أكد وزير الخارجية، السيد مراد مدلسي، أن حرص الجزائر على احترام آليات وبنود ميثاق الجامعة العربية، يقف وراء تحفظها على منح مقعد سوريا لائتلاف المعارضة السورية، كون ذلك لا ينسجم مع أحكام البند الثامن من ميثاق الجامعة"، مشيرا إلى أن "الجزائر لا تقبل تقسيم الشعب السوري". وأضاف السيد مدلسي في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية" الإخبارية، أن الجزائر تتمسك بموقفها الرافض لإقامة أي علاقات مع المعارضة السورية، مشيرا إلى أن هذا الموقف لن يتغير إلا إذا تغير النظام في دمشق برغبة من الشعب السوري. كما جدد وزير الخارجية التأكيد على مبدأ الجزائر القاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول حتى وإن كانت جارة أو شقيقة، مشيرا إلى أنها قبلت بصفة استثنائية فكرة الاندماج في مجموعة وزارية من أجل التوسط بين الأطراف السورية وتكريس التلاحم بين السوريين وليس السير في نهج تقسيم الشعب السوري. وهو الموقف الذي طالما عبرت عنه بلادنا منذ بداية الأزمة، مؤكدة على ضرورة التوصل إلى حل توافقي في هذا البلد، على غرار ما حدث في اليمن. والمشاركة في الحل بالمبادئ الثابتة ومشاركة دول الجوار في الحل النهائي "للازمة التي أصبحت تتجاوز الحدود السورية. كما حرصت الجزائر على ضرورة تفعيل المبادرة العربية لحل الأزمة السورية والرجوع إلى المفاوضات والاتصال المباشر بين الأطراف في هذا البلد، وفي هذا الصدد كانت قد تبنت في إحدى اجتماعات الجامعة العربية ورقة حل الأزمة التي تختلف عن الورقة الأصلية تماما والتي أبدت الجزائر رفضها بخصوصها باعتبارها تشجع التدخل الأجنبي . وفي هذا السياق، سبق لها أن رفضت تطبيق إجراء الجامعة العربية القاضي باستدعاء السفراء العرب المعتمدين في سوريا، انطلاقا من رؤيتها على ضرورة تعزيز العلاقات مع الحكومة السورية اليوم أكثر من أي وقت مضى. إضافة إلى أنها كانت قد امتنعت عن تأييد قرار الجامعة العربية بتجميد عضوية سوريا بالجامعة، ورفض قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أدانت فيه النظام السوري ضمن اثنتي عشرة دولة رفضت ذلك القرار. وتتمسك الجزائر بأن تكون المواقف من الأزمة السورية مبنية على معطيات كاملة كون بعض الدول تملك بعض المعلومات وأخرى لديها نصفها أو معلومات متناقضة، فالقضية السورية هي قضية معرفة الأوضاع وتحليل جيد لها، مشيرة إلى أن الشعب العربي قد يأخذ من الفضائيات الصور التي تغذي اليأس والغضب والإدانة، في الوقت الذي يتطلب فيه ذلك إظهار الحقيقة على أرض الواقع. من جهة أخرى، أشار وزير الخارجية في حديثه إلى أنه من الضروري أن تأخذ الجامعة العربية بعين الاعتبار التطورات التي لوحظت قبل الربيع العربي وأنه أمام الكثير من الدول المعنية بما يسمى بالربيع العربي اجتهاد مستمر لإنشاء قواعد اللعبة في حدودها الوطنية، مضيفا في هذا الصدد "لننتظر أن تستقر هذه الدول وتعطي لنفسها دستورا وحكومات ومؤسسات للخروج باقتراحات مسؤولة حتى تتكيف بصفة مستمرة وهادئة مع ما يسمى بميثاق الجامعة". من جهة أخرى، أعرب السيد مدلسي عن انشغال الجزائر بالأوضاع التي تعرفها مالي، مشيرا إلى أن الأهم في هذه الفترة هو أن يسترجع هذا البلد مؤسساته الشرعية كشرط مسبق وتكريس الوحدة التي مازالت تبحث عن نفسها، مؤكدا أن جهد الجزائر ينصب بصفة كلية من أجل هذه الوحدة، كون هذا البلد قد مر بمشاكل عديدة وخطيرة متعلقة بالتخلف الاقتصادي والاجتماعي وعدم التحكم في تسيير أمور الدولة، غير انه في المقابل أكد ضرورة قراءة الوضع في هذا البلد من زاوية متفائلة نوعا ما "لأننا على قناعة بأن هناك إرادة قوية من قبل الماليين حتى يسترجعوا وحدتهم من خلال الحوار فيما بينهم". وبخصوص العلاقات بين الجزائر والمغرب، أشار الوزير إلى أن هناك إرادة للارتقاء بمستوى العلاقات إلى أفضل مما هي عليه حاليا، مشيرا إلى أن الأمور تسير في هذا الاتجاه منذ عامين وأن هناك نوعا من الرضا على النتائج "ولو أننا نعتبرها كجزئية في طريق التكامل الكلي والتعاون الأوسع" يضيف السيد مدلسي.