أكد رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، السيد محمد الصغير باباس، أن الجزائر تعد من بين العشر دول الأولى الأكثر تقدما في مجال نزع الألغام المضادة للأشخاص. مشيرا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لنزع الألغام إلى أن المجلس بصدد التحضير لتقرير حول التنمية البشرية سيتم رفعه إلى رئيس الجمهورية قريبا، وبما أن الألغام تمثل تهديدا للسكان والعديد من المشاريع التنموية وجب بذل المزيد من المجهودات لنزعها وتنظيف الحدود من خطرها الذي يهدد سلامة المواطنين. مؤكدا أن الجيش الوطني الشعبي تمكن منذ الاستقلال من تدمير 75 بالمائة من الألغام عبر خطي "شال" و«موريس" ولايزال هناك الكثير من العمل خاصة وأن فرنسا ترفض لغاية اليوم تسليم خرائط وضع الألغام. وأشار السيد باباس الذي أشرف، أول أمس، رفقة الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المالك قنايزية، على افتتاح ملتقى حول "تنفيذ الجزائر لاتفاقية أوتاوا" بنادي الجيش، إلى أن الجزائر أحرزت تقدما كبيرا في تطبيق الرزنامة الدولية الخاصة بنزع الألغام المضادة للأفراد وذلك بفضل الجهود المتواصلة لقوات الجيش الوطني الشعبي، واهتمام وزارة المجاهدين بالضحايا من خلال تخصيص منح وإنشاء عيادات خاصة لهم، وأوضح أن الحكومة الجزائرية عملت منذ الاستقلال على بلورة تعاون شمل كل الفاعلين مع إعطاء كل الدعم للمجتمع المدني الذي ينشط في مجال الاهتمام بضحايا التفجيرات. كما تطرق السيد باباس إلى احترام الجزائر لتعهداتها تطبيقا لمعاهدة أوتاوا التي تنص على حظر استعمال وتخزين وإنتاج وتطوير ونقل الألغام المضادة للأفراد وتقضي بتدميرها سواء أكانت مخزنة أو مزروعة في الأرض. مضيفا بأن المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي بصفته جهازا استشاريا، من مهامه تقييم السياسة الوطنية العامة في شتى المجالات، هو مطالب بالاهتمام بعملية نزع الألغام من منطلق أن هذه الألغام تعتبر جريمة إنسانية تعيق تنمية الشعوب وتهدد أمنها وتطورها من الناحية الاقتصادية. من جهته، استعرض العقيد حسين غرابي، مدير المشروع الوطني لنزع الالغام، واقع عمليات نزع الألغام المضادة للأفراد منذ سنة 1963. مشيرا إلى أن الجزائر كانت لها خبرة 25 سنة قبل الانضمام لاتفاقية أوتاوا، وهو ما سمح بتدمير ما بين 1963 و1988 ما يزيد عن 7.8 ملايين لغم وتطهير 50 ألف هكتار. وانطلاقا من سنة 1974 قررت وزارة المجاهدين تخصيص 3526 منحة لضحايا الالغام في إطار الاهتمام بمصيرهم مع إنشاء عيادات طبية خاصة بهم مجهزة بأحدث التجهيزات الطبية في مجال الاعضاء الاصطناعية. في حين أكد المدير التنفيذي لمنظمة الحماية من الأسلحة وآثارها، السيد أيمن سرور، أن اتفاقية أوتاوا لحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد حققت على مدار أكثر من 15 سنة نتائج جد معتبرة بعد تراجع عدد ضحايا الألغام من 300 ألف ضحية سنة 1997 إلى 4500 السنة الفارطة، وذلك بعد ارتفاع عدد الدول المنضمة لاتفاقية أوتاوا إلى 161 دولة، وهو ما يمثل 80 بالمائة من مجموع الدول المعنية بإنتاج أو تسويق أو تواجد الالغام المضادة للأفراد على ترابها، في حين أشار السيد سرور إلى أن عدد الألغام المتبقية بالدول الاعضاء في الاتفاقية لا يزيد عن 5 آلاف لغم، وفي الفترة الاخيرة سجل استخدام هذه الالغام من طرف جماعات مسلحة بكل من ليبيا وسوريا. ويذكر أن الاحتفال باليوم العالمي هذه السنة بالجزائر اختير له شعار "غرس شجرة في مكان كل لغم" وبهذه المناسبة، شارك رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي رفقة إطارات من الجيش الوطني الشعبي وعدد من المجاهدين في عملية تدمير 107 ألغام بولاية سوق أهراس يوم الاربعاء الماضي، وبعين المكان أكد السيد باباس أن عملية نزع وتدمير الألغام تعتبر واجبا وطنيا. أعدت المنظمة غير الحكومية الإنسانية "الإعاقة الدولية" مخطط عمل للتصدي للألغام، حسبما صرحت به صاحبة هذا المشروع، السيدة سليمة رباح، التي أوضحت في مداخلة أمام الملتقي حول "مدى تقدم الجزائر في تطبيق معاهدة اوتاوا" أن مخطط العمل الممول من قبل الاتحاد الأوروبي يهدف إلى المرافقة الاجتماعية والترقية والتربية فيما يخص حقوق ضحايا الألغام ضد الأشخاص. أما فيما يتعلق بإجراءات الدعم، فأشارت المسؤولة إلى أهمية تعزيز قدرات الجمعيات والاستمرار في جمع المعطيات وتقييم الاحتياجات. من جهة أخرى، أكدت منظمة "الإعاقة الدولية" في بيان وزعته على الصحافة "أن الجزائر لا تزال تعاني من عواقب الألغام ضد الأشخاص حيث أن أكثر من 2,5 مليون من الألغام المضادة للأشخاص قد تكون مزروعة إلى حد الآن في الجزائر حسب تقديرات الحكومة". ويقوم المشروع على تعزيز التكفل باحتياجات الأشخاص في حالة إعاقة وحتى ضحايا الألغام وعائلاتهم من ناحية العلاج وإعادة التربية والاستفادة من الأجهزة وإعادة الإدماج الاجتماعي والمهني. ومن المقرر بعد الشروع في تنفيذ مشروع المخطط تكوين جمعيات ضحايا الألغام ضد الأشخاص والفاعلين المحليين في مجال تطور مفهوم المساعدة الموجهة للضحايا ومقاربات المنظمة غير الحكومية "الإعاقة الدولية" ذات الصلة بالإطار القانوني الدولي وتقنيات واليات المرافعة.