دعا أساتذة ومختصون في علوم الإعلام والاتصال إلى ضرورة إحياء المسيرة التاريخية الخالدة لشهداء ثورة التحرير المجيدة من أجل الحفاظ على الذاكرة الثورية الحيّة وجعلها في متناول الشباب والمهتمين بدراسة التاريخ وتدوينه. وشدّد أساتذة وجامعيون من جامعة الجزائر، أمس، خلال فعاليات منتدى القناة الإذاعية الثالثة الخاص بالسداسي الأول من سنة 2013 في إطار البرامج المخصصة لخمسينية الاستقلال حول موضوع "تقاطعات الذاكرة"، على ضرورة إيلاء العناية القصوى لكتابة التاريخ ونقل الشهادات التاريخية الحية حول ثورة الفاتح نوفمبر 1954 وفتح المجال واسعا لإشراك كافة الهيئات والجمعيات الناشطة في هذا المجال لحماية الذاكرة الثورية للأمة. وأكد مدير القناة الإذاعية الثالثة في افتتاح هذا اللقاء بالمركز الثقافي عيسى مسعودي بمقر الإذاعة الوطنية أهمية التأريخ للأحداث والبطولات التي صنعها شهداء ومجاهدو ملحمة الجزائر في نضالهم ضد الاستعمار الفرنسي منذ 1830 إلى 1962 في سبيل تحرير الوطن من ويلات وبطش الاستدمار الفرنسي البغيض، مبرزا أهمية النهوض بالأرشيف الخاص بهذه الحقبة التاريخية الهامة من كفاح الشعب الجزائري وتعريف الجمهور الواسع بما صنعه أجيال الثورة. وأوضح أن الهدف من تنظيم اللقاء هو السعي لوضع شهود الثورة التحريرية المباركة في حوار مع الشباب من أجل ضمان النقل العملي للذاكرة الحية للثورة ومحاولة التعريف برجالاتها وأمجادها، داعيا -بالمناسبة- إلى تكثيف مثل هذه اللقاءات التحسيسية بقيمة ومكانة الشهيد في صنع الثورة المسلحة وتضحياته بالنفس والنفيس من أجل استقلال الجزائر. وقال -في هذا الإطار- إن "هذا اللقاء من شأنه أن يؤسس لأرضية عمل مشتركة بين الجهات المعنية والشباب الغيور على وطنه من أجل العمل على غرس ثقافة إحياء بطولات الشهداء والعرفان لما قدموه في سبيل الحرية والتحرّر، لكون هذه الالتفاتة الهامة أحد الحواجز المنيعة في وجه الحملات الغربية الساعية لتشويه صورة الشهداء والتشكيك في ثورة الشعب الجزائري..". ومن جهته، دعا أساتذة مختصون في علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر في تدخلاتهم بهذه المناسبة إلى وجوب تنسيق الجهود بين مختلف الجمعيات والمنظمات التاريخية ووزارة المجاهدين لتدوين ونقل شهادات من عايشوا أحداث الثورة، معتبرا الحرص على هذا المشروع كفيلا بصون إرث الشهداء وأرشفته للأجيال القادمة. كما جدّدوا تذكيرهم بأن إحياء هذه المناسبة التاريخية (اليوم الوطني للشهيد) تعكس بكل وضوح المساعي المتمسكة بتجريم الاستعمار واستنكار كافة الجرائم المرتكبة ضد الجزائريين منذ الاحتلال في 1830 إلى 1962، وأجمعوا على أهمية عقد المزيد من اللقاءات والندوات التاريخية الهادفة للتعريف بتاريخ الثورة والبطولات الخالدة التي صنعها الشهداء والمجاهدون. وعرف اللقاء تدخل بعض الطلبة الذين دعوا إلى إشراك الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في كتابة وتدوين التاريخ باعتبارها أحد المؤسسات المعرفية والعلمية القادرة على القيام بهذه المهمة بالتنسيق مع الهيئات المسؤولة، كما كان الحدث فرصة لطرح عدة مشاكل ومعوقات تواجهها الكتابات التاريخية في الجزائر، لاسيما نقص المراجع وغياب المصادر الموثوقة باعتبار أن غالبية ما كتب عن الثورة يعود لكتاب ومؤرخين أجانب (فرنسيين على وجه التحديد)، مما يطرح عدة تساؤلات حول مصداقية الشهادات التي يروونها. للإشارة، يندرج هذا اللقاء ضمن سلسلة اللقاءات التاريخية التي دأبت الإذاعة الوطنية على تنظيمها بمناسبة إحياء الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية.