تأسف السيدة سامية سعودي للطريقة التي يتم بها تذكر المعاق عشية الاحتفال بعيده الوطني، حيث قال: “تقوم كل الهيآت والجمعيات التي تعنى بالتكفل بانشغالات هذه الشريحة، بتنظيم حفل يرقص فيه المتهلف ذهنيا، ويصفق فيه المعاق حركيا، وتوزع فيه بعض الهدايا، على غرار الكراسي المتحركة والعكاكيز، لينتهي اليوم ويعود إلى حياته الشاقة التي يصارع فيها لكسب بعض الحقوق من المحسنين الذين بات عددهم قليلا”، التقت “المساء” بالسيدة سامية رئيسة جمعية المعاقين حركيا “نجمة” بمقر جمعيتها بباب الزوار، وحول واقع المعاق والتحديات التي لا تزال تقف عائقا أمام تحصيل أبسط حقوقه، عدنا لكم بهذا الحوار. “المساء”: بداية ونحن نحتفل باليوم الوطني للمعاق، كيف تقيّمين واقع هذه الفئة؟ سامية سعودي: قبل الحديث عن واقع المعاق، أرغب في التوضيح أنني معاقة، تعرضت لحادث مرور جعلني حبيسة الكرسي المتحرك، غير أن التكفل الصحي الذي خضعت له، ومساعدة الناس، جعلني أستغني عن الكرسي، وأعتمد على العكازين، ليبدأ مشواري في مجال الدفاع عن حقوق هذه الفئة من خلال تقديم المساعدة لهم، أي من باب الإنسانية، على اعتبار أنني أصبحت أنتمي إليهم، وأشعر بمعاناتهم، وتحديدا المعاقين حركيا، لأكوّن جمعيتي في 2007، ومنذ ذلك الوقت وإلى غاية اليوم، لا أشعر أن هذه الفئة تعرف تحسنا، بل بقيت نفس انشغالاتها ولم يتغير أي شيء، كما أن قانون المعاق لم ينعكس بالإيجاب علينا، بل ظل حبرا على ورق.
قلت؛ إنك أسست الجمعية لمساعدة المعاقين حركيا، لما اخترت هذه الفئة بالذات؟ في الحقيقة، الإعاقة الحركية التي تعرضت لها جعلتني أشعر بحجم المعاناة التي تعيشها هذه الفئة في ظل غياب المسلكية والمرافقة الاجتماعية، وما إلى ذلك من صعوبات في ما يخص تلبية الاحتياجات الخاصة، غير أنني اليوم أشرف على تقديم المساعدة ل 420 معاقا أيا كانت إعاقته، سواء أكان كفيفا، أو متخلفا ذهنيا، أو معاقا حركيا، ولا أخفي عليكم أنني لا أستطيع رفض مد يد العون لأي شخص يطلب المساعدة، ولعل هذا ما جعل المعاقين وذويهم يترددون على جمعيتي لطلب مدهم ببعض المساعدات، على غرار تقديم الحفاظات، الكراسي المتحركة، والعكاكيز.
من أين تتلقى جمعيتكم دعمها؟ من غير المحسنين، لم أتلق أي مساعدة من أي جهة، علما أن المحسنين في حد ذاتهم بات عددهم قليلا، ولا يظهرون إلا ببعض المواسم، على غرار شهر رمضان وبعض الأعياد الدينية، وما يغفلون عنه هو أن المعاق شخص محتاج على مدار السنة.
إلى ما ترجعين انحصار المساعدات على المواسم والأعياد؟ غياب الثقة بالحركة الجمعوية في المقام الأول، وأعتقد أيضا أن المواطن الجزائري أضحى اليوم أكثر وعيا مما مضى، لذا نجده يتعامل بحذر عندما يتعلق الأمر بتقديم المساعدات في ظل تفشي نوع من التلاعب لدى بعض الجمعيات التي حصلت على الاعتماد، الأمر الذي أثر على باقي الجمعيات التي تعمل في سبيل إدخال الفرحة على قلوب هذه الشريحة المحتاجة.
تأسفت على الطريقة الاحتفالية التي يتم تذكر المعاق بها، لماذا؟ على الرغم من أنني أتقلى صعوبات جمة ليتسنى لي الظفر بقاعة في فندق محترم، أقيم فيها حفلة رمزية لذوي الاحتياجات الخاصة من التابعين لجمعيتي، بغية إدخال الفرحة على قلوبهم، غير أنني أشعر بالخجل الشديد، لاسيما وأنني على يقين أن هذا الحفل لا يساهم في حل مشاكلهم التي تتعقد يوما بعد يوم، في ظل منحة هزيلة لا تسد الرمق، وقانون حيكت مواده لتظل حبيسة الأدراج.
ما الذي تطلبينه، كرئيسة جمعية، بمناسبة اليوم الوطني للمعاق؟ أقول وأكرر، المنحة التي تقدم للمعاق لا تزال ضعيفة، فمبلغ 4000 دج لا يلبي احتياجاته، وما يزيد الطينة بلة، أنه يتلقى منحة متأخرة بعدة أشهر، إلى جانب ضرورة إعادة النظر في حق الرضيع المعاق بالمنحة، وذلك بأن تمنح له منذ ولادته، لأن الأولياء عادة يقفون عاجزين عن التكفل به إلى غاية بلوغه سن ال 18 سنة، وهو السن الذي يمكنه من الحصول على المنحة، في ظل غياب دور المساعدة الاجتماعية التي من الفروض أن تتكفل بحل بعض مشاكل هذه الفئة.
إذن، تتهمين المساعدة الاجتماعية بالتقصير في أداء دورها الاجتماعي؟ من المفروض أن نجد المساعدات الاجتماعيات حاضرة بالمستشفيات، على مستوى الجمعيات ومصالح البلدية، غير أن ما يحدث في الواقع غير ذلك، إذ نجد المساعدة الاجتماعية غائبة تماما، خاصة عندما يتعلق الأمر بذوي الاحتياجات الخاصة، وما يعانون منه لاستخراج بعض وثائقهم لإعداد بطاقة المعاق، بسبب كثرة الوثائق المدرجة في الملف، والتي تجعلهم يعجزون عن تأمينها بسب صعوبة التنقل، وما إلى ذلك من مشاكل البيروقراطية.
كلمة أخيرة؟ أرأس الجمعية منذ سبع سنوات، وأشعر أن المعاق يعيش حالة من التهميش تزيد من معاناته، لذا أناشد الجهات المعنية بالتدخل والتكفل بحالته التي أتعبته، ولم يتمكن حتى من تحصيل حقوقه البسيطة ليتجه للأسف نحو التسول.