أكدت الجزائر وليبيا أمس على استعدادهما لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين وتذليل المعوقات التي حالت دون الرفع من مستوى المبادلات التجارية، وبعث العديد من المشاريع الاستثمارية، واتفقتا من جهة أخرى على رفع كل القيود التي تعيق تنقل الأشخاص. وتم الاتفاق خلال الاجتماع المشترك الجزائري الليبي الذي عقد أمس بقصر الحكومة بالجزائر وترأسه عن الجانب الجزائري رئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم وعن الجانب الليبي أمين اللجنة الشعبية العامة للجماهيرية الليبية السيد البغدادي علي المحمودي، على العمل على تذليل الصعوبات التي تعترض تنفيذ المشاريع والقرارات المتعلقة بالجانب الإنساني والاقتصادي، إضافة إلى تنسيق الرؤيا بخصوص القضايا الإقليمية والإفريقية والدولية منها ما يخص بناء الصرح المغاربي والمشروع الفرنسي الجديد المتعلق بالاتحاد من أجل المتوسط. وتوج الاجتماع بالتوقيع على محضر تضمن كذلك الاتفاق على "العمل سويا في إعداد برامج تنموية في قطاعات حيوية كالأمن الغذائي ومكافحة التصحر والمياه والطاقات المتجددة والتنمية المستدامة، وتمت دعوة اللجان الوزارية المختصة في مجالي الاقتصاد والموارد البشرية إلى الاجتماع شهر جويلية القادم للتحضير الجيد لأشغال الدورة ال13 للجنة التنفيذية المشتركة المقرر عقدها قبل نهاية العام الجاري. وفي كلمة ألقاها في افتتاح أشغال الاجتماع أكد رئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم على "الإرادة المشتركة" للبلدين في تحقيق الأهداف المرجوة من هذا اللقاء "خدمة للمصالح المشتركة وتلبية لطموحات الشعبين"، موضحا أن الجانبين مدعوان مجددا لإجراء تقييم شامل لعلاقات التعاون للوقوف على الصعوبات التي تعترض تنفيذ بعض المشاريع والقرارات خاصة المتعلقة بالجانب الإنساني والاقتصادي ومن ثمة العمل على تذليلها. واستعرض رئيس الحكومة الخطوات التي قطعها البلدان في سبيل تعزيز التعاون الثنائي في جميع المجالات وأشار إلى أنهما عملا "بجد على توفير إطار قانوني ثري وإصدار العديد من التوصيات في إطار اللجنة المشتركة العليا" . ولكن رغم هذه الخطوات إلا أن حجم المبادلات التجارية بقي ضعيفا والمشاريع الاستثمارية "البعض منها لا يزال قيد الدراسة رغم مرور عدة سنوات عن الإعلان عنها" . وبالنسبة للسيد بلخادم فإن التعاون الاقتصادي المستقبلي بين البلدين يتطلب أسلوب عمل جديد يمكن من مواكبة التحولات والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية خاصة في مجالات تحديث العدالة والمنظومة التربوية والإدارة. ووجه في هذا السياق دعوة إلى خبراء البلدين لإعداد مشروع برنامج للفترة المقبلة يترجم طموحات واهتمام البلدين بتحقيق شراكة فعلية في القطاعات التي يمتلك فيها البلدان "قدرات وخبرات مؤكدة" مثل قطاع المحروقات والبنية التحتية والموارد المائية. وفي إطار تنسيق الرؤى بين البلدين بخصوص القضايا الإقليمية والدولية، أكد السيد بلخادم أن الاجتماع يمثل فرصة ثمينة من أجل "إجراء مشاورات سياسية حول القضايا التي تهم البلدين في المحيط المغاربي والعربي والإفريقي" . وذكر من بين القضايا الراهنة التي تستدعي التشاور بين حكومة البلدين مشروع الاتحاد من اجل المتوسط الذي يعرضه الرئيس الفرنسي السيد نيكولا ساركوزي، وقال أن "المشاورات والاتصالات الجارية حول قيام الاتحاد من أجل المتوسط تحتم علينا المزيد من تبادل الرؤى وبذل المجهودات حتى نضمن المحافظة على مصالحنا" . وعلى الصعيد المغاربي، شدد السيد بلخادم على ضرورة مضاعفة الجهود وترك القضايا الخلافية جانبا لتحقيق حلم الشعوب المغاربية وأشار إلى أن الجميع "مطالبون بمضاعفة الجهد في عملية بناء المشروع المغاربي ووضعه بمنأى عن المسائل الظرفية والخلافات الجانبية باعتباره إطارا شاملا واستراتيجيا للعمل المغاربي المشترك" . ومن جهته اعترف أمين اللجنة الشعبية العامة للجماهيرية الليبية السيد البغدادي علي المحمودي بضعف التعاون الثنائي رغم الإمكانيات المتوفرة وقال أن مراجعة مسيرة التعاون بين البلدين بينت أن هذه المسيرة "لا زالت دون الطموحات المرجوة رغم ما بذل من جهد" وأكد على ضرورة "تشخيص الصعوبات وإيجاد الحلول اللازمة لتحقيق الشراكة المرجوة" . واقترح المسؤول الليبي في هذا الشأن العمل على خلق مجموعة من المؤسسات لتشجيع الاستثمار المشترك وإنشاء صناديق مشتركة للاستثمار. وأوصى أيضا تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التعليم والثقافة والإعلام والاستفادة من خبرات البلدين، مبديا "استعداد بلاده لتبادل وجهات النظر بغية وضع التعاون الثنائي على أسس متينة" . وكان السيد البغدادي علي المحمودي وصل أمس السبت إلى الجزائر في زيارة عمل تدوم يوما واحدا، وقاد وفدا يتكون من عدة وزراء. وحضر أشغال الاجتماع المشترك الجزائري الليبي المنعقد أمس بقصر الحكومة عن الجانب الجزائري وزراء الداخلية والمالية والطاقة والمناجم والموارد المائية والتعليم العالي والبحث العلمي، إضافة إلى الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية. ووجه المسؤول الليبي في ختام أشغال الاجتماع المشترك دعوة للسيد عبد العزيز بلخادم للقيام بزيارة مماثلة إلى الجماهيرية الليبية سيحدد تاريخها مستقبلا.