تعدّ مكتبة قصر الثقافة ”مفدي زكريا” من بين المكتبات العمومية المحورية في البلد، ومنذ نشأتها سنة 1986، تقوم بأداء مهامها للكبار وحتى للأطفال من خلال مكتبتها الصغيرة الخاصة بهذه الشريحة الغضة من المجتمع، إلا أن موقعها المنعزل لا يجعلها تستقطب جمهورا غفيرا من محبي المطالعة، بالإضافة إلى أن كتبها النادرة والقيمة لم يعد بإمكان الطالب أن يستعيرها، وبعضها لا يمكن له حتى أن يطالعها في عين المكان. تُعرف مكتبة قصر الثقافة بتخصصها في العلوم الإنسانية والاجتماعية منذ سنة 1996، رغم امتلاكها لرصيد قليل من الكتب المتخصصة في العلوم الدقيقة، كما أن كتبها القديمة والنادرة التي تخص تاريخ الجزائر، منطقة الشرق الأوسط ودول أخرى، والمكتوبة باللغة الفرنسية، لا يمكن استعارتها، وبعضها لا يمكن حتى الاطلاع عليها بسبب تعرض العديد منها إلى التلف، وهذا في انتظار رقمنتها، وهو المشروع الذي لم يجد تجسيدا لحد الآن. وتجذب هذه الكتب القيمة والنادرة التي تنتمي إلى الرصيد الفرنسي القديم، العديد من القراء الذين يأتون من ولايات بعيدة، وحتى من فرنسا للاطلاع عليها، إلا أنهم يشعرون بخيبة كبيرة، حينما لا يتحقق غرضهم بفعل أشخاص آخرين لم يتوانوا في اغتصاب هذه الكتب، من خلال تمزيق صفحاتها، وحتى سرقتها، ليتم منعها على الجميع. ووجدت بعض الكتب النادرة حياة أخرى، من خلال إعادة نشرها، ويمكن أن يجدها القارئ في لائحة الرصيد الجديد، إلا أن بعضها الآخر لم يكن له هذا الحظ، خاصة التي تتكون من لوحات كبيرة، ولهذا رقمنتها مطلب ملح، وتخصيص ميزانية لتحقيقه في الواقع ضرورة لا مناص منها. أما عن موقع مكتبة قصر الثقافة المنعزل (العناصر)، فقد وجد حلا من خلال عربات المصعد الهوائي، إلا أن هذه الأخيرة تتوقف عن السير في حال هبوب رياح قوية، كما أنها مكلفة بالنسبة للطلاب، ومع ذلك فللمكتبة روادها المألفون الذين لا يتوانون في قصدها، ومعظمهم من الطلبة الجامعيين، أما الطلبة الذين سيجتازون امتحان شهادة البكالوريا، فيمكن لهم مراجعة كتب المكتبة ابتداء من شهر مارس الجاري. وأصبح ممكنا للقارئ أن يبحث عن الكتب التي يحتاجها ويستعيرها عبر الإعلام الآلي، في انتظار أن توضع لائحة الكتب الموجودة على مستوى المكتبة في موقع قصر الثقافة، وهكذا سيتمكن الطالب من معرفة توفّر الكتب التي يحتاجها من عدمها عبر الموقع، دون أن يتنقل إلى عين المكان. ولم يبق إلا ثلاثة آلاف كتاب من الرصيد العربي التي لم توضع في الإعلام الآلي من ضمن 1190، كما أن جميع الكتب موجودة في الفهرس التقليدي، بالمقابل، لكل طالب الحق في إعارة أربعة كتب؛ اثنين على مستوى قاعة المطالعة، واثتنين لإعارة خارجية لمدة خمس عشرة يوما قابلة للتجديد أسبوعا إضافيا. أما عن اقتناء الكتب بالمكتبة، فيتم حسب ميزانية محددة، علاوة على الهبات التي تتحصل عليها من الخواص، وهي في الحقيقة نادرة، إلا أن المكتبة نالت عددا لا بأس به من الكتب خلال التظاهرات الثقافية الكبرى التي نظمتها الجزائر، وبالأخص تظاهرة ”الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007”، كما تعرف المكتبة اهتماما من طرف طلبة علم المكتبات الذين قدموا أكثر من أطروحة عليها. وتحتوي المكتبة على قاعة للمطالعة تتسع ل 180 قارئا، فضلا على قاعة للسمعي البصري تهتم بتدريس اللغات الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية والألمانية، كما تتوفر المكتبة على قاعة للمحاضرات تحتضن دور النشر كل يوم أربعاء. وتعتبر مكتبة قصر الثقافة نموذجية، كما أن عمالها قاموا بتكوين مكتبيين من مكتبات أخرى، خاصة المكتبات البلدية مثل؛ مكتبة سيدي فرج، القبة وبرج الكيفان، كما أن بعض مكتبيي القصر انتقلوا إلى ولايات أخرى لنفس الغرض. كما يمكن لغير المنخرطين في المكتبة من مطالعة كتب هذه الأخيرة، وحتى مجلاتها الكثيرة، بيد أن المكتبة تضم قسما للمكفوفين حيث تتوفر على كتب ومصاحف للبراي وغيرها، وفي هذا السياق، أطلق بعض عاملي المكتبة نداء لكل من يملك نطقا جميلا للتبرع بصوته من خلال تسجيل قراءاته للكتب.