دعا المشاركون خلال ملتقى السلامة المهنية المنعقد مؤخرا بالجزائر، إلى ضرورة تغيير الذهنيات فيما يخص توظيف أعوان الأمن والوقاية بالمؤسسات، وأكدوا على أهمية إعادة هيكلة مؤسسات الأمن الداخلي، حيث يظهر الواقع تأخر الجزائر كثيرا في السياق مع أهمية التكوين المتواصل للأعوان حول وسائل الحماية الأمنية وتطورات التكنولوجيا. أشار الدكتور محمد دكاكان الخبير في السلامة المهنية خلال الملتقى. إلى انعدام معهد مرحعي خاص بتكوين أعوان الأمن والوقاية بالمؤسسات في الجزائر، إنما تتكفل كل مؤسسة بتدريب أعوانها، كما تغيب أيضا دراسات متخصصة لتركيب صحيح لكاميرات المراقبة ووضع أبراج المراقبة في الأماكن المخصصة لها، فالواقع يشير إلى أن السلامة المهنية بالمؤسسات لا تحظى بالأهمية اللازمة، ”أما سبب عدم الالتزام بقواعد السلامة فيكمن حسب اعتقادنا في عدم الاكتراث واعتبار السلامة أمرا غير مهم، إضافة إلى اختصار التكاليف الخاصة بالسلامة واعتبارها مصاريف إضافية لدى اغلب أصحاب العمل، وهذا يدل على الجهل بأهمية وجوب تدريب وتأهيل العاملين لديهم والالتزام بقواعد الصحة والسلامة المهنية إلا بعد فوات الأوان، أي بعد تعرض صاحب العمل لخسائر مادية فادحة، بل وفي بعض الأحيان خسارة المشروع والمؤسسة بكاملها”، يقول الخبير. من جهة أخرى، يظهر الالتزام بالقواعد الصحيحة والسليمة للسلامة المهنية في المؤسسات، أحد أسباب زيادة الإنتاج، لأن سلامة العامل سبب في نجاح العمل وهذا ينعكس على نفسيته ويرفع الإنتاج ويدفع بعجلة العمل والجودة إلى الأمام، ولكن تظهر هنا كذلك أهمية إسناد السلامة المهنية للمختص الذي يكون قد استفاد من برنامج تأهيلي ”ونحن نرى حاليا ان مهمة الأمن والوقاية في المؤسسات لا تسند للجهة المختصة حقيقة، لذلك نطالب بتحديد الأولويات وتغيير نظرة الازدراء نحو عون الأمن والوقاية، الذي نعتبره من موقعنا هذا أهم حلقة في أية مؤسسة، يقول الدكتور دكاكان. ويضيف، لان الواقع في مجتمعنا يقول أن وظيفة الحارس تسند لأيٍ كان، بل أحيانا يتم معاقبة احد الموظفين في مصلحة معينة بتحويله لمصلحة الأمن في الوقت الذي لا علاقة له من بعيد أو من قريب بالوقاية والسلامة المهنية وهذا خطأ جسيم”. وفي سياق متصل يؤكد السيد بن يحيى بلقاسم مساعد امن في المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية لولاية تلمسان، تحدث ل”المساء” على هامش الملتقى، ان تجاوزات كثيرة تسجل في واقع السلامة المهنية ”إننا بعيدون جدا عن السلامة المهنية بالمعايير العالمية الواجب توفرها، لأننا لحد الساعة مازلنا نقوم بالحراسة التقليدية كما تعلمانها منذ سنين طويلة، والسبب حسب اعتقادي يعود إلى عدم الاكتراث الجدي بهذا الملف، فالسلامة المهنية الآن أصبحت متطورة جدا وتستعمل فيها الوسائل التكنولوجية الحديثة، مع الاهتمام بالتفريق بين السلامة المهنية بين القطاعات، لأنها تختلف بين القطاع الاقتصادي والقطاع الصحي والقطاع التربوي وحتى من ولاية إلى أخرى. والملاحظ كذلك ان كل مؤسسة تهتم بتأمين نفسها لوحدها دون الرجوع إلى جهة متخصصة ومختصة في السلامة المهنية التي لا بد ان تقوم على أساس برنامج السلامة المهنية، الذي هو خطة محددة تصمم لمنع وقوع الحوادث والإصابات في المنشآت، ولاختلاف المنشآت أوالمؤسسات فإن استحداث برنامج للسلامة في إحداها لا يكون بالضرورة مناسبا لاحتياجات الأخرى”، كما ذكّر الدكتور دكاكان”... «هناك اعتقاد سلبي قائم عندنا هو اللجوء إلى معاقبة بعض الموظفين بتخفيض رتبهم وجعلهم أعوانا للأمن ولا علاقة لهم كلية بملف الأمن، وفي حال وجود تجاوزات وحوادث من يعاقب هنا عون الأمن؟ لا اعتقد وإنما المسؤول الذي وضعه في تلك الرتبة، كما ان الواقع يؤكد كذلك بعض صور التواطؤ بين أعوان الأمن والوقاية الداخلية في أية حادثة كانت للتغطية على بعضهم البعض، ومثل هذه التجاوزات خطيرة جدا قد تدفع بسببها المؤسسة الملايين خسائر وتعويضات من بعدها كذلك، لذلك فنحن ندعو هنا إلى إيلاء الأهمية القصوى لملف السلامة الأمنية وان تسند لأهلها الحقيقيين ويكفي من المحسوبية والمحاباة ”، يختم السيد بن يحيى بلقاسم حديثه إلينا. في الوقت الذي يشير السيد قندل بلقاسم إطار مكلف بالأمن الداخلي بالمؤسسة الوطنية للعتاد الفلاحي بالرويبة، إلى أهمية التفريق بين الحماية الأمنية والمراقبة داخل المؤسسات، لأن ”عدم الفهم الصحيح لهذا المصطلح أو ذاك يعني الخلط بين المصالح وبالتالي عدم القيام بالمهام على أكمل وجه، لأن عمل عون الأمن يختلف جذريا عن عمل المراقب، فمثلا اندلاع حريق بمنشأة يهتم به عون الأمن وليس المراقب، ولكن الواقع يقول عكس ذلك، لان فيه خلط كبير بين مهام المشرف والمفتش وعون في تخصص الوقاية والأمن الصناعي”.