أكد رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، أمس، في ملتقى ”التكوين والتدريب في جيش التحرير الوطني” بالعاصمة، أن الجزائر ستبقى بخير مهما كانت الظروف والأحوال، ما دامت حافظة لعهد الشهداء وسائرة على دربهم ومحققة لأمانيهم، مشيراً إلى أن التمتين المتواصل لعرى العلاقة بين الجيش الوطني الشعبي وأسلافه في جيش التحرير الوطني هو سلوك مهني وتربوي وتكويني واجب الأداء، مضيفا أن المساهمة في إبراز معالم تاريخنا الوطني وإماطة اللثام عن كافة محطاته المضيئة بما في ذلك محطة التكوين والتعليم هو جهد سيبقى مسجلا بحروف من نور في سجل السيرة الذاتية لأصحابه، وأن ذلك يعد مرحلة مشرقة من تاريخنا العسكري الوطني. وأكد الفريق أحمد قايد صالح في كلمته عند إشرافه على انطلاق الملتقى الذي تنظمه مديرية الإيصال والتوجيه والإعلام للجيش بحضور كل من الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني عبد المالك قنايزية، وزير المجاهدين، مدير المركز الوطني للأرشيف وشخصيات تاريخية ومتقاعدي جيش التحرير الوطني وإطارات سامية في مختلف هياكل وزارة الدفاع الوطني وقيادة الأركان على أن الثورة الجزائرية لم تكن حربا لتحرير الأرض من المستعمر الغاشم فحسب، وإنما كانت -بفضل أهدافها السامية وأبعادها الوطنية والإنسانية- تحمل بين طياتها مشروع مجتمع متكامل عنوانه ”الثورة على كل المخلفات السلبية والخطيرة التي حاول الاستعمار الفرنسي إحداثها على المجتمع الجزائري دينيا وثقافيا ولغويا واقتصاديا واجتماعيا وحتى نفسيا ومعنويا”، معتبرا التكوين ومرافقة المسار بما يحتاجه من عناصر بشرية مؤمنة بالقيم الوطنية حجرَ الزاوية لأي عمل ثوري ناجح، وأنها كانت الرؤية السليمة والبعيدة النظر التي سكنت عقول وأذهان الرعيل الأول لمجاهدي الثورة التحريرية وتم تجسيدها ميدانيا من خلال إنشاء وحدات قتالية مكونة من مجاهدين يؤمنون بعدالة قضيتهم وحتمية انتصارها تم تدريبهم بما توفر في ذلك الوقت من قدرات بشرية ومادية وتسليحية، والبداية كانت بإنشاء فيلقين من المجاهدين البواسل بين 1956 و1957 والتمكن من تكبيد العدو الفرنسي خسائر معتبرة بفضل الروح الجهادية العالية والكمائن الناجحة لكن بعد ذلك تم حل الفيلقين وتقسيمهما إلى فصائل وتوزيعها على مناطق ونواحي الولاية الثانية. وأضاف مسؤول أركان الجيش الوطني الشعبي أن محور انشغال الثورة التحريرية كان حينذاك هو رسم مسارها ووضع أهدافها وفقا للمرجعية الوطنية بمقوماتها الأصيلة ومواصفاتها الإنسانية، وكانت تلك هي المرجعية الثورية التي أريد لها أن تتوافق تمام التوافق مع عادات وتقاليد الشعب الجزائري وموروثه الثقافي والحضاري التي اهتدت بها منظومة التكوين لجيش التحرير الوطني، وأنه بفضل ذلك تسلّم الجيش الوطني الشعبي هذا الرصيد التاريخي الغني والزاخر، وعاهد نفسه على أن يحفظه ويرسخ مقوماته الأساسية في العقول والأذهان ويتم توريثه للأفراد العسكريين جيلا بعد جيل.وأكد الفريق قايد صالح أن الجيش الوطني الشعبي يواصل اليوم الوفاء بالعهد في كافة المجالات بما في ذلك المجال التكويني وأنه بقدر ما ترنو منظومة التكوين للاستفادة من العلوم والمعارف والتكنولوجيا الحديثة بقدر ما تمنح أيضا أهمية قصوى للبعد الوطني وللجوانب التاريخية والتحسيسية ذات الصلة بقيم ثورتنا التحريرية ومبادئها القويمة. كما أشار المسؤول إلى إحدى أهم نقاط التكامل مع هذا المسار التعليمي والتكويني وهي مبادرة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني بفتح مدارس أشبال الأمة بطوريها المتوسط والثانوي منذ 2009 التي تعتبر امتدادا طبيعيا لمدارس أشبال الثورة التي تم تأسيس نواتها الأولى سنة 1961 على الحدود الشرقية والغربية. وأكد في الأخير أن الجزائر ستبقى بخير مهما كانت الظروف والأحوال مادامت حافظة لعهد الشهداء وسائرة على دربهم ومحققة لأمانيهم، وأنه وفق هذه الرؤية المتبصرة ولهذا النهج العملي السليم سيواصل الجيش الوطني الشعبي في ظل توجيهات رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني السيد عبد العزيز بوتفليقة الاقتداء بمآثر جيش التحرير الوطني وبقيمه الخالدة ويستمر في شق طريقه نحو اعتناق صهوة الامتياز المهني، مستطردا بالقول أن هذا الامتياز المهني ”يكفل للجيش الوطني الشعبي المقارعة الناجحة لكافة التحديات ويسمح للجزائر بالعيش آمنة ومستقرة ومحفوظة السيادة ومهابة الجانب متبوئة بكل جدارة واستحقاق المكانة الراقية التي تليق بها في ظل الأمن والاستقرار. للإشارة، فإن مديرية الإيصال والإعلام والتوجيه للجيش الوطني الشعبي تنظم مثل هذا الملتقى التاريخي للمرة الرابعة على التوالي، كما تم بث شريط وثائقي وتنظيم معرض صور حول تطور التكوين خلال الحرب التحريرية وعرف الملتقى عدة تدخلات وشهادات حية ممن عايشوا المرحلة إلى جانب أساتذة جامعيين ومختصين في مجال البحث التاريخي. المحاضرون من متقاعدي جيش التحرير الوطني: المجاهد مصطفى حشماوي، محمود الباي خالدي الحسناوي، العقيد المتقاعد رابح مداوي ومدني بجاوي. وستتواصل لليوم الثاني والأخير أشغال الملتقى الذي كان بحق محطة تاريخية أضاءت عدة جوانب في مسيرة الثورة التحريرية المظفرة.