لقد تساءلنا دوما عما إذا كان بالإمكان أن تجري مباربات البطولة الوطنية بمختلف مستوياتها بدون حضور الشرطة وفي ظروف خالية من أعمال العنف والتجاوزات، التي شكلت لسنوات طويلة مشهدا مخيفا عانينا منه وتحول إلى كابوس أصبح يرعب كل الفاعلين الرياضيين من لاعبين، حكام، مسيرين ومناصرين وحتى المواطنين العاديين الذين أصبحوا يتجنبون المرور بجانب الملاعب التي تحتضن المباريات خوفا من الوقوع تحت سطوة المشاغبين. والآن وبعد أن بدأ التفكير بجد في إمكانية إجلاء الشرطة من الملاعب، ينبغي على الجميع الاستعداد للتعود على هذا الوضع الجديد بفتح آفاق جديدة لمسألة تنظيم المباريات وجعلها خالية من كل ما يعكر أجواءها ويفسد أعراسها، وذلك من خلال تثمين قرار سحب الشرطة من هذه الأماكن وتقدير بعده الحقيقي الذي يحمل في طياته بالدرجة الأولى الالتزام بالسلوك الحضاري والإقلاع بصفة نهائية عن الوضع السابق الذي جعل جزءا كبيرا من الجمهور الرياضي ينفر من الملاعب بعدما كان يقصدها في الستينات والسبعينات وحتى بداية الثمانينات من أجل الاستمتاع بفنيات كرة القدم، التي كانت تجسد في تلك الفترة الروح الرياضية الحقيقية، فقد كنا نصفق للفائز والمنهزم والجميع يغادر مدرجات الملعب في أجواء هادئة وخالية من أي تشنج، وهي الصور التي نشاهدها اليوم في كثير من ملاعب العالم. غير أن انسحاب الشرطة من الملاعب لا يعد كافيا لمحو العنف منها إذا لم تسارع السلطات العمومية المكلفة بقطاع الرياضة إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات منها بالدرجة الأولى، إنشاء شركات تتكفل بتكوين أعوان مختصين في تنظيم الأمن داخل الملاعب، فضلا عن ضرورة قيام الأندية بإعادة النظر في كيفية إنشاء لجان الأنصار من خلال منح عملية تنظيم وتأطير الجماهير الرياضية إلى أشخاص واعين بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم.