ووري جثمان الفقيد عبد الرزاق بوحارة، عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني وعضو مجلس الأمة، بعد ظهر أمس، الثرى بمقبرة العاليةبالجزائر العاصمة، في جو جنائزي مهيب حضره رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد العربي ولد خليفة، ورئيس المجلس الدستوري السيد الطيب بلعيز والوزير الأول السيد عبد المالك سلال. كما حضر المراسم عدد من الوزراء وضباط سامون في الجيش الوطني الشعبي وكبار المسؤولين في الدولة وبعض ممثلي الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني إلى جانب مجاهدين وعائلة الفقيد وكذا جموع من المواطنين الذين لم تمنعهم الأمطار الغزيرة التي تهاطلت على العاصمة أمس من مرافقة المرحوم إلى مثواه الأخير. وخلال إلقائه للكلمة التأبينية أبرز رفيق الفقيد المجاهد والوزير السابق عبد الغني العقبي المناقب والخصال الحميدة التي كان يتحلى بها المرحوم عبد الرزاق بوحارة، الذي عرف بنضاله البطولي أثناء الثورة التحريرية وجهوده داخل الجيش الوطني الشعبي بعد الاستقلال. كما نوه السيد العقبي بالعمل الذي قام به الفقيد بوحارة خلال مرحلة البناء والتشييد، مذكرا بتقلده العديد من المناصب السامية التي تولاها خدمة للوطن والشعب، وفي هذا الصدد خاطب السيد عقبي في كلمته روح الفقيد بوحارة قائلا ”نودع فيك مناضلا ومجاهدا ومسؤولا وطنيا يترك بيننا فراغا لا يعوضه إلا الاحتساب إلى المولى تبارك وتعالى”، مضيفا أن ”مشاعر الحزن يمتد صداها إلى إخوانك المجاهدين وأصدقائك وكل الذين عرفوك وتمثلوا فيك خصال المجاهد وحماس الوطني الغيور على الجزائر واقتدار المسؤول المخلص الوفي لرسالة النوفمبريين، ومكارم الإنسان الحريص في كل الأوقات والمواقع على تعزيز رصيده الثري”. وذكر المؤبن بأن الراحل بوحارة كان قد نشأ متشبعا بالروح الوطنية الصادقة منذ الاربعينيات، الأمر الذي مكنه من الحصول على شهادة البكالوريا في سن مبكرة والالتحاق بجيش التحرير الوطني سنة 1956 وتدرجه بعد ذلك في المسؤوليات إلى أن أوكلت له قيادة الفيلق 39 على الحدود الشرقية بغار الدماء بتونس. وعدد المتحدث المسيرة الميدانية للفقيد داخل الجيش الوطني الشعبي بعد الاستقلال ومشاركته في حرب 1967 دعما للجيش المصري ضد القوات الإسرائيلية. كما تطرق إلى الجهود التي بذلها المرحوم داخل الدبلوماسية الجزائرية كسفير في عدة بلدان، مؤكدا في هذا السياق أن المرحوم عمل مع ”أبناء الوطن من أجل الدفع بالجزائر إلى الأمام وإخراجها من عبء الإرث الاستعماري الثقيل”. وأشار إلى ان الفقيد عبد الرزاق بوحارة واصل العمل والعطاء من أجل الجزائر إلى آخر لحظة من حياته خدمة للجزائر. وكان الفقيد الذي وافته المنية أول أمس عن عمر يناهز 79 سنة قد شارك في حرب التحرير الوطني ضمن جيش التحرير الوطني، وكان ضمن الفيلق الذي شارك في الحرب العربية ضد اسرائيل، كما تقلد بعد الاستقلال عدة مناصب عسكرية ليشغل بداية السبعينات منصب سفير الجزائر بهانوي بفيتنام ثم واليا للجزائر الكبرى سنة 1975. وفي 1977 وضع الراحل حدا لمسيرته العسكرية ليعين وزيرا للصحة بين 1979 و1982، كما تولى مناصب قيادية في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني التي كان عضوا في لجنتيها التنفيذية والمركزية سنة 1989. وفي جانفي 2004 عين المرحوم بوحارة عضوا بمجلس الأمة ضمن الثلث الرئاسي قبل أن يشغل منصب نائب رئيس هذه الهيئة. وتم مؤخرا تداول اسم الراحل عبد الرزاق بوحارة كأوفر المرشحين حظا لتولي منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني خلفا لعبد العزيز بلخادم، وذلك من منطلق كونه رجل الإجماع. وعقب إعلان وفاته أول أمس بمستشفى ”محمد الصغير نقاش” بعين النعجة، وجه العديد من المسؤولين في الدولة برقيات تعاز لعائلة الفقيد بوحارة، عبروا من خلالها عن مواساتهم لها في المصاب الجلل، وأبرزوا المناقب الحميدة التي عرفت عن الراحل. وفضلا عن رئيسي غرفتي البرلمان السيدين عبد القادر بن صالح ومحمد العربي ولد خليفة، فقد سجلت بعض الأحزاب السياسية بأن المناضل عبد الرزاق بوحارة كان حريصا على استكمال بناء الدولة الوطنية. وأشارت حركة مجتمع السلم في هذا الإطار إلى أن الفقيد كان ”وطنيا مخلصا ومجاهدا صادقا ومناضلا هادئا حريصا على استكمال بناء الدولة الوطنية”، معتبرة في برقية تعزية أن الساحة الوطنية ”وفي لحظات تدافع سياسي وحاجة إلى أهل التجربة والوقار، فقدت بموته قمة من قمم الجهاد التحرري والنضال السياسي المتين”. أما الحركة الشعبية الجزائرية فاعتبرت في برقية تعزية وفاة المرحوم بوحارة ”خسارة مناضل كبيرا للقضية الوطنية”، مشيرة إلى إسهاماته لسنين طويلة في خدمة بلاده وتأديته لمهامه على أحسن وجه. وبعد أن قدمت تعازيها وتضامنها مع عائلة الفقيد ولجبهة التحرير الوطني وكل المناضلين إبان الثورة التحريرية ذكرت الحركة بأن المرحوم كان ”قليل الظهور ويفضل العمل في الخفاء”.