أكدت الجزائر الحاجة إلى قرارات أممية أكثر فعالية في مكافحة الإرهاب وإجراءات إضافية كفيلة بشل نشاط التنظيمات الإرهابية، خاصة ما تعلق منها بتمويل هذه التنظيمات، وجددت دعوتها الأممالمتحدة إلى اتخاذ إجراءات فعالة في إطار مكافحة الإرهاب تساهم في تجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية، حسبما صرح به وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، أمس في حوار للقناة الإذاعية الأولى. وجدد الوزير دعوة الجزائر الهيئة الأممية إلى توسيع الإطار القانوني للقرار1 /9/04 الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول تجريم الفدية حتى يكون إلزاميا بالنسبة للدول التي تخل بالتزاماتها تجاه مكافحة الإرهاب ويكبح عمليات تمويل التنظيمات الإرهابية التي تتأتى غالبا من الفدى المقدمة نظير الإفراج عن الرهائن، وهو الأسلوب المتبع منذ 2003 وسمح بحصول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بشكل خاص على عشرات الملايين من الأورو، ساهمت في الحفاظ على استمراريته، خاصة فيما يتعلق باقتناء الأسلحة. وتخوض الجزائر منذ أربع سنوات “معركة إقناع” المجتمع الدولي بضرورة تجريم دفع الفدية، باعتبارها أولى مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، حيث تسعى لحشد دعم وإجماع من الدول العربية والغربية حول مبادرتها المقترحة على هيئة الأممالمتحدة، وتشكل الجزائر واحدة من دول الساحل المتضررة بشكل كبير مما يترتب عن دفع دول أروبية منها إسبانيا لأموال طائلة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي امتهن اختطاف الأجانب في الصحراء ومساومة حكوماتهم في عمليات رضوخ تدفع ثمنها دول الساحل في المقام الأول، وتعتبر الجزائر أن تجفيف منابع تمويل الإرهاب، خاصة من خلال تجريم دفع الفدية أفضل الأساليب لضمان القضاء على الإرهابيين والحد من نشاطهم وتحركاتهم. وتواجه الجزائر حاليا عراقيل من بعض الدول الأوربية، منها إسبانياوفرنسا، اللتان فضلتا الرضوخ لمساومات التنظيم الإرهابي والتفاوض معه والدفع له مقابل تحرير رعاياها والحفاظ على حياتهم، حيث لم تخف باريس قبولها التفاوض مع التنظيم الذي اختطف خمسة من رعاياها قبل قرابة الأسبوعين. وقد أبدى وزير الدفاع الفرنسي، هرفي موران، تفاؤلا بشأن وجود الرهائن الفرنسيين المختطفين من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على قيد الحياة، في وقت تتطلع فيه باريس لأن “يختار” التنظيم وسيطا يسهل عليها فتح باب التفاوض مع الإرهابيين وأن يكشف المختطفون مطالبهم التي سيترتب عنها تنازلا بأي شكل من الأشكال حتى وإن كان في الخفاء. وقال وزير الدفاع أمس، في تصريحاته لإذاعة “أوروبا 1”، إن “ لديه كل الأسباب التي تحمله على الاعتقاد أن الفرنسيين الذين يعتقلهم في منطقة الساحل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هم على قيد الحياة”، ولم تتحصل باريس على دليل من التنظيم الإرهابي حول بقاء رعاياها على قيد الحياة، غير أنها تتمسك بالبيان الأخير للتنظيم، والذي جاء فيه أن الإعلان عن المطالب سيكون في بيانات لاحقة. ويستبعد أن يلجأ التنظيم الإرهابي، الذي وجد في الرهائن سبيلا لارضاخ باريس ومصدرا آخر لتحصيل الأموال، إلى تصفية المختطفين قبل الدخول في مفاوضات مع الفرنسيين، أو دون أن تغامر فرنسا من جديد بعملية عسكرية. وقد عملت باريس على إرسال رسالة “تفطمين” من خلال تصريحات مسؤوليها المتتالية والمتعلقة باستبعاد الخيار العسكري في الظرف الراهن، بما أنها تسعى حاليا إلى تحديد مكان المختطفين وجمع المعلومات الاستخباراتية التي تمكنها من التعامل مع الوضع بأكثر حكمة، وتفادي الأخطاء المرتكبة في قضية، ميشال جيرمانو، الذي لم يعثر على جثته بعد، ومازال يجهل إن كان قد توفي بسبب نقص الأدوية أم أن التنظيم الإرهابي قد أعدمه. وقال موران، في تصريحاته أمس، إن فرنسا تنتظر إعلان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عن مطالبه، وهي الخطوة الأولى في طريق التفاوض، الذي لم تعد باريس تخفيه على أحد أو تنكره فقط تفضل اعتماد السرية من أجل الوصول إلى الهدف.