أجمع وزراء التربية والتعليم العالي والبحث العلمي لدول اتحاد المغرب العربي على ضرورة الإسراع في تجسيد التوصيات التي خرجت بها دورات المجلس الوزاري المغاربي وإعادة تفعيل بعض المؤسسات التي تم إنشاؤها منذ 1990 لاسيما الجامعة والأكاديمية المغاربيتين للعلوم ومقرهما ليبيا، وذلك من أجل رفع مستوى القطاع بدول الاتحاد بصفته أحد أهم القطاعات في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة. وأكد الوزراء أن دول الاتحاد تتوفر على كفاءات عالية تصنع اليوم نجاحات العديد من دول أوروبا التي تستغلهم على أعلى مستوى، مشيرين بالمناسبة إلى أن هذا القطاع الحيوي والهام لا يزال ضعيفا في البلدان المغاربية. وأكد وزير التعليم العالمي، السيد رشيد حراوبية، خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة الحادية عشر للمجلس الوزاري المغاربي للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي الذي انعقدت أمس بإقامة الميثاق، أن هذه الدورة سترتكز على تحديد الأولويات في مجال البحث العلمي وكذا التعليم في جانبه النوعي، مشيرا إلى أن هناك رهانا مطروحا على الجامعات المغاربية وهي كيفية جمع كل الجهود المبذولة على مستوى كل هذه الجامعات والسماح لها بالتقدم إلى مجموعة من المناقصات التي تعلن بأوروبا خاصة في مجال البحث العلمي، بعروض مشتركة لكي تفوز بها. ويرى حراوبية أن للجامعات المغاربية نفس الانشغالات فيما يتعلق بالبحث العلمي، خاصة في القطاعات ذات الأولوية كالفلاحة والصحة التي سيتركز التباحث حولها في هذه الدورة، بالإضافة إلى العمل على إعادة بعث بعض المؤسسات المغاربية وتقييم ما أنجز لتصحيح السلبيات وتثمين الإيجابيات من أجل إعادة بعثها من جديد. وأوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي في كلمته أمام المشاركين أن النظم التربوية في البلدان المغاربية، رغم الأشواط التي قطعتها لتحقيق عدد من المؤشرات الكمية لاسيما ما تعلق منها بمعدلات التمدرس ونسب الالتحاق بمختلف الأطوار التعليمية، تواجه تحديات النوعية التي باتت محط اهتمام بارز، ليس فقط لدى الفاعلين في الميدان التربوي، بل لدى المجتمع بأسره مما يستدعي امتلاك مقاربات مبتكرة في مجال الطرق البيداغوجية والتعليمية تأخذ في الحسبان المفاهيم الجديدة المتعلقة بالمهارة والجودة وغيرها. وتواجه منظومة التعليم العالي في البلدان المغاربية –يضيف السيد حراوبية– تحديا رئيسيا يتمثل في الاستجابة للطلب الاجتماعي المتنامي على التعليم الجامعي الذي أدى إلى تزايد غير مسبوق لعدد الطلبة ومتطلبات ضمان تكوين نوعي يتوافق مع المقاييس الدولية ويستجيب لاحتياجات سوق العمل. وأوضح حراوبية في هذا السياق أن ربح هذه الرهانات ورفع تلك التحديات يتطلب تضافر الجهود وتجميع القدرات المتاحة في الأنظمة التربوية المغاربية ووضعها في خدمة العمل المشترك. وشدد المتحدث بالمناسبة على أن الجامعة التي تصبو إليها الدول المغاربية لا يقتصر دورها على الوظيفة التعليمية التلقينية بل يتعداها إلى إرساء الحكامة وإشاعة الممارسات الحسنة واعتماد نظام مرجعي متكامل لإدارة الجودة، داعيا إلى ضرورة بناء فضاء مغاربي للتعليم العالي والبحث العلمي متفتح على الفضاءات الإقليمية والدولية يمكن من توحيد سلم الدراسات الجامعية ومن وضع إطار مرجعي للاعتراف بالمؤهلات ويعمل على التقريب بين المناهج الدراسية والمسافات التعليمية لمسالك التكوين المتماثلة. من جهته، أكد رئيس الدورة الحالية وزير التربية والتعليم الليبي، السيد علي مفتاح أعبيد، بأن بناء وتفعيل مؤسسات التعليم العالي للمغرب العربي ليس بالشيء الصعب بالنظر إلى العوامل العديدة المشتركة بين دول المنطقة، وهو ما أكده وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي السيد منصف بن سالم الذي حث من جهته على إعطاء دفع قوي لمختلف التوصيات الصادرة عن اللجان المختصة في مجال التعاون المغاربي المشترك في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، أما الوزير المغربي للتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، السيد لحسن الداودي، فدعا الدول المغاربية إلى أن تكون ضمن قاطرة التقدم من خلال إرساء تعاون علمي وتكنولوجي حقيقي فيما بينها وتجسيد مختلف التوصيات الصادرة عن اللجان المتخصصة للمجلس الوزاري منذ سنة 2000. أما الوزير الموريتاني المنتدب لدى وزير الدولة للتهذيب الوطني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتعليم الأساسي، السيد حامد ولد حموني، فأكد أن ترقية التعليم العالي في منطقة المغرب العربي يتطلب أولا استعراض عمل المجلس على ضوء المعطيات الحالية قصد تحديد آفاق التعاون الفعلي والفعال بين البلدان المغاربية. من جهته، أكد الأمين العام لإتحاد المغرب العربي، السيد الحبيب بن يحيى، أن اجتماع الجزائر ينعقد في ظرف خاص تزداد فيه حاجة الشعوب المغاربية إلى تعليم جيد وتكوين نوعي من أجل تأمين ذاتها ومستقبلها وأعاب بالمناسبة ضعف أداء البحث العلمي. ولم يفوت بن يحيى الفرصة لدعوة المسؤولين المغاربة على مستوى قطاع التعليم العالي إلى تفعيل ودعم الجامعة المغاربية والأكاديمية المغاربية للعلوم الواقع مقرهما بليبيا.