلا بتجفيف منابعه وعلى رأسها التمويل لأن التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب، والتي تحولت إلى تجربة يستفيد منها العالم في حربه على الإرهاب، أثبتت بأن قطع كل تمويل عن الجماعات الإرهابية في الجزائر شل من نشاطاتها وقوض مواقعها. وعليه فإن عدم التزام بعض الحكومات الأوروبية بعدم دفع الفدية سينعكس عليها سلبا لأنها تمكن المجموعات الإرهابية من استخدام هذا المال في الحصول على السلاح والقيام بعمليات احتجاز رهائن جدد للمساومة بهم وابتزاز حكوماتهم، وهكذا دواليك فتتواصل حلقة تغذية منابع الإرهاب والمساهمة في إدامته وتتحمل حكومات أوروبية مسؤولياتها أمام المجتمع الدولي.