يحضّر الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة للاحتفال بالذكرى الأربعين لتأسيسه، إذ سطر برنامجا احتفاليا متميزا، سيكون مصادفا لليوم العالمي للملكية الفكرية الشهر المقبل. فحسب المدير العام للديوان السيد سامي بن شيخ، سيتم تتويج هذه الاحتفالية بتنظيم الصالون الأول الوطني للابتكار والإبداع من 25 إلى 29 أفريل الداخل، علاوة على مجموعة من الأنشطة تحدّث عنها في هذا الحوار، وكشف عن القانون الذي ستصدره وزارة الثقافة قريبا، والمتعلق بالجانب الاجتماعي والصحي للفنانين والمؤلفين، كما تطرق للتطور الملفت الذي عرفه الديوان منذ إنشائه، الأمر الذي جعل الجزائر من بين أهم الدول المهتمة بالقطاع على المستوى الإفريقي والعربي، وطمأن بالمناسبة عن عزم الديوان على تسليم المستحقات المتخلفة لحقوق المؤلفين والفنانين في شهر جوان المقبل. أكد المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة السيد سامي بن شيخ، أن قطاعه يشهد تطورات على أكثر من صعيد، وعرف الهيكل التنظيمي تعديلات هامة، فاليوم الديوان يضم مجلسا للإدارة منتخب فيه ممثلون عن فنانين من مختلف الأشكال الفنية والثقافية على غرار المسرح، السينما والموسيقى، وكذا الأدب، وأصبح هناك حكامة تنهل من شفافية الديمقراطية لكل الأعضاء الفنانين حتى إنهم يشاركون في تسيير أنشطة الديوان، وأفضى أنه في الوقت نفسه، ومن خلال مجلس الإدارة، تسجَّل أعمال وأنشطة الديوان في الموقع الإلكتروني، الأمر الذي يسمح للجميع بالوقوف على المجهودات المبذولة، مسجلا أن هذه العملية تُعد تجربة منفردة للجزائر عربيا وإفريقيا، فقد وصلت إلى مستوى عال من الشفافية.
لمحة عن تاريخ الملكية الفكرية في الجزائر أعطى مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة لمحة عن تاريخ حماية الملكية الفكرية في الجزائر، وقال إنها بدأت منذ أيام الاحتلال الفرنسي، وكانت السلطات الفرنسية مهتمة بهذا الجانب، ففتحت مكتبا لحقوق المؤلف، والمكتب نفسه كان يشتغل على حماية حقوق المؤلف الإفريقي. وقال المتحدث إن نشاط حقوق المؤلف في الجزائر ليس وليد اليوم، وإن للجزائر تقاليدها. في سنة 1962 بعد رحيل الاحتلال بقي المكتب ساري العمل إلى غاية سنة 1973، حيث تم إصدار نصين، الأول يتعلق بحماية حقوق المؤلف والثاني يتعلق بإنشاء الديوان الوطني لحقوق المؤلف، وقد تأسس في ظروف مواتية، ونص 1973 كان منبثقا عن اتفاقية برن لحماية المؤلفات الأدبية والفنية، بعدها في سنة 1997 جاء تشريع آخر بتعديلات كثيرة، منها إدخال الحقوق المجاورة والنسخة الخاصة، وضاعفت في العقوبات، وأصبحت أكثر صرامة للاعتداءات على حقوق المؤلف سواء كان تقليدا أو القرصنة، وهو نص مطابق لبنود اتفاقية روما المتعلقة بحماية الفنان المؤدي، والمنتجين للأعمال الفنية والسمعية البصرية. وفي سنة 2000، شُرع في حماية الحقوق المجاورة، وكانت الجزائر من بين الأوائل في إفريقيا من طبّق الحقوق المجاورة بنص قانوني تشريعي واضح، وكذلك النسخة الخاصة، التي تساهم في مداخيل الديوان ب 70 بالمائة، الأمر الذي سمح أن تمتلك صحة مالية جيدة لفائدة المؤلفين والفنانين. واسترسل المتحدث في عرضه، ووقف عند سنة 2003، حيث صدر قانون جديد يتمحور دوره في تعزيز القانون الجزائري بإجراءات مطابقة مع معطيات المنظمة العالمية للتجارة، والجزائر، كما هو معلوم، تحاول الانضمام للمنظمة (السيد بن شيخ عضو في اللجنة الوطنية المكلفة بالتفاوض)، ومن بين ما يطرحونه من مشاكل حقوق الملكية الفكرية، فهم يعتقدون أن الجزائر لا تحترم الملكية الفكرية، وتروّج للقرصنة، والتقليد، وأن القوانين المتعلقة به غير صارمة، لذلك في 2003 عُدل القانون ليكون أكثر صرامة وأكثر وضوحا، ليكون مطابقا للمعايير المعمول بها على المستوى الدولي.
تسليم مستحقات الفنانين العالقة شهر جوان المقبل واصل السيد بن شيخ الحديث عن واقع نشاط الديوان، وأكد أنه في هذا العام قام بتسوية وضعية المؤلفين والفنانين التي كانت متخلفة 8 سنوات؛ بسبب عدم قدرته على متابعة كل الأنشطة على مستوى الإذاعات والتلفزيون، والناتجة عن تأخر تقارير قاعدة المعطيات بالمقارنة مع السرعة التي أُنشئت فيها الإذاعات المحلية، ولكنه في أفريل الماضي تم تسليم مستحقات بلغت 40 مليار سنتيم، وفي آخر السنة سُلم 24 مليار سنتيم. وأعلن المتحدث عن دفع القسط الأخير من المخلّفات العالقة شهر جوان المقبل، وصرف كل الحقوق المتأخرة، بما فيها الموسيقى المستعملة لدى متعاملي الهاتف النقال.
التعاون مع الشرطة أعطى نتائج مضاعفة في القضاء على القرصنة وتابع السيد بن شيخ قوله إن الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وعبر مسيرة حافلة عمرها أربعة عقود، يتجه الآن لمحور محاربة القرصنة وخلق جو تشاوري، إذ يتعاون مع مديرية التجارة والمديرية العامة للأمن الوطني منذ أكتوبر الماضي، حسب الاتفاقية المبرمة بين الأطراف. وخلال هذه المدة ظهرت نتائج في الميدان زادت ب 4 حتى 5 أضعاف، وذكر أنه في الأسبوع المنصرم تم حجز 14 ألف قرص مقلد ببوفاريك، وفي الشلف 26 ألفا، وبأقبو 18 ألفا، حسبما أوردته تقارير عن الفرق المراقبة التابعة للوكالات الجهوية ال14 للديوان الموجودة عبر الوطن. وبعد أن جدّد تأكيده على أن تتدخل أعوان الشرطة سهّل من مأمورية مصالح المراقبة، وكشف أنه خلال الأسبوع الأول من أفريل الداخل، سيوقّع الديوان اتفاقية أخرى مشابهة مع الدرك الوطني.
عملية إتلاف ثانية للأقراص المقلَّدة شهر جوان كشف المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة عن عملية إتلاف ثانية للأقراص المقلّدة للأفلام أو الأغاني. وكانت العملية الأولى قد فاجأت الجميع وبرهنت على أن اعتقادهم كان خاطئا بخصوص الحماية الأدبية والفنية، وكسر النظرة الدونية التي يرمقها الغرب للجزائر. وتحدّث المصدر عن العملية الأولى التي تم تقديمها في سويسرا أثناء الجمعية العامة لسفراء الأممالمتحدة، والفيلم فيه خطاب الوزيرة، حيث أبدت التزام الجزائر بمكافحة كل أشكال الاعتداءات على الملكية الفكرية والأدبية والفنية، مشيرا إلى أن أول خطاب قوي هزّ الاجتماع وأبهر الجميع، وشاهدوا العملية، وأضاف: ”إن هؤلاء لا يعترفون إلا بالأدلة الملموسة حتى يحترموننا”. وفي هذا السياق، كشف المتحدث أن الديوان سيراهن هذه السنة على الترويج الإعلامي؛ إذ يجب أن نتحكم في هذا المجال من أجل تنوير الرأي العام بنشاط الديوان الكثيف وتحسيس الناس به.
احتفالية ضخمة بمناسبة الذكرى ال40 لإنشاء الديوان قرر الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الاحتفال بالذكرى الأربعين لتأسيسه بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية، المصادف ليوم 26 أفريل، وتم الاتفاق مع وزارة التربية الوطنية بتخصيص درس يوم الخميس 25 أفريل للملكية الفكرية في كل المؤسسات التعليمية بالجزائر. والعملية قال عنها السيد بن شيخ إنها سابقة في العالم ولم تقم أي دولة بمثل هذه المبادرة، وقد أعطى بشأنها وزير التربية تعليمة إلى كل مديريات التربية لتنفيذ الاتفاقية، مشيرا إلى أنه تم التحضير للدرس على ثلاثة مستويات، هي الابتدائي، الإكمالي والثانوي، كما سيتم إصدار طابع بريدي يخلّد المناسبة. والأكثر من ذلك، كشف مدير الديوان أنه في الفترة ما بين 25 و29 أفريل، سينظم الديوان ”الصالون الأول الوطني للابتكار والإبداع” في ساحة رياض الفتح، وسيتم نصب خيم، ودعوة دور نشر للكتب والموسيقى، وسيستضيفون بدورهم فنانيهم ومؤلفيهم، وفتح فضاء للبيع بإهداء، وسيأتي بمسرح الشارع كذلك. وقال إنه طيلة أيام الصالون ستكون هناك عروض متنوعة لمجموعة من الممثلين والموسيقيين والفنانين الشباب، من خلال بعض الفرق الواعدة. ومن أجل توسيع نطاق الاستمتاع بالاحتفالية، جنّد الديوان 5 حافلات تقوم يوميا بإحضار قسم من أقسام الثانويات المختارة، وعددها 28 ثانوية.
اتفاقية تجمع وزارتي الثقافة والتضامن الاجتماعي لفائدة الفنان أعلن السيد بن شيخ أن قانونا سيعزّز الحماية الاجتماعية للفنان سيصدر قريبا، هو ثمرة اتفاق سيبرَم بين وزارتي الثقافة والعمل والضمان الاجتماعي، موضحا أن الفنانين الجزائريين لا يصرحون بأعمالهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي رغم أن طيلة مشوارهم الفني كانوا نشطين في عملهم ولم يفكروا، للأسف، في مستقبلهم من خلال التقرب إلى شبكات هذا الصندوق ودفع اشتراكات رمزية بالمقارنة مع مداخيلهم. وقال متأسفا: ”هناك فنانون بلغوا سنا لم يعودوا فيه قادرين على الإنتاج مثل السابق، وهم فنانون كبار ومعروفون، الآن يرسلون لنا وصفات طبية لمساعدتهم على شراء الدواء، هذه هي مأساتنا وليس هناك هذا الميكانيزم لدى فنانينا”. وفي هذا الصدد أكد أن القانون الذي سوف يصدر عن وزارة الثقافة سيعوّض الفنانين، وسيُلزم كل مبدع بتوقيع عقد عمل ملزم بالتصريح في صندوق الضمان الاجتماعي. والديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة لديه آلياته الخاصة، (ليست لها علاقة بعمل وزارة الثقافة)، مخصصة للفنانين والمؤلفين الأعضاء في الديوان؛ حيث يقف مع من يمر بظروف صعبة من الناحية الصحية، وضرب مثالا بالممثل حزيم، الذي دخل مؤخرا في أزمة صحية صعبة، فعلاوة على الزيارة التي قام بها مدير الديوان تم منح المال لعائلته، وشراء جهاز تنفسي، وتقوم مصالح الديوان بالشيء نفسه مع باقي الفنانين على غرار محمد عنڤر وشريفة وآخرين.
الوزيرة هي من قررت تحويل ميزانية التكريمات إلى ”لوندا” أوضح السيد بن شيخ أن وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي هي من قررت تحويل الميزانية المخصصة لتكريم أعمدة الأغنية الجزائرية، واختارت الديوان ليكون المتعامل لتقديم سلسلة التكريمات؛ إذ كانت العملية مخوَّلة سابقا لديوان رياض الفتح. وعن سؤال لماذا تخصيص التكريمات بالمغنين فقط؟ رد المتحدث أنه أمر يعود لاختيار الوزارة الوصية، وذكر بالمناسبة أن التكريم القادم سيكون للأغنية السطايفية، ثم يليه تكريم الشيخ غافور عميد الأغنية الحوزية بتلمسان، ثم تكريم الأغنية التارڤية، حيث سينشّط الحفل مجموعة من الشباب المبدعين ذوي مستوى عالمي لإحياء الحفل. وبالمناسبة، تطرق المتحدث لمسألة دعم الشباب المبدعين، التي تنقصها التحسيس والإعلام، فالديوان يقوم بالعديد من النشاطات لصالحهم، كاشفا أنه يدعّم بعض التظاهرات لبعض المؤسسات مثل القناة الثالثة وإذاعة ”جيل أف أم” والقناة الأولى وإذاعة تيزي وزو، من خلال اكتشاف المواهب الشابة وتسجيل ألبومات للفائزين.