سجّل مطرب الشعبي عبد الرزاق قنيف مجموعة من الأغاني التراثية في ألوان غنائية مختلفة لحفظ التراث وبطلب من وزيرة الثقافة. وتأسف عن الواقع الفني الذي وصفه بالصعب جدا بسبب استفحال القرصنة وتراجع ذوق الجمهور، الذي وصفه بالمشارك في مشكلة انحطاط الذوق الذي تعانى منه الساحة الغنائية حاليا، «المساء” استضافت قنيف ونقلت لكم رأيه في مختلف المتغيرات. المساء: ماذا عن جديدك الفني؟ عبد الرزاق قنيف: لقد قمت بتسجيل صندوق أو كوفري يضم مجموعة أغان من التراث الجزائري الضخم في كل من العروبي والحوزي، بطلب من وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، رفقة كوكبة من الفنانين لحفظ هذا الفن من الضياع، وتعريف الأجيال بإرث الأجداد.
مضت مدة لم تقدم فيها ألبوما جديدا، لماذا؟ للأسف إنه مشكل القرصنة الذي بات يترصد بنا من كل الجوانب، إذ يتعب الفنان في البحث عن الجديد، وما إن يصبح جاهزا يحمله شخص ما مولوع بالقرصنة والقفز على أعمال الغير، بحيث ينسخه ليعرضه للبيع بثمن بخس، ويفسد على الفنان والمنتج عملية البيع السليم للألبوم.
أنت مدرس الموسيقى أيضا، كيف الحال مع تلاميذك؟ (يضحك).. للأسف لم أعد مدرّسا، فقد تعبت من الاتجاه للتدريس بعدما اصبحت اجد القسم فارغا، هل أذهب لتلقين الجدران أبجديات الموسيقى والفن والعزف؟ لا أستطيع البقاء في مكان أتقاضى فيه مالا وأنا لا أقدم أي خدمة، فشباب اليوم لم يعودوا شغوفين بالموسيقى والفن، فالمسارح مثلا، التي كانت في السابق تستقطب جمهورا غفيرا، أصبحت تبحث عن متفرجين، فكثيرا ما يجد المسرحيون أنفسهم أمام جمهور مكوَّن من 5 أشخاص فقط! وإذا ما قمنا بعملية حسابية بسيطة نجد أن كاتب المسرحية قد استغرق سنة أو أكثر في كتابتها، والمخرج اجتهد في جمع الممثلين وتحضير الديكور وإعادة التدريبات لمدة 3 أشهر، ليصاب بالإحباط يوم العرض!
إذن هناك خلل؟! طبعا هناك خلل كبير، وأتحدى أي شخص يقول لي إن الفن بخير بكل روافده، فالذوق الفني تراجع كثيرا خلال السنوات الأخيرة.
بصفتك مطربا، من تحمّل المسؤولية؟! لقد تغير كل شيء، فرغم أن الكل يعرفون أني مطرب شعبي إلا أنني أصادف في بعض الحفلات والأعراس من يطلب مني تقديم أغنية رايوية! صراحةً، أحار ماذا أقول حينها!... أنا لست ضد مغني الرأي، لكن لكل واحد تخصصه، ولأن الأمر فاق الحدود والمعقول أصبحت أصطحب معي عدة آلات موسيقية إلى الأعراس، حتى أكون جاهزا للطلبات، وعلى رأسها علبة الريتم.
إذن ترى أن الجمهور مشارك في انحطاط الذوق؟! نعم إنها الحقيقة! وفي هذا الشأن بالذات أطلب من الجمهور العريف بالشعبي أن يسامحني على الانصياع لرغبة الفئة الكبيرة، ولكل من يريد الاستماع للفن الأصيل أن يحكم عليّ من خلال ألبوماتي وأعمالي المسجلة وليس على الحفلات؛ لأني مجبَر على ما أقدم.
هل لديك أمل في التغيير والعودة إلى الزمن الجميل؟ لا يمكن لأي شخص أن يُحدث التغيير بمفرده؛ إنه جهد جماعي، وأظن أن أساسه يعود لتدريب الجيل الجديد على الأذن الفنية النظيفة وعلى الفن الأصيل، فآباؤنا كانوا ذواقين للفنون، وحتى الملاعب كانوا يدخلونها وهم يرتدون أطقما كلاسيكية، فها نحن اليوم في أجواء تنذر بالخطر وبضياع الفن، ولم أشعر بالتضايق من هذا الأمر لكن الحمد لله، هناك ما يبشر بالخير، فوزيرة الثقافة تعمل على إحياء الفن الجزائري الأصيل من خلال تسجيل التراث وحفظه، وهذا ما يخدم الفن