أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي رشيد حراوبية اليوم الأربعاء، بالجزائر العاصمة أن منظومة التعليم العالي في البلدان المغاربية تواجه تحدي الاستجابة للطلب الاجتماعي المتنامي على التعليم الجامعي وبين متطلبات ضمان تكوين نوعي يراعي القياس الدولي ويستجيب لاحتياجات السوق. وأوضح حراوبية في كلمة له في افتتاح الدورة ال11 للمجلس الوزاري المغاربي للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي أن مواكبة هذه التحديات يتطلب "تضافر الجهود وتجميع القدرات المتاحة في الأنظمة التربوية والأنساق التعليمية المغاربية ووضعها في خدمة مسار العمل المغاربي المشترك". وإعتبر الوزير أن تشبيك المؤسسات التربوية المتناظرة والمؤسسات الجامعية المغاربية "يعد خطوات ضرورية ضمن هذه السيرورة". ولان الثروة الحقة هي الثروة المعرفية باعتبارها أساس كل تنمية مستدامة اعتبر ذات المسؤول بان البحث العلمي والتكنولوجي "يقع في قلب هذه الإشكالية" مؤكدا بأن "تشبيك مراكز البحث العلمي المتناظرة في البلدان المغاربية يعد مقدمة يمليها كل مسعى يرمي إلى إرساء أسس تعاون جاد في هذا المجال". و أضاف بأن هذا المسعى "سييسر لا محالة" عمل الباحثين ويمكنهم من وضع برامج بحثية مشتركة حول موضوعات ذات أولوية على غرار الفلاحة والمياه والطاقات المتجددة والبيوتكنولوجيا وتكنولوجيا النانو. وشدد حراوبية بالمناسبة على أن الجامعة التي تصبو اليها الدول المغاربية هي لا يقتصر دورها على الوظيفة التعليمية التلقينية فحسب بل يتعداها الى إرساء الحكامة الراشدة وإشاعة الممارسات الحسنة واعتماد نظام مرجعي متكامل لادارة الجودة. وعلى هذا الأساس فان التعاون بين البلدان المغاربية في مجال تثمين نتائج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي يستدعي اعتماد الآليات المناسبة لتبادل الخبرة والتجربة حسب الوزير. و أكد أيضا على أن العمل المغاربي في هذا المجال "ينبغي أن يفضي إلى تأسيس قوة فاعلة مشتركة ذات قدرة تنافسية كفيلة بالظفر بعدد من العروض التي تتيحها الفضاءات والبرامج الإقليمية والدولية الأخرى على غرار البرنامج الأوروبي الاطاري الثامن للبحث التطويري". ودعا وزير التعليم العالي في ختام تدخله الى ضرورة بناء فضاء مغاربي للتعليم العالي والبحث العلمي "متفتح على الفضاءات الاقليمية والدولية ويمكن من توحيد سلم الدراسات الجامعية ومن وضع إطار مرجعي للاعتراف بالمؤهلات ويعمل على التقريب بين المناهج الدراسية والمساقات التعليمية لمسالك التكوين المتماثلة". وفي تدخله أكد رئيس الدورة الحالية وزير التربية والتعليم في دولة ليبيا علي مفتاح أعبيد بان بناء وتفعيل مؤسسات التعليم العالي للمغرب العربي ليس بالشيء الصعب بالنظر إلى العوامل العديدة المشتركة بين دول المنطقة. ودعا في هذا الإطار إلى "بذل قصاري الجهود" لتحويل تطلعات طلبة وأساتذة المغرب العربي في التعاون والتبادل والتكامل إلى حقيقة ميدانية في اقرب الأوقات. وحث وزير التعليم العالي و البحث العلمي التونسي منصف بن سالم من جهته إلى إعطاء "دفع قوي" لمختلف التوصيات الصادرة عن اللجان المختصة في مجال التعاون المغاربي المشترك في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي. وذكر في هذا الشأن بالأهمية "الاستراتيجية" التي يكتسيها التعليم العالي في التنمية المستدامة مشددا على ضرورة "ضمان الجودة" في مؤسسات التعليم العالي المغاربية وعدم الاقتصار على الانتشار الكمي لها. و دعا الوزير التونسي أيضا الى "الرفع" من نسبة المخصصات المالية الموجهة لقطاع البحث العلمي مؤكدا بأن على المعنيين بالقطاع "إعطاء دفعة قوية جديدة" لمجال البحث العلمي حتى يواكب مستجدات العولمة. أما الوزير المغربي للتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطرالسيد لحسن الداودي فقد أكد بأن على الدول المغاربية أن تكون ضمن قاطرة التقدم من خلال ارساء تعاون علمي وتكنولوجي حقيقي فيما بينها وتجسيد مختلف الصادرة عن اللجان المتخصصة للمجلس الوزاري منذ سنة 2000 . وركز في كلمته أمام نظرائه المغاربيين على اهمية ان تساير الجامعات المغاربية متطلبات سوق الشغل بل تساهم في تحريكه لانها تتحمل جزء من مسؤولية تطوير المجتمعات وترقيتها الى مستوى التنمية التي تأملها هذه المجتمعات. ودعا الداودي الى إشراك الجامعة على مستوى الدول المغاربية في مسار التنمية المستدامة . مجال البحث العلمي أكد الوزير المغربي بان المشكل الذي يعاني منه هذا القطاع ليس في قلة الإمكانيات المرصودة له بل في عدم توفر الإرادة اللازمة مشيرا في ذات الوقت الى ان الأهم في الوقت الحالي هو "ان نضع الجامعة والبحث العلمي خصوصا في قلب التنمية". وبالنسبة للوزير الموريتاني المنتدب لدى وزير الدولة للتهذيب الوطني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتعليم الأساسي حامد ولد حموني فان ترقية التعليم العالي في منطقة المغرب العربي يتطلب أولا استعراض عمل المجلس على ضوء المعطيات الحالية قصد تحديد آفاق التعاون الفعلي والفعال بين البلدان المغاربية. ويرى الأمين العام لإتحاد المغرب العربي الحبيب بن يحيى بأن اجتماع الجزائر "ينعقد في ظرف خاص تزداد فيه حاجة الشعوب المغاربية الى تعليم جيد وتكوين نوعي من اجل تامين ذاتها ومستقبلها". وذكر بن يحيى بأن التعليم في اتحاد المغرب العربي يشكل "أولوية ورهانا كبيرا ما زالا بعيدا التحقيق" داعيا في ذات الوقت الى "ضرورة مراجعة المناهج والبرامج التعليمية في دول المنطقة بالنظر الى عدم ملائمتها في سوق العمل". وأعاب المسؤول بالمناسبة ضعف أداء البحث العلمي الذي ما زال --حسبه-- "متواضعا" مشددا في نفس السياق على أنه "لا مناص للدول المغاربية من العمل المشترك والتعاون والتنسيق فيما بينها". ولم يفوت بن يحيى الفرصة ليدعو المسؤولين المغاربة على مستوى قطاع التعليم العالي الى تفعيل و دعم الجامعة المغاربية والاكاديمية المغاربية للعلوم الواقع مقرهما بليبيا . تجدر الاشارة الى ان أشغال المجلس الوزاري التي تجري في جلسة مغلقة من المنتظر ان تختتم في وقت لاحق بصدور توصيات والتوقيع على محضر اللقاء.